رئيس التحرير
عصام كامل

عاطف السادات.. شهيد الضربة الأولى في حرب أكتوبر «تقرير»

محمد عاطف أنور السادات
محمد عاطف أنور السادات

مع اقتراب ساعة الصفر وفي تمام الواحدة والنصف من بعد ظهر السادس من أكتوبر 1973، وقف قائد لواء القاذفات المقاتلة وأمامه الطيارون بينهم النقيب طيار محمد عاطف أنور السادات يأخذون التلقين النهائي، ويتحدد لكل منهم الأهداف المطلوب قصفها وتدميرها بكل دقة.


عُين عاطف السادات ضمن قائمة الموجة الثانية للضربة التي خطط لها ضرب أهداف جديدة للعدو في عمق سيناء، ولكن أمام إصراره وحماسه الشديد تم نقل اسمه بناء على رغبته ضمن قائمة الطلعة الأولى التي تم التخطيط لتكون ضربة مفاجئة بقوة 200 طائرة استهدفت مطارات المليز وتمادا ورأس نصراني، ومركزين قيادة للعدو بمنطقة أم مرجم، وعشرة مواقع صواريخ، وثلاثة مراكز قيادة وسيطرة وإعاقة إلكترونية، وعددا من محطات الرادار والمدفعية، وثلاث مناطق للشئون الإدارية وبعض نقاط خط بارليف الحصينة.

كانت الفرحة غامرة والبسمة تعلو وجوه الطيارين وهم يصعدون لطائراتهم المحملة بالقنابل والصواريخ وكل ما يدور في أذهانهم استرداد كرامة الوطن والثأر لهزيمة أزالت الخبث وأظهرت المعدن الحقيقي للمصريين، أسند للنقيب عاطف السادات مهمة قيادة تشكيل فرعي لتدمير عدة بطاريات لصواريخ الهوك المكلفة بحماية مطار المليز لحرمان العدو من استخدامها ضد قواتنا.

وفي تمام الثانية وخمس دقائق من ظهر 6 أكتوبر انطلق البطل بسرعة مذهلة ليعبر قناة السويس على ارتفاع منخفض متفاديا التقاطه بشبكات الرادار ووسائل الإنذار، لينقض على الموقع المحدد له ويطلق عددا من صواريخ أرض جو ويدمره تماما، وينجح في تدمير موقع صواريخ الهوك الإسرائيلية، فيما قام باقي التشكيل بضرب مطار المليز وإصابته إصابات بالغة، وقام البطل بالتحليق فوق المطار مرتين للتأكد من تدمير الأهداف والبحث عن أهداف جديدة وخلال الدورة الثالثة تصاب الطائرة في الجو لتصعد الروح الشريفة إلى خالقها، كانت الساعة وقتها قد تجاوزت الثانية واثنتي عشرة دقيقة وفي نفس اللحظة بدأت إشارات اللاسلكي تتوالى بنجاح الضربة الجوية في تنفيذ جميع المهام المحددة لها.

يعود باقي التشكيل إلى قاعدة الانطلاق بعد تنفيذ المهام، ويسأل أحد الطيارين على رفيق السلاح أين عاطف السادات؟ ليخيم الوجوم على وجوه الجميع فقد نال الشهادة بعد أن تحقق أمله وساهم في التمهيد لهذا الانتصار العظيم.

كان البطل شديد الذكاء يتمتع بروح معنوية عالية وحب جارف لوطنه لم يتخلف عن التدريب ولو لمرة واحدة، شارك في حرب الاستنزاف وكان دائما يردد لا بد من معركة جديدة ليرى العالم قدرة المقاتل المصري وكفاءته، يشدد من عزيمة من حوله في التدريب قائلا: "إن هذه الطلعات هي تدريب لليوم الكبير"، للمعركة التي نذر لها كل حياته، كانت مصر حبه الأول والأخير فلم يتزوج، كان دائما يردد "فرحتي الحقيقية هي يوم أن تنتصر مصر، وتنسحب إسرائيل من سيناء ويعود علم مصر يرفرف من جديد فوق رمالها".

وبالرغم من كونه الشقيق الأصغر للرئيس الراحل محمد أنور السادات، فقد كان مثلا للجميع في الانضباط والالتزام والقيم العريقة التي نشأ عليها منذ الصغر، فولد عاطف السادات في شهر رمضان وتحديدا 13 مارس عام 1948، وكان في صباه يعشق الحياة العسكرية ويحلم بأن يكون ضابط طيار، وتحققت أمنيته بعد تخرجه في مدرسة كوبري القبة الثانوية بنين ليلتحق بالكلية الجوية ويتخرج فيها عام 1966 م، واستشهد في 10 رمضان عام 1973 متخذا من العلا سبيلا إلى المجد.
الجريدة الرسمية