رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «هدى» ابيضت عيناها حزنا على طلاق والديها «تقرير»

فيتو

“وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ”، على غرار سيدنا “ يعقوب” عليه السلام، فقدت بصرها حزنا على ما مرت به طوال حياتها.


تروي “هدي محمد" إحدى فتيات الأقصر، قصتها والتي تبلغ من العمر 47 عاما، انها ولدت وسط أسرة سعيدة تتكون من والديها و4 أشقاء بينهم 2 ذكور و2 إناث.

وبدخولها مرحلة التعليم الابتدائية تمنت أن تكمل تعليمها حتى تصبح مضيفة طيران، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، لتحطم آمالها بانفصال والديها وطلاقهما مما أدى إلى حزنها الذي تصاعد في صدرها وتسبب مع الأيام بفقدها نعمة البصر.

وتقول "هدى"، "عند انتهائي من المرحلة الابتدائية حدث بعض المشكلات الأسرية مما اضطر والدي للانفصال عن والدتي، واحتضني في ذلك الوقت والدي الذي تزوج من أخرى، كما تزوجت والدتها من رجل آخر وسافرت معه إلى القاهرة، وبذلك التحول انقلبت حياتها هي واشقائها رأسا على عقب بالعيش مع زوجة الأب.

وتابعت، “استكملت مراحل تعليمي حتى وصلت إلى نهاية الصف الثاني الاعدادي، مرضت والدتي وتوفيت، وبعدها بشهور مات والدي أيضًا، فلم يكن لدينا فرصة سوى العيش مع الأقارب، ولكن في ظل ظروف الحياة الصعبة لم يتحمل البعض سوى أبنائه فقط، حيث مرضت شقيقتي وضعف نظرها ونتيجة الإهمال وعدم البحث عن أطباء ضاع نظرها وأصبحت كفيفة.
 
وأضافت، كثرة البكاء والفقر والحزن الشديد على ما حدث معي ولأشقائي جعل نظري يضعف أيضًا شيئًا فشيئًا، وذهبت إلى عدة أطباء في الأقصر وتم تحويلي إلى مركز البحوث في القاهرة ومن ثم إلى مستشفى القصر العيني التي انتظرت فيها ما يقرب من ثلاث أشهر حتى يأتي دوري في الكشف وإجراء عملية.

وذكرت، عند قيامي بإجراء العملية الجراحية مكثت في المستشفى، مما دعا إحدى أقاربي المرافقة لي للعودة إلى الأقصر لظروف خاصة، وتركني وحيدة، مما جعلني في غاية الحزن.

وأتذكر أنه لولا طلاق والدي ما كان سيحدث هذا، وكنت أنهمر في البكاء رغم أن عيناي يوجد عليها رباط، وفي أحد الأيام ذهبت إلى دورة المياه دون مساعدة أحد، وكان مصيري الوقوع على رأسي مما أصابني بصداع شديد متكرر يوميًا مع بكائي الشديد، الأمر الذي أدى إلى فشل العملية وضياع نظري كشقيقتي.

وأوضحت، عندما قام الطبيب بإزالة رباط العين اكتشف اني أصبت بالعمى، وذلك لبكائي طوال أيام العملية، لم أتأثر بما حدث، لأن هذا الظلام الذي أراه أمامي الآن، أعيش فيه بداخله منذ انفصال والداي عن بعضمها وتحول حياتي وأشقائي إلى جحيم، وظللت وحيدة داخل المستشفى لا يوجد معي سوى أحد أقاربي المسنين وزوجته يأتون لزياتي كل حين، وكان هناك أحد الضباط ابنته مريضة يأتي لي بطعام دائما، وطبيب يقوم بزيارتي بعد ما صعب عليه حالي.

وأردفت، بعد شهرين من فك الرباط فاجئ أحد الأطباء قريبي المسن الذي يأتي لزيارتي كل فترة، بأني من المفترض أن أكون خارج المستشفى منذ فترة كبيرة، متسائًلا: " انتوا مأخدتوهاش ليه وسايبينها كل الوقت ده"؟ مما دعا زوجته إلى البكاء وهو أيضًا وأخذوني إلى منزلهم الصغير الذي يتكون من غرفة واحدة.

وأكدت،" رفضت عودتي إلى الأقصر، وفضلت  الدخول إلى جمعية النور والأمل في القاهرة  لرعاية المكفوفين، وتعلمت فيها طريقة برايل، وكيفية صناعة السجاد، حتى تقدم أحد الأشخاص إلى خطبتي وتزوجنا، مشيرة إلى أنه يعاني من ضعف البصر بنسبة كبيرة.

وأشارت إلى عودتها الأقصر مجددًا ومعها زوجها، حيث قاما بالحصول على شقة إيجار بعد حصولها على وظيفة في مدرسة براتب يكاد أن يسدد ثمن الإيجار، ونصحتها إحدى أقاربها بالتدريب على صناعة المشغولات اليدوية حتى تتمكن من تحسين ظروفها المعيشية.

ولفتت إلى أنها كانت تهوى التطريز من صغرها قبل أن تصبح ضريرة، مما ساعدها على تعلم صناعة الإكسسوارات الحريمي من الخرز، كالعقود والانسيالات، وبيعها في عدة معارض تابعة للشباب والرياضة والثقافة، موضحة أنها تساعد بشيء بسيط للغاية في توفير مصروفاتها، ولكنها تود تكبير مشروعها بتسويق ما تصنعه وبيعه للمحال التجارية، الذي لا تستطيع أن تقوم به أو زوجها لما يعانياه من عدم الإبصار.

وعن عدم انجاب الأطفال، أوضحت بأن هذا نصيبها الذي كتبه الله لها وتحمده على ذلك، مؤكدة أن زوجها هو دنيتها وسندها في الحياة، ويساعدها في شراء طلبات المنزل من السوق، وشراء احتياجات عملها في المشغولات اليدوية.

وأوضح الزوج "مصطفى" أن زوجته تسعى لتوفير دخل لتحسين معيشتهم رغم رفضه ذلك لراحتها، رغم ما تقوم به من أعمال منزلية، مؤكدًا أنها عرض عليه الطلاق والزواج من آخر لتتمكن من إنجاب أطفال ولكنها ترفض ذلك.

واختتم حديثها، بأنها تتمنى أن تجد من يقوم لها بتسويق ما تصنعه للمحال التجارية، وزيارة بيت الله الحرام.
الجريدة الرسمية