موسم تساقط أوراق الكلينكس
قبل أقل من شهرين، كتبت مقالا عن أعمدة الحكم في عصر مرسي (القانونجي والبلطجي والمكفراتي والـ...)، ذكرنا فيها ذلك القانونجي الذي (يلعب على أوتار القانون صعودا وهبوطا قبل أن يحلق من شاهق لتندق عنقه وعنق نظام يعتمد على هؤلاء)، وكأني كنت أقرأ طالعه البائس الذي توج باستقالته بطريقة حاول من خلالها أن يحاكي تنحي عبد الناصر يوم التاسع من يونيو التعيس.
لم يكن الأمر يستحق الذكر أو التعليق لو كان قاصرا على سقوط تلك الأوراق الجافة الذابلة، ولا لأنه أول ورقة كلينكس تنتحر في التاريخ، وهو تطور يؤكد أن البعض جاء من العدم، ولابد أن يعود إلى العدم مما يعني أن مصر قد اكتشفت في عهد مرسي ما عجز العالم عن اكتشافه منذ عصر النهضة وحتى عصر النكسة، ألا وهو العدم!!.
الطريف في الأمر؛ هو تلك اللهجة الرئاسية الآمرة التي كتب بها القانونجي خطاب تنحيه عن عرش المستشارية الرئاسية (في لحظة فارقة من تاريخ مصر، وفي مشهد يغلب عليه تغليب المصالح الخاصة على مصلحة مصر وشعبها من الجميع دون استثناء، ويتسم بتهميش الشباب وبالصراع السياسي، والانهيار الاقتصادي، والفراغ الأمني، ومحاولات اغتيال السلطة القضائية والنيل من استقلالها، أعلن استقالتي لإلقاء الضوء على حجم الخطر الذي يتعرض له الوطن، ولنبدأ من جديد بالحوار وبناء الثقة والتعاون وتقبل الآخر، من أجل بناء مستقبل وطن وشعب وأجيال قادمة يتمكن فيها الشباب من تولي المسئولية ويجب أن يعلم الجميع أن استقالتي ترجع لعدة أسباب أهمها....).
لماذا يتعين على الجميع أن يعلموا سبب استقالتك؟!، هل عرفنا سبب المجيء بك حتى نعرف سبب استقالتك؟، من أنت يا رجل؟!، وكيف تحولت من مستشار قانونجي متخصص في فبركة الإعلانات الدستورية والكوارث القانونية إلى زعيم أمة يضع لها الخطوط العريضة ويطالب الجميع بالمثول بين يديه ليعرفوا منه الجواب الشافي عن السر الخافي!!.
أما ثالثة الأثافي؛ فتمثلت في تنصيب القانونجي نفسه زعيما دينيا قرر التصدي لما أسماه بالمد الشيعي ومحاولة إحياء الدولة الفاطمية، وهو ما يؤكد أن ثمة لغزا وراء هذا الرجل وأن رياح المنطقة جاءت بما لا تشتهي قطر العظمى، فقرر أن يكون أول ورقة كلينكس تنتحر في التاريخ.
تعددت الأسباب، ومزبلة التاريخ واحدة.