المتحدث العسكري ينشر تفاصيل معركة «رأس العش» في ذكرى النصر
نشر العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، المتحدث العسكري للقوات المسلحة، تفاصيل معركة «رأس العش»، في ذكرى نصر حرب أكتوبر المجيدة.
وتمثل رأس العش أهم نقطة قوية أقامها العدو عند كم 10 شمال القناة وتمثل القفل الشمالي لخط بارليف على القناة، كما أنه يؤمن القطاع الشمالي والطريق الأوسط إلى سيناء ويمثل نقطة إنذار رئيسية، بالإضافة إلى أنه جهز كمركز قيادة متقدم للقطاع الشمالي لسيناء.
تقع هذه النقطة الحصينة في مواجهة الموقع الأول لقواتنا وهي امتداد لملاحة بور فؤاد التي تصل من القناة حتى بحيرة البردويل التي لا تصلح في معظمها لسير الحملات والمناورات للقوات، حيث إن المنطقة الصالحة للتحرك فيها بعرض لا يزيد على 300 متر شرق القناة.
وأقام العدو العديد من التجهيزات الهندسية التي تمثلت في ثلاث نقط قوية كاملة ومتصلة مع بعضها بخنادق ومواصلات تتعاون مع بعضها البعض بالنيران والأسلحة لصد أي هجوم لقواتنا على أي نقطة منه يصل عمق الموقع إلى 500 متر وبمواجهة 350 مترا على القناة ومحاط بحقول ألغام مختلط بعمق 100 إلى 150 مترا وتزيد مسافة الألغام شمالا وتكون النقطة مثلثًا مقلوبًا رأسه في اتجاه الجنوب وقاعدته في اتجاه الشمال مقسم إلى ثلاثة قطاعات مربوطة بشبكة، وزود الموقع بالعديد من الدشم الحصينة ومواقع للهاون وصواريخ أرض أرض ومصاطب للدبابات وحفر للأسلحة الخفيفة.
وكلفت إحدى كتائب المشاة بالهجوم والاستيلاء على الموقع لما لها من خبرات وذلك لمشاركة أفراد الكتيبة في معارك الاستنزاف وقيامهم بعمليات خاصة وغارات على هذا الموقع تحديدًا والإعداد والتدريب الحي على ميادين وأرض مشابه حتى أتقن كل فرد المهمة والواجب الموكل إليه لينفذ المهمة المطلوبة منه بنجاح.
وبنت القيادة خطة الاستيلاء على الموقع بإعادة تجميع الكتيبة والأسلحة والمعدات خلال يومي الرابع والخامس من أكتوبر 1973 واستغلال التمهيد النيراني وأسلحة الرمي المباشر ونيران الدبابات على النقطة الحصينة في حين تقوم السرية الثانية للكتبية باقتحام قناة السويس من الغرب في اتجاه القطاع الجنوبي للموقع لمهاجمته والاستيلاء عليه وفي الوقت نفسه تقوم السرية الأولى للكتيبة مدعمة بسرية دبابات عدا فصيلة ومعها (2) دبابة دقاقة بمهاجمة القطاع الشمالي الغربي والاستيلاء عليه بعد فتح عدد من الثغرات في حقول الألغام بواسطة الدقاقات وأفراد المهندسين ودفع فصيلة من قيادة اللواء لإجراء هجوم خداعي في اتجاه القطاع الشمالي الشرقي للموقع وفي التوقيت نفسه هجوم السرية الأولى والسرية الثانية وتحتل السرية الثانية الموقع الأول وتقدم المعاونة النيرانية للسرية الأولى أثناء اقتحامها الموقع ويتم تعاون القوتين في استكمال الاستيلاء عليها بالتعاون مع نيران المدفعية والهاونات ووسائل الدفاع الجوي.
وانطلقت الشرارة الأولى لحرب العزة والكرامة في الساعة الثانية يوم السادس من أكتوبر 1973، بدأت القصفة الأولى للمدفعية على النقطة القوية للموقع في الساعة الثانية والخمس دقائق على المزاغل وأبراج المراقبة لتعميتها وفي الوقت نفسه بدأ تحرك الهجوم الخداعي بعدد (15) قارب اقتحام وبقوة فصيلة من قيادة اللواء للتحرك شمال شرق الموقع وفي الساعة الثانية وأبعين دقيقة عبرت السرية الأولى الحد الأمامي لدفاعاتنا يتقدمها (2) دبابة دقاقة لفتح الثغرات والدبابات المدعمة لها وعلى مسافة (400) متر من الموقع الحصين احتلت إحدى فصائل السرية ومعها الدبابات وأسلحة الرمي المباشر بالإضافة إلى (4) مدافع المدعمة للسرية إحدى السواتر الترابية للعمل كقاعدة نيران لستر باقي السرية المشكلة كمجموعات اقتحام وفي الوقت نفسه تحركت مجموعات المهندسين ومعها (2) دقاقة لفتح الثغرات وحقول الألغام.
وفي الساعة الثالثة تم احتلال قاعة نيران السرية الأولى وبدء المهندسون في فتح الثغرات وعبور الموجات الأولى لمجموعات اقتحام السرية الثانية ووصلت مجموعتي الاقتحام للشاطئ الشرقي للقناة وتغلبت على الساتر ونزلت في خنادق النقطة الجنوبية وبدأت في اقتحامها للنقطة إلا أن إحدى دبابات العدو تمكنت من احتلال إحدى المصاطب للساتر الترابي وبدأت في توجيه ضربات نيرانية في اتجاه باقي مجموعات اقتحام السرية الثانية أثناء عبورها للقناة كما احتلت دبابة أخرى للعدو إحدى المصاطب على الساتر الترابي أمام الملاحات وبدأت تنتج نيران مؤثرة على مجموعات المهندسين التي تقوم بفتح الثغرات شمال الموقع فأصيبت الدقاقات ولم يتمكن المهندسون من فتح الثغرة.
ومن الساعة الثالثة حتى السابعة مساءً، دار قتال شرس وتراشق بالمدفعية بين قواتنا المهاجمة وقوات العدو التي تحصنت داخل الدشم وأخذت تستعمل كافة أسلحة الموقع وإمكانياته لإيقاف تقدم قواتنا وقد تمكنت قواتنا من دفع مجموعة اقتناص دبابات واستطاعت تدمير الدبابة التي تعوق عبور مجموعات السرية الثانية كما تم سحب الفصيلة الخاصة التي تقوم بأعمال الهجوم الخداعي من اتجاه البحيرات لتعزيز موقف السرية الثانية والاشتراك معها في اقتحام النقطة الجنوبية من الخلف أما السرية الأولى فقد قرر قائد الكتيبة إيقاف تقدمها مع التمسك بموقعها التي وصلت له واستنزاف قوات العدو داخل الموقع واختيار نقاط الضعف في النقطة لتعديل خطة الهجوم طبقًا لذلك.
وفي العاشرة مساء يوم السادس من أكتوبر استولت السرية الثانية على القطاع الجنوبي وأعطى قائد اللواء أوامره بدفع سرية صاعقة ليلًا عبرت القناة من اتجاه السرية الثانية للاشتراك معها في مهاجمة الموقع من الجنوب وفوجئ العدو بالهجوم الواسع من كل الاتجاهات وأدرك أن القوات المصرية قد أطبقت عليه من كل جانب فاندفع يطلق نيرانًا مذعورة في كل اتجاه وفي فجر يوم 7 أكتوبر.
وفي الثالثة فجرًا، أكملت السرية الثانية وسرية الصاعقة والفصيلة الخاصة حصار الموقع من جميع الجهات بعد أن دفعت مجموعة اقناص دبابات تمكنت من دبابة التي كانت تحتل موقع الملاحات وفي الوقت نفسه تم سحب قوة السرية الأولى إلى الموقع الأول لقواتنا على أن تقوم بمعاونة مجموعات اقتحام السرية الثانية والصاعقة بالنيران أثناء استكمال اقتحام الموقع واستمرت عمليات التسلل واقتحام وتطهير دشم العدو فسقطت الواحدة تلو الأخرى حتى الساعة الرابعة والنصف من نفس اليوم في قتال متلاحم داخل الخنادق وخنادق المواصلات في الموقع الحصين.
واختفت باقي قوات العدو داخل الدشم المحصنة وأغلقت أبوابها الصلب وأخذت تطلق النيران من الفتحات في كل اتجاه على قواتنا المتقدمة داخل الخنادق بعد القضاء على المقاومة المعادية التي واجهتها وفي الساعة الخامسة تمكنت مجموعات الاقتحام من التسلل إلى فتحات الدشم وألقت بقنابلها اليدوية بداخلها لإجبار الأفراد على الخروج وتمكنت مجموعات التدمير من نسف مداخل الدشم واقتحامها وتدميرها وتطهيرها من قوات العدو وحاول أفراد العدو الباقين الهروب من الموقع بدبابة وعربة نصف جنزير إلا أن مجموعات الاقتناص لاحقتها وأطبقت عليها وتم تدميرها بأفرادها ولم يتبقى إلا (27) فردا تم أسر من بقى منهم حيًا وتم رفع العلم المصري عاليًا خفاقًا على الموقع بعد أن انتهت إلى الأبد غطرسة العدو في رأس العش وتقدمت قواتنا بخطوات واثقة على أرض سيناء الحبيبة.