حماس الإرهابية وحماس المهلبية!
الأسوأ من موضة البنطلونات الچينز المقطَّعة، هي موضة الإخوانلية والنشطائلية المقطَّعين، خصوصًا أن الواحد منهم لا يختلف مظهره كثيرًا عن مظهر الچينز المقطَّع، إلا في نقطة يتيمة ملهاش أخ ولا أب ولا أم ولا حَد يقول لها إنتي فين، وهي الخاصة بالحجم، فحجم الحتة الإخوانلية أو النشطائلية أصغر كثيرًا من حجم البنطلون، وأكبر من حجم الشراب، وكمية القطع فيها أكبر بكتير من حجمها هي شخصيًا، وتحديد اسمها وريحتها أصبح متروكًا لفطنة القارئ العزيز، ونرجو منه العُذر لكن هكذا السياق!
ومؤخرًا باتت الموضة الأهم لهؤلاء المقطعين المنشورين على كل حبال الإعلام ومواقع التواصل رغم أنهم مش نُضاف أوي ويمكن متغسلوش أصلًا من سنين، هي التغني بنغمة حماس التي كانت إرهابية وأصبحت الآن كيوتًا وزي العسل، أرجوك تخليها كيوتًا التزامًا بالمعجم وقواعد الصرف، وتطويعًا لكلمة ليست عربية لإخضاعها للنظام العربي على سبيل قهر لُغة الأعداء، كما يتم قهر الأعداء نفسهم سواء داخليين زي الإخوانلية والنشطائلية، أو خارجيين من مُحركي هؤلاء أو من اللي لابسينهم دون أن يستروا نفسهم بيهم لا فارق!
وفي الواقع فإن حماس بالفعل أصبحت مُنظمة إرهابية مُنذ فترة طويلة، خاصةً أن إرهابها جاوز المدى بإرهاب الشعب الفلسطيني نفسه بعد وصولها للحُكم قبل عشر سنوات، وتدمير القضية الفلسطينية بعد الاستقلال بغزة لوحدها، وانعدام العمليات ضد العدو الإسرائيلي مُحتل الأرض، وتحويلها لعمليات إرهابية أنفاقجية ـ من الأنفاق ـ ضد عدوهم المصري اللي هو لا يهودي ولا مُحتل، وإن كُنا نسينا اللي جرى مُمكن نجيب دفاتر إشارات ذوي الأربع، ومظاهرات تأييد الخائن (مرسي) وجماعته الإرهابية ـ الجماعة أم أربعة وأربعين ـ في غزة من جانب هؤلاء لتنقرا، ومعها إعلاناتهم وقتها أنهم مستعدون لتدمير الجيش المصري، ده طبعًا ناهيك عن العمليات الإرهابية في سيناء، واقتحام السجون أثناء ثورة يناير، كُل هذا قامت به حماس الإرهابية، ولا يُمكن لأحد أن ينكره!
لكن خلط الأوراق، والتهليل على فرض الصُلح بين حماس وفتح، وتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من بسط يدها على الأوضاع في أراضي الحُكم الذاتي جميعها من جانب مصر ومخابراتها مؤخرًا، أصاب الإخوانلية المقطعين ومعهم نشطاء الدلاديل والسبوبة بحالة من الاستبحث السياسي، فعملوا أزمة في مشابك الغسيل من كُتر استهلاكهم ليها في ساندوتشات الاعتصامات، وأصبح الداير على ألسنتهم الفلتانة الراغبة في إثارة أي جدل حاجتين: دي حماس اللي كانت إرهابية أصبحت دلوقتي حلوة؟ وأومال بتحاكموا (مرسي) بتهمة التخابر مع حماس ليه لما هي حلوة؟ والحقيقة حماس مش حلوة، ولا بريئة، لكنها حركة إرهابية أضرت بمصر كثيرًا، إنما حُكم السياسة في النهاية فوق كُل هذا بدون تجاهل الدماء ولا الحقوق، وهل كان السلام الذي بادر به الرئيس (السادات) مع إسرائيل لوقف الحرب واستعادة الأرض وفرض الاستقرار على سيناء قبل قرابة الأربعين عامًا، هل كان معناه أن إسرائيل ليست عدوا يا سُذَّج يا مقطعين؟!
كُل الحكاية إن السياسة كما يقولون فَن وليست عَن عَن، ومن أجل هذا لم يُكن مُمكنًا الاستجابة للدعوات المُتحمسة من مصريين ـ صادقين ـ راغبين في الانتقام من إرهاب حماس بأن يقوم الجيش المصري بدَك معسكراتهم في غزَّة، وهو قادر على ذلك، لكن تخيَّل أن وقتها حقنا كان سيتحوَّل لجور واعتداء أمام العالم، والبكائيات تنطلق من عواصم الإرهاب، والجزيرة تذيع تقارير عن الجيش المصري المُفتري أكتر وأكتر، وكُل هذا كان مستنقعا كان المطلوب أن تسقط فيه مصر بسذاجة مش عندنا الحمد لله، وكانت السياسة الذكية هي البديل!
ونظرية المؤامرة في السياسة لا يُمكن أن تغيب، فسياسية بدون مؤامرة مش هقول لَك زي أكل من غير ملح، لا، دي زي أكل من غير أكل، فما يجري ليس أكثر من مؤامرات ضد مصر من جانب مُحركي حماس في الدوحة وأنقرة وطهران كمان أحيانًا، يتم الرد عليها بتخطيط طويل الأجل والنَفَس من جانب مصر، حتى تم تحويل الحركة المتفرعنة إلى مهلبية، وفرض صلح مُجحف عليها وعلى قادتها لصالح القضية الفلسطينية وسلطتها وحركة فتح، يعني مش بمزاج حماس مُعظم ما جرى، خصوصًا أنهم أجبروا عن التنازل عن سلطانهم وجبروتهم في غزة التي بكت واشتكت من تردي الأحوال بداخلها خصوصًا مؤخرًا مع الجماعة الإرهابية التي تقدم التنازلات تباعًا مُنذ فترة، وأرجوك لا تنسى وثيقتهم التي أعلنت قبل خمسة أشهر بالتبرؤ من عصابة الإخوان الإرهابية، والاعتراف بإسرائيل!
وبعدين اللي بيلوم مصر على إنها بتعتبر حماس مش إرهابية، وهذا ما لم يحدُث إلا في خياله، لماذا لم يلُم حماس ـ اللي كان عشمان فيها تقتل المزيد من الجنود المصريين ـ بعد أن قامت بتجميع صور (تميم) و(أردوغان) وإنزالها من على الجُدران وإلقائها في غياهب المجاري وشد السيفون عليها، ورفع صور (السيسي) بدالها في شوارع غزة؟ الصدمة كانت ثقيلة على الطرفين الحقيقة، على الإخوانلية المُنظّرين والنشطاء المقطعين الذين أحزنهم فرض مصر لأمر واقع على حدودنا الشرقية، تمامًا كما يجري على الحدود الغربية مع ليبيا، لكن بطريقة أخرى لا تختلف في الذكاء، فاكر الطائرات المجهولة؟ وأحزنهم كمان أن شوكة حماس التي كانت مصوَّبة لظهرنا انفرض عليها الخرس والحصار، وتحوَّلت إلى عجينة يُعاد تشكيلها من جانب المخابرات المصرية لصالح خدمة القضية الفلسطينية والحفاظ على الأمن القومي المصري، لا لصالح خدمة الإرهاب القطري التركي وكمان الإسرائيلي لدرجة أن الحركة -الإرهابية- التي يتم استئناثها حاليًا غصب عنها قررت بشكل رسمي فرض الإقامة الجبرية على عدد من صقورها المُتشددين المُعارضين للاتفاقيات الأخيرة!
بمُناسبة سيرة إسرائيل، فقد انطلقت مؤخرًا شائعات من نشطاء الغبرة بأن مصر هتعمل مناورات عسكرية مع إسرائيل شوفت الفُجر في المحاولات اليائسة لتفطيس بلدهم خصوصًا مع ذكرى أكتوبر كمان؟ طبعًا لا ننسى أن أمثال هؤلاء داخل مصر وخارجها في قنوات مشلضمين وغيرها قد انطلقوا للتأكيد مُجددًا على أن حرب أكتوبر كانت مسرحية، وإن إسرائيل كانت بايعة لنا الحرب أو مفوتها على طريقة ماتشات الكورة أو مصارعة المُحترفين، بالذمة اللي يقولوا كده دول ناس مُمكن ييجي من وراهم خير، أو وطنية، واللا يستاهلوا الضرب بالقديمة؟ صح معاك حق، بس القديمة برضو خسارة فيهم!
وباختصار فحماس لم تُقدم ما قدمته من تنازلات طوعًا، ونظام المراجعات للإرهابيين والندم والبكاء بدل الدموع دم دة لا يخدع أحدًا، وحماس كانت وستظل إرهابية تنتظر فرصة الانطلاق مُجددًا في القتل والتدبيح تاني، تمامًا مثل الإرهابيين المصريين من عينة (عاصم عبد الماجد) و(طارق الزمر) وغيرهم من بتوع المُراجعات الفكرية، والكلام النظري التافه الذي لا يلبث أن يتحوَّل لقنابل ومتفجرات أول ما تحين الفُرصة بعد تخفيف القبضة الأمنية عليهم، وباختصار أكثر فما تم لم يكُن بإرادة حماس ولا قادتها، إنما كان بإرادة مصر التي فرضت الأمر الواقع على الجميع من المقطعين والمحروقين، والحقيقة الباقية هي أنه لا أحد يُمكن أن ينسى إرهاب حماس ولا يتهمها ـ زورًا ـ بأنها بريئة، وكُل ما يجري من محاولات لترسيخ هذا السياق الفكري الخائب لهو مُجرَّد محاولات يائسة ساذجة من شوية عيال كُل علاقتهم بالسياسة شائعتين على اعتصام على ساندوتش مشابك بسبب الاستبحث المُشار إليه بعاليه، والحلو مهلبية بس مش من بتاعة حماس لأنها يا عيني عليهم مُرَّة علقم!
