حرب أكتوبر والرؤية المستقبلية
إن انتصار أكتوبر لم يحدث مصادفة ولا بنوع من الحظ أو البخت، بل تم بناء على التخطيط العلمى من قبل القوات المسلحة والإيمان بأن النتائج لا تحدث إلا عن مقدمات ضرورية، وهذا يعد درسًا انطلق منه بل من أبلغ الدروس في تاريخ مصر والتي يجب أن نضعها في اعتبارنا في التخطيط للمستقبل فيجب عندما ننظر إلى حرب أكتوبر من الوجهة الحربية العسكرية فيجب الربط بينها وبين ما يمكن أن نحققه من إنجازات فكرية هائلة، إنجازات تتعلق بصميم الإرادة المصرية وعقل ووجدان المصريين.
إن حرب أكتوبر جديرة بأن نستفيد منها بالعديد من الدروس والقيم المبدعة؛ ودليلى على ما أقوله إننا لم نقم بالحرب لضم أراض جديدة والاعتداء، بل كان هدفنا هو رد اعتداء العدو على أرضنا ومن ثم فنحن دعاة سلام لا دعاة حرب؛ ويتجلى ذلك بصورة واضحة أمام العالم من خلال اتفاقية السلام بعد انتصار مصر في حرب أكتوبر فهى تعبر عن انتصار الإرادة المصرية المنتصرة، تعبر على أن مصر تدعو إلى السلام لا إلى الحرب لقد ساعد النصر مصر في حرب أكتوبر على ظهور وتجلى قيم الحق وقيم السلام وهى من القيم الإيجابية التي تتجسد في عمق الإرادة المصرية.
وبجانب القيم التي خرجت من حرب وانتصار أكتوبر نجد أن هذا النصر لم يتحقق إلا بفضل الأسلوب العلمى والتخطيط الدقيق، وأطرح السؤال أليس هذا أبلغ درس يجب أن نضعه في اعتبارنا في مستقبل حياتنا حين نتحدث عن نصر أكتوبر؟ وإذا كنا نتمسك بقيم السلام فيجب أن نتمسك بالعلم والإيمان بإرادة الشعوب؛ فقد عبرنا هزيمة يونيو إلى تحقيق الإرادة بانتصار أكتوبر. وأطرح السؤال من تحليل هذه الملحمة التاريخية في العبور من الهزيمة إلى النصر: ألم يأت الوقت للعبور إلى نصر العلم الذي استخدم في حرب تاريخية يشهد لها العالم؟.
فنصر أكتوبر لم يحدث إلا عن طريق الإرادة، طريق العمل المستمر والشاق؛ ومن ثم يجب أن نتخذ حرب أكتوبر دليلا قويا على أنه بالإمكان إنجاز أي مشروع إصلاحي فالإيمان بالحقوق لا بد أن يرتبط بالإيمان بالواجبات.
فانتصار أكتوبر لم يتحقق إلا بالإرادة والإيمان بالتخطيط والعلم من قبل القوات المسلحة؛ ومن ثم يجب على حكومة المستقبل أن تكون حكومة العلماء والمفكرين الذين يؤمنون بالتخطيط العلمى الدقيق. ويجب علينا في رؤيتنا المستقبلية أن نستفيد من الدروس التي تعلمناها من تلك الحرب وما أعظمها من دروس. وإذا كان من حقنا أن نفخر بحرب ونصر أكتوبر في أيامنا الحاضرة فإن من واجبنا في مستقبل حياتنا الاستفادة من القيم الفكرية والعلمية والتي سبق وأشرت إليها للنظر نحو رؤية مستقبلية منتصرة.