جلطة فى قلب وعقل مصر
إن مايحدث ونعيشه من عشوائيات فى كل ما يتعلق بحياتنا اليومية فى مصر والشلل النصفى الذى تعانيه السياسة بمفهومها العام الشامل سَبَبِ جلطة فى قلب مصر .
إنما أتكلم الآن عن السياسة الداخلية من مرور وشوارع مكتظة بالباعة الجائلين الذين افترشوا الأرصفة فى كل أرجاء مصر وخصوصًا المناطق الحيوية مثل أرصفة المترو من الداخل والخارج والشوارع الرئيسية فى وسط البلد بالكامل بأرصفَتِها مايقرب من ثلثى الشارع بما يكفى بالكاد لمرور سيارة فقط مما أصاب مصر بشلل مرورى تام ليس فقط فى المنطقة التى بها عشوائية الباعة الجائلين ولكن أيضًا فى جميع الشوارع الجانبية التى تعتبر مخرجًا طبيعيًا للمارة وللسيارات مثلما يحدث عندما يصاب الإنسان بجلطة دموية نتيجة تكاثف الدهون والكوليسترول فى عروق الجسم ويحدث جلطة فى جزء من العرق تعيق سير الدم لبقية أجزاء الجسم فيصاب الإنسان بالشلل التام .
وهذا ما لاحظته فى العشوائيات وبما تحويه من باعة جائلين ومحلات احتلت الأرصفة وجزء من الشارع لعرض بضائعها وهذا على حساب سير المرور والمشاة فتحدث الجلطة المرورية فى بقية الشوارع.
ربما يسأل أحد نفسه لماذا نحن من الشعوب المتخلفة حضاريًا ؟ والإجابة إنه لكى نكون من الدول المتقدمة أو التى فى طريقها إلى التقدم أو المتحضرة يجب أن نكون مثل التروس التى تُدير المواتيور تسير وتدور وفق جدول زمنى محدد وعدد من اللفات معروفة ومحددة لكل ترس طبقًا لحجمه فإذا حدث عطل فى سير التروس يكون الحل بمجرد النظر إلى حالتها نعرف السبب ومن هنا تأتى الحلول لتدور التروس كما كانت والتروس تدير بعضها البعض فى تناغم وانسيابية .
إنما مايحدث عندنا أنه ليس لنا تروس فما زلنا نستخدم الطرق القديمة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع . وزادنا الكلمات والشعارات والتى ماعادت هى الأخرى تؤثر فى النفوس فى هذا الزمن الذى يعرف فيه الإنسان مايحدث فى أقصى الكرة الأرضية وهو جالس على سريره .
والكل عندنا يعمل بمفرده وكما يحلو له فلا قانون يردعه والأعراف لدينا تتغير وتتوافق طبقًا للظروف والناس ماعادت تتذمر أو تصرخ أو تستنكف أو يثير أعصابها منظر العشوائية والقمامة والزحام وضيق العيش وكأنما أصبحت العشوائية جزءًا من حياة المواطن البسيط أو ربما يأسًا من الصراخ والنحيب دون وجود من يسمعهما فقرر عدم المبالاة والاستسلام لواقعه المؤلم . فأصبح يتوافق مع واقعه كعندما تطفح بالوعة المجارى فى شارعه وتغمر الشارع بالنفايات القذرة وتصيب رائحتها الكريهة أُنوف وصدور السكان فتجده لايصرخ وإنما يتوافق مع الوضع بوضع بلوكات من الحجارة ليستطيع التنقل من مكان إلى آخر فوقها خوفًا من تلوث ملابسه من البلل .
المواطن المصرى يشرب المر دافعًا عن الظمأ فيصيبه المر ظمئًا ومراراً وتجده يعيش الصبر ذُلاَ ولكنه طالما انفجر الصبر دماراً وحريقاً تحرق من صبر ومن غدر ومن سرق دماراً وحريق أعمى لايستطيع التمييز بين ماهو خير وماهو غادر شرير وبين ما هو أبيض وماهو أسود . الكل فى نظر لهيب وحريق الصبر وقود .
من ينقذ هذا البلد ومن ينقذ هذا الإنسان المصرى العظيم الصبور . من يامصر يمكن أن يأخذ بيدك ويعوضك عن قهر السنين؟ من يمكن أن يُنسِيكِ ما مضى ؟ . متى نبدأ رحلة السلام والتقدم؟ متى؟ ومن يمكن أن يعالج الشلل الذى تعانيه وشلل فى قلبك جعلك تكرهين من يحبك وتعادين من يحاول أن يعطيكى دواكى وشلل عقلك جعلك تنظرين إلى السكين فى يد عدوك الذى جاء ليقتلك بها كأنها باقة من الورود. لك الله يامصر.