رئيس التحرير
عصام كامل

المشير أحمد إسماعيل.. أعاده السادات بعد ترك الخدمة ليحقق النصر

فيتو

المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية القائد العام للقوات المسلحة في حرب أكتوبر ٧٣، واحد من القادة العسكرين الملتزمين الذين يتصفون بالصرامة في التعامل كان لا يأبى الموت ويتمنى النصر أو الشهادة فكان النصر حليفه دائما.


ولد في الرابع من أكتوبر عام 1917م بحي شبرا، نشأ وتربى على الحياة العسكرية حيث كان يعمل والده ضابطًا بوزارة الداخلية وترقى حتى أصبح مأمورًا لأحد أقسام الشرطة بمدينة القاهرة عام 1914م.

كان أحمد إسماعيل على دقيقا في كل تصرفاته منذ صباه، ولم تكن تشغله اهتمامات أقرانه الشباب في سن الخامسة عشرة أو العشرين، إنما كان دائما يهوى قراءة كتب التاريخ والسير وبطولات القادة العسكريين.

وعندما حصل أحمد إسماعيل على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) في عام 1934م تقدم، إلى الكلية الحربية مع الرئيس أنور السادات إلا أن أوراقهما رفضت.

والتحق الطالب أحمد إسماعيل بكلية التجارة عندما رفضت الكلية الحربية وأخذ يسعى دون ملل حتى تمكن من الالتحاق بالكلية الحربية عام 1937م.

أمضى فترة الإعداد في الكلية بنجاح، وتخرج فيها برتبة ملازم ثانى وتم تعيينه في سلاح المشاة بالدفعة الثامنة حربية وعمل ضابط استطلاع وقائد لفصيلة في الكتيبة الرابعة مشاة ومن بين من زامله في الخدمة الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس محمد أنور السادات، وعبد المنعم رياض، ويوسف السباعى، وأحمد مظهر.

كان معجبا بعقلية وحسن قيادة الفريق عزيز المصري الذي اتخذه مثلا أعلى له ولذلك توسم الفريق عزيز المصري خيرًا في شخصية الضابط الصغير أحمد إسماعيل ولذلك أعطي له خبراته وشمله بالنصائح العسكرية التي جعلت منه ضابطا متميزا طوال حياته وقائدا ناجحا في القوات المسلحة.

تدرج في المناصب حتى تولي قيادة أركان حرب لواء مشاة ولتفوقه والتزامه العسكري التام تم اختياره ليكون واحدا من أعضاء دورة تدريبية عسكرية في دير ياسين بفلسطين.

وكانت الحكومة الإنجليزية، هي الجهة المسئولة عن هذا الالتزام وفي هذه الدورة التدريبية حقق مفاجأة مذهلة وأظهر بلاء حسنا بأن يكون ترتيبه الأول في الدورة على جميع الضباط الإنجليز والمصريين، وهذا ما شجع القيادة العسكرية على أن ترسله في دورة تدريبية أخرى في بريطانيا ورجع منها مجتازا إياها بنجاح فائق على جميع الطلاب الحاضرين فيها وكان ترتيبه أيضا الأول.

تم ترقيته إلى رتبة المقدم في الحادي عشر من فبراير سنه 1951م وبعدها بفترة قصيرة تم إختياره مدرسا بكلية القادة والأركان الحرب التي كان يدرس فيها وصار يشغل هذا المنصب بالكليه وكان معروفا عنه النشاط والإفادة في العلوم العسكرية والجدية في التدريس لطلبة الفرق التعليمية.

وعندما اندلعت ثورة 23 يوليو عام 1952م أجرت قيادة الجيش تغييرات في القيادات العسكرية ومن بينها إصدار أوامر عسكرية لأحمد إسماعيل بتولي رئاسة أركان حرب، فرقة مشاة وفي السادس من أغسطس عام 1952م عاد لمزاولة مهمة التدريس التي كان يقول عنها إنها طريق النصر في كلية أركان الحرب في سبتمبر عام 1952م، وبعد ذلك صدرت إليه أوامر عسكرية لتولي قيادة الكتيبة السابعة المشاة في السابع من سبتمبر 1953م ومن خلال قيادته للكتيبة تم اختياره عضوا ضمن اللجنة العليا للمفاوضات العسكرية مع إنجلترا عام 1954م وهي من أهم الأحداث التاريخية التي حدثت في هذا الوقت.

وبعد هذه العملية تم إصدار أمر عسكري لأحمد إسماعيل بتكوين أول تشكيل عسكري مقاتل، وذلك طبقا للتعليمات العسكرية. وقام بتعبئة وتدريب التشكيل العسكري وفق خطة عسكرية تحقق المهام المكلفة بها وتم اختياره أيضا ليكون عضوا ضمن لجنة لشراء صفقة الأسلحة التشيكية الخاصة بالقوات المسلحة عام 1955م.

وفي أول يناير من عام 1955م ترقى إلى رتبة العقيد وفى هذا الوقت راودته فكرة كانت تسايره من فترة طويلة وهى إنشاء أول وحدة لقوات الصاعقة وتكون ضمن وحدات القوات المسلحة الأساسية، والتي يعتمد عليها في تنفيذ المهام والأوامر التي تصدر إليهم وتم تكوينها من مجموعة من الضباط الصغار المتفوقين في العلوم العسكرية ذات قدرة عالية في التدريب القتالى ومقاتليين ذو نزعة وطنية خاصة لأن طبيعة عملهم تكون له صفة الجرأة وبدأ هو في الإشراف على تدريبهم وإعدادهم معنويا ونفسيا؛ لأنهم نواة قوات الصاعقة التي أعد لها مهام وخطط في الهجوم الخاطف على القوات الإسرائيلية تحت قيادته وكان له عظيم الثناء من القيادة العليا للقوات المسلحة لتنفيذ هذه الفكر الإستراتيجي التكتيكي مع مجموعة قوات الصاعقة التي تم انشائها وذلك لإعدادهم لمعركة النصر القادمة مع العدو.

وبعد فترة زمنية قصيرة تم إيفاد أحمد إسماعيل للقيام بالالتحاق في دورة تدريبية بأكاديمية فروتز العسكرية العليا بالاتحاد السوفيتي (روسيا) بناءً على أوامر عسكرية ودخل أحمد إسماعيل مرحلة جديدة من الفكر العسكري وشهد له بالامتياز والكفاءة وسط زملائه في هذه الدورة التدريبية وتخرج وكان ترتيبه الأول على زملائه عام 1957م.

ومع بداية اليوم الأول من شهر يناير 1958م تم ترقيته إلى رتبة العميد وعاد إلى عملية التدريب تنفيذا للاوامر العسكرية ولكن هذه المرة تم إختياره ككبير معلمين بالكلية الحربية وذلك في الحادى والثلاثين من شهر مارس 1959م وفى هذا المنصب وجد في نفسه القدرة على تخريج ضباط ذو كفاءة عالية في التخطيط العسكري والتدريب المهارى وأتيحت له فرصة تطوير نفسه والضباط الخريجيين على المهام العسكرية التي تؤهلهم على النصر في المعارك الحربية القادمة.

تمكن من التخطيط وإدارة أعمال قتال حرب الاستنزاف في المهام التي أسندت لقواته وقتها بنجاح، وكانا أكثرها أهمية:

معركة رأس العش شرق القناة، إغراق المدمرة الإسرائيلية "إيلات" في المياه الإقليمية المصرية قبالة ميناء بورسعيد.

ومعركة الجزيرة الخضراء، تعين في عام 1968م رئيسًا لهيئة العمليات، ثم رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية في مارس 1969م، بعد إستشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض.

كما عين في منصب الأمين العسكري المساعد بجامعة الدول العربية أبعد عن القيادة (11سبتمبر 1969م) وترك الخدمة، بعد حادث استيلاء القوات الإسرائيلية على رادار دفاع جوى من موقع منعزل على ساحل البحر الأحمر الغربي إلى أن اختاره الرئيس محمد أنور السادات في مايو 1971م، ليرأس جهاز المخابرات العامة وكشف الجهاز خلال رئاسته عددًا من قضايا التجسس، ثم عين وزيرًا للحربية في 26 أكتوبر 1972م ومن خلاله تحرير سيناء سياسيًا فيما بعد، أو استكمال التحرير عسكريًا.

في يناير عام 1973م عين قائدًا عامًا للقوات المسلحة المصرية في دولة اتحاد الجمهوريات العربية وبعد أسبوع عينه مجلس الدفاع العربي قائدًا عامًا للجبهات الثلاث الشرقية (الأردن) والشمالية (سوريا) والجنوبية (مصر).

قاد الفريق أول أحمد إسماعيل قوات الجبهتين الشمالية والجنوبية في حرب أكتوبر 1973م وأدار حرب أكتوبر 1973م بمهارة وثبات وصبر مما ساعد على اجتياز الأوقات العصيبة للحرب بنجاح كما نجح في تنسيق الجهود والتعاون مع القوات السورية أثناء الإعداد للحرب وبدء الأعمال القتالية في 6 أكتوبر 1973م وحقق النصر الكبير ثم قاد عملية تطوير وتحديث القوات المسلحة المصرية عقب الحرب مباشرة.

أصدر الرئيس السادات في أعقاب حرب أكتوبر قرارًا بترقية الفريق أول أحمد إسماعيل إلى رتبة (المشير) أرفع الرتب العسكرية في احتفال مجلس الشعب يوم 19 فبراير 1974م

يوم 26 أبريل 1974م عين نائبًا لرئيس الوزراء بالإضافة إلى مناصبه السابق ذكرها.


الحروب التي شارك فيها المشير أحمد إسماعيل :
حرب 1967م :
في عام 1966م كان هناك صراع بين الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عامر وشمس بدران، ونتيجة لذلك تم إبعاد أحمد إسماعيل من منصبه بالقوات المسلحة، وعين بإحدى الشركات التي تعمل لتعمير الصحراء، ولكن الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان يعرف قدراته العسكرية لم ينفذ القرار رغم معارضة الجميع، ولهذا كان من أهم القادة العسكريين الذين تم وضعهم في فكر الرئيس جمال عبد الناصر في ترتيب الجبهة المصرية بعد حرب 1967م.

كانت حرب يونيو 1967م صدمة شديدة أثرت على أحمد إسماعيل تأثيرا شديدا في معاملته مع الزملاء، حيث تأثرت نفسيته وسلوكه عقب هذه الحرب، فأغلق الباب على نفسه وقام بدراسة الأوضاع على الجبهة المصرية في الضفة الغربية لقناة السويس فقام بتأسيس الخط الدفاعى الأول وإحكام القدرة العسكرية المصرية على هذا المحور المهم.

قام بوضع خطة عسكرية لعملية إغراق المدمرة إيلات، وقد قامت القوات البحرية بتنفيذ المهام، في سرية تامة وتم إغراق المدمرة إيلات، وهي في مياه بورسعيد الإقليمية وذلك في يوم 21/10 سنة 1967م وحينئذ قالت صحيفة "يديعوت أحونوت" أن العمل الذي أقدمت عليه القوات المصرية لا يقبل الشك بأن مصر تريد حربا لا سلام وأصبحت هذه العملية بداية للانتصارات القوات المسلحة المصرية وأيضا قدمت هذه العملية ما هو أهم وأعظم وهو رفع الحالة النفسية والمعنوية للمقاتلين المصريين وأيضا للشعب المصري بعد حرب يونيو 1967م حيث كانت الحالة المعنوية والنفسية لا يرثى لها.

وعند قيام الوفود العسكرية والمراسلين العسكريين بزيارة الجبهة المصرية والمتخصصين في الإعلام العسكري في يناير من عام 1968م وكان أحمد إسماعيل قائدا للجبهة، ووجدوا أن هناك فرقا كبيرا ومختلفا في التجهيزات العسكرية ووسائل التدريب العسكري وأن هناك عطاء وجهدا من جنود وهناك رجال مصممون على النصر في معركتهم القادمة وهزيمة عدوهم وإعطائه درسا في الحرب، وأحسن فيما قاله الرئيس محمد أنور السادات عن الرجل المفكر الذي أعاد بناء القوات المسلحة في هذه الفترة من الزمن بأبلغ عبارة، حيث قال في خطابه بعد حرب أكتوبر 1973 عن أحمد إسماعيل: "لقد كان أحمد إسماعيل وقت الحرب في يوم الهزيمة قائدا للخط الأول بمواجهة العدو لا يأبى الموت ويتمنى النصر أو الشهادة فكان النصر حليفه دائما".
الجريدة الرسمية