مُعارضة لله يا مُحسنين!
كُل أملي في الحياة أن أجد في بلادي داخليًا وخارجيًا مُعارضة عاقلة، مش مجنونة، ولا مهبوشة، ولا راكبة حمار بالمقلوب وبتلف بيه الكفور والنجوع رافعة شعار القرع لما استوى قال للخيار يا لوبيا، أو بتبُص في المراية وتقول لنفسها "أنا عتريس" على طريقة الفيلم الشهير (شيء من الخوف)، بالمُناسبة المُعارضة الخارجية لا يتعمل لها أي حساب أو وزن لسبب سنذكره لاحقًا لو افتكرنا، أما لو نسينا فمش مُهم لأنها هي نفسها متسواش، المُهم يعني لو طلع لي عفريت من المصباح وسألني تتمنى إيه؟ لن أطلب قصرا ولا كباريه زي المرحوم (فريد الأطرش) علشان يغني وترقص له (سامية جمال) ويضحك معاه (إسماعيل ياسين) في الفيلم الشهير (عفريتة هانم)، وأرجوك متدُّقش كتير في موضوع الأفلام الشهيرة النهار ده، فبالتأكيد رغم كونها أفلاما إلا أنها أكثر عقلانية من المُعارضة في بلادنا، المُهم أنني لن أطلب طلبا خاصا كما أكدت لحضرتك، لكن سأطلب طلبا عاما وهو اللي قولت لسيادتك عليه، مُعارضة عاقلة!
أما عن المُعارضة الداخلية في بلدنا فيكفيها اشتراك باقة إنترنت بخمسة وعشرين جنيه زائد مصاريف التجديد وضريبة القيمة المُضافة، والواحد من دول يضرب له أكاونت على تويتر ويشتغل مُعارض، وياريته بيعارض بعلم أو بمنطق، وإنما كُله هري ع الحديدة، زي ما تلاقي واحد بيتحدى رئيس الجمهورية مثلًا على تويتر إنه يسمح للناس تنزل تحتفل بالتأهل لكأس العالم في الشوارع، مُراهنًا -ذلك المُعارض- بأن لو الناس نزلت الشوارع هتقلبها ثورة لا تبقي ولا تذر، والحقيقة هو لم يقُل لا تبقي ولا تذر دي جايز لأنه ميعرفهاش، أو لأن الباقة خلصت قبل ما يكتبها علشان منظلموش، المُهم إن الناس نزلت واحتفلت واتصوَّرت وميت فُل وأربعتاشر، وروَّحت بيوتها من غير ثورة ولا يحزنون، بل تركت اليحزنون لأرامل الثورات والثكالى بتوعها، اللي قاعدين إيدهم على خدودهم لحَد النهارده بيشربوا القهوة السادة ومش لاقيين حتى حَد يقول لهم البقية في حياتكم، ومُشكلة أمثال هؤلاء المُعارضين أن الزمن وقف بيهم عند الثورة وراسه وألف سيف إنه مش هيتتحتح تاني!
والسبب بسيط، هو أن ثورة يناير التي قام بها الشعب، سرقها وسطا عليها شوية آفَّاقين ولصوص وإخوان، وعاموا على وِش الثورة بالخل والتوم أو الفتَّة لا فارق بينهما بعد السرقة والبزرميط اللي حصل، وكان هذا أقصى نجاحاتهم في الحياة، أن حوَّلوا البلد المستكين الهادئ الذي يرتع فيه الفساد، إلى بلد ثائر هائج يرتع فيه الفساد أكثر وأكثر، فقد كان فساد الثوار ومَن معهم أفسد-يعني أكثر فسادًا- من فساد مَن قامت ضدهم الثورة أصلًا، المُهم يعني أن الزمن وقف بيهم عند نقطة الذروة تلك، لأن ما تلاها كان انحدارا لحد ما وصلوا تحت الأرض في أعقاب ثورة يونيو التي تمحَّك فيها مُعظم الأفَّاقين من هؤلاء، قبل أن يحصلوا على الشلاليت التمام في عملية فرز شعبية وسياسية في مُنتهى الذكاء، فتحوَّلت يونيو بالنسبة لهم إلى أي حاجة ثانية مع محاولات قتالية لشيطنتها على طريقة فيها لأخفيها، لكن محدش قدر يخفيها رغم المحاولات المُستمرة وشحن باقات النت باستمرار حتى الآن، بنفس طريقة المُعارضة المجذوبة، وبصوت "أنا عتريس"!
المُهم إن الناس نزلت بالملايين في كُل شوارع وميادين المحروسة، وهات يا احتفالات ورَقص للصُبح، وغناء لـ(محمد صلاح) وزملائه من اللي تعبوا في تحقيق النصر على أرض الملعب، لا على الإنترنت أو ألبومات الذكريات، ثم عادوا إلى بيوتهم سالمين غانمين مبسوطين ومرتاحين، واكلين شاربين عاملين كُل حاجة على المُعارضة المهبوشة التي أصيبت بنكبة قلبية سرعان ما تداريها سريعًا وهي تهري في مهري آخر لتقديم عشرات الأدلة الجديدة والمُستهلكة في نفس الوقت على أن المناخوليا الخضرا لا تختلف كثيرًا عن المناخوليا الناشفة طالما السبوبة سوقها واقف في السوق مش في الميدان اللي لسَّة بيحلفوا بحياته!
ووالله ياريت يكون عندنا فعلًا مُعارضة مُحترمة ومُتزنة ومُثقفة، مش مُجرد واحد صحي الصبح فوجئ بإن معاه اتنين أصحابه قاعدين ع القهوة، وأعجبوا بكلمتين إنشاء قالهم عن الفقر والثورة والوصول للحُكم، فقالوا له إحنا منَّك وانت واحد مننا، فساق فيها، والمُعارضة لا تُقاس أبدًا بالبتنجان يا سادة، ولا يُمكن أن نرتضي لبلادنا العريقة أن يكون المُعارض مُجرَّد واحد خالي شغل، مش عارف يبقى لا دكتور ولا مُهندس ولا ضابط ولا صحفي ولا..، فقرر أن يسعى ليكون رئيس جمهورية، والنبي تقول لي إزاي، طيب اشتغل حاجة يا عم واطلع السلِّم من أوله بدل ما ترقُص عليه على طول كده، لا اللي فوق شافوك واللا اللي تحت انتخبوك!
أما عن المُعارضة الخارجية، مُعارضة الإرهابيين الهاربين من أحكام بالسجن، والمُحرضين على قتل الضباط وأهاليهم، والمُساندين للإرهابيين ضد الشعب بحجة مُساندة الشعب نفسه متحاولش تفهم إزاي، فقد كانت لقطة الموسم التي أضحكت العالم كُله عليها، بعدما حاول أحدهم عبر قناة معفرتين استضافة مُساعد حكم نُص كُم سابق علشان يثبت إن ركلة جزاء مصر ضد الكونغو كانت غلط، وبالتالي يحاول إثبات عدم أحقية البلد في الوصول للمونديال، رغم إن الشعب كُله فرحان، يعني تقدر تقول وأنت مستريح وقاعد منشكح بالوصول لكأس العالم غصب عنهم أن ما رأيته حضرتك كان منتهى الغباء من مُتآمر وأحمق، يحاول أن يحارب الشعب نفسه لا السلطة أو الدولة، وعايز يضرب كُرسي في كلوب فرحة الملايين!
وتلاقي واحدة تانية متعرفلهاش جنس، أيوه جنس مش جنسية؛ لأنها لا طايلة راجل ولا ست، تشوفها تقول راجل، وتسمع كلامها تقول ست، رغم إنها مش ست ولا راجل، المُهم قالت برضو وهي تحاول القضاء على فرحة الشعب، الشعب كُله ما عدا جزء تافه حزين بيتنكد بسبب فرحة الناس، قالت إن مصر دفعت للكونغو سبعة مليارات دولار رشوة علشان يتغلبوا لنا في اللقاء الهام والمصيري، طيب وإحنا كُنا دفعنا لهم لما كسبناهم على أرضهم؟ واللا دفعنا لغانا التي هي أقوى من 500 منتخب مثل الكونغو؟ طيب بذمتك الكونغو دي إحنا محتاجين ندفع لهم 7 مليارات دولار علشان نكسبهم بهدفين لهدف بطلوع الروح؟ سبعة مليارات دولار وينشِّفوا دمِّنا بالشكل ده؟ والنبي لو دفعنا 700 دولار بس كُنا نجيب فيهم 25 جول في أول 5 دقايق لو الدُنيا ماشية كده، مع الاحترام طبعًا لشرف الفريق الكونغولي المُحترم، لكن نقول إيه؟
مُعارضة عبيطة وقبيضة تبيع أبوها باتنين ونُص في ميدان العتبة، وفاكرين الناس بتقبض زيهم، دي مُعارضة مش عارف إيه واللي فيها تجيبه فيك، وياريت قبضهم على فايدة، لكن واضح أن ممولينهم بيشتغلوا عليهم بطريقة مزارع العقول بالجيم!
المُهم حضرتك عرفت ليه بنادي ونقول مُعارضة لله يا مُحسنين؟ لأننا فعلًا في أشد الحاجة لمُعارضة، لكن مُعارضة نضيفة، وعاقلة، وفاهمة، وتقدر تفرَّق بين الهجوم على الدولة أو السلطة، وبين الهجوم على الشعب، أو اتهامه بالجهل، أو بأنه مش عارف مصلحته، أو أنه شعب مرتضى بالذل والخشوع لمُجرَّد إنهم عايزينه يهيج ويهب كُل شوية بثورة يركبوها تاني، بينما الشعب مش عايز، وقاعد بيحتفل بكأس العالم اللي هُما دايرين مدلدلين ألسنتهم في كُل خرابة فضائية، وبيقولوا إن البلن مش صح، ومضحَّكين علينا الأمم بمؤيدينها ومعارضينها على حدٍ سواء، لدرجة أن السؤال صار موجهًا للعالم كُله لا لمصر بس: بالذمة دي تتسمى مُعارضة إيه يا مان؟ وتلاقي الإجابة فورًا: مُعارضة دوبر مان!