رئيس التحرير
عصام كامل

مصر في روسيا 2018


أكيد شعور رائع لا يوصف الذي انتاب غالبية المصريين في أعقاب إعلان إنهاء مباراة مصر والكونغو وتأهل مصر للصعود لنهائيات كأس العالم 2018 المقرر إقامتها في روسيا.. الحقيقة وكعادتي دائمًا، فإنني أنظر للجوانب الأخرى لأي حدث، أملا في أن أضيف وجهة أو رؤية أرى أنها ربما لا ينتبه إليها المتابعون.


الحادث أنه رغم أن تأهل مصر لنهائيات كأس العالم المقبلة، بالأساس حدث رياضي أو كروي بامتياز، فإني أراه حدثا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيًا، ورغم وضوح هذه الوجه المتعددة للحدث، وأظن أن كثيرين من متصدري المشهد العام، وخاصة المسئولين التنفيذيين!

الحكاية ببساطة أنه تصادف أن تزامن وقت إقامة مباراة مصر مع الكونغو في نهائيات كأس العالم مع وقائع حفل تخريج طلاب كلية الهندسة بالجامعة الألمانية الذين أتموا فترة الدراسة، وكانت ابنتي الوسطي بين أولئك الخريجين.. المهم.. قبل بدء وقائع حفل التخرج، كانت نظرات غالبية الحاضرين زائغة، سواء الخريجون أو أولياء أمورهم، العيون كانت مملوءة بأسئلة واستفسارات عن كيفية تحقيق التوافق بين متابعة وقائع حفل التخرج، ذلك اليوم الذي انتظره الجميع وسعوا من أجله سنوات طويلة، ربما هي كل مشوار عمر الجميع، وبين متابعة وقائع اللقاء الكروي الفاصل الذي قد يتحقق بعده الحلم الذي داعب وجدان المصريين لما يقرب من ثلاثة عقود، منذ الصعود الخير لنهائيات كأس العالم عام 1990.

مرت وقائع الجزء الأزل من الحفل، ومعها مرت وقائع الشوط الأول من المباراة الذي بدا أداء منتخبنا القومي غير حاسم، وأظن أنه لا أحد من الموجودين في حفل التخرج كان منتبها للكلمات الرائعة التي كان يلقيها قيادات الجامعة وكبار الضيوف الذين حضروا الاحتفال من الجانبين المصري والألماني، أظن أيضًا أن الجميع كان يتلصص النظرات لمتابعة تطورات المباراة عبر أجهزة الهواتف الذكية التي يحملها الجميع.

وبينما كانت وقائع حفل التخرج تتوالى، بدأت فعاليات الشوط الثاني من المباراة، والحال هو الحال، الانتباه لما يدور على منصة الحفل كان غائبًا، بينما الأفئدة كلها متوجهة إلى مدينة برج العرب، وما يجري على أرض ملعب ستاد الجيش هناك، وفجأة صرخ أغلبية الموجودين وبأعلى أصواتهم "جوووون"، وتكررت الهتافات باسم مصر من جميع الموجودين، حتى من كانوا لا يتابعون انفعلوا من الصرخات التي أطلقها الفرحون الأوائل بإحراز مصر الهدف الأول.

وهنا انصاعت المنصة لرغبة الخريجين قبل أولياء أمورهم، واضطر الدكتور أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة، والذي كان بحق في حلة وهيئة رائعة وبدا وكأنه عريس يوم حفل زفافه، اضطر إلى إصدار توجيهات للأجهزة المعاونة بنقل الوقت المتبقي من وقائع المباراة على الشاشات التي كانت تنقل وقائع الاحتفال بيوم الخريجين، وتجاوب الحاضرون مع تتابع الأحداث والانفعالات إلى أن انتهت المباراة بالفوز التاريخي وبالصعود لنهائيات كأس العالم، أعلن بعدها الدكتور منصور أن هذه الدفعة هي دفعة كأس العالم.

المقصد من رواية وقائع هذه القصة هو تنبيه الأجهزة المعنية إلى ضرورة إدراك أهمية كرة القدم وتأثيرها في مختلف قطاعات الشعب المصري، وخاصة الشباب الذي يتجاوز تعدادهم نصف تعداد الشعب المصري، وتنبيه أولئك المعنيين بأمور هذا البلد إنه لا يجب إهمال كرة القدم وترك أمورها، من مختلف النواحي لهواة أو أصحاب مصالح ضيقة.

يجب أن ندرس ونبحث عن سبل فاعلة لكيفية ضمان حسن توجيه طاقات الشباب وجعلهم وراء هدف قومي، انطلاقًا من حب الجميع لكرة القدم، وانغماسهم فيها حتى النخاع، وخاصة عندما يكون المنتخب القومي طرفًا في منافسة كروية.
الجريدة الرسمية