رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان والقضاء.. وطنية أم ثأر؟!


الصراع بين جماعة الإخوان المسلمين والقضاء ليس جديدا كما يتوهم البعض ولا من أجل تطويره من أجل خدمة الثورة وتحقيق أهدافها كما يرددون فى تظاهراتهم وحواراتهم، حديث الشارع والإعلام، فبينهم تاريخ من الأحكام والقضايا التى توهم بعض الإخوان أن القضاء كان يد النظام فى سحقهم فى أيام النظام السابق ومصادرة شركاتهم وأموالهم وقبلها من أيام جمال عبد الناصر وفترة الستينيات وإعدام عدد من رموز الإخوان، ومنهم القيادى البارز سيد قطب وغيره.

الهدف الأساسى من الهجوم على القضاء هو العمل على السيطرة عليه وتطويعه لخدمة أهدافهم السياسية، والأمثلة كثيرة جدا من بداية أزمة صبحى صالح وطارق البشرى والاستفتاء الشهير وبعدها الصدام الواضح فى بداية مجلس الشعب المنحل ثم قرار حله ثم صدامهم مع الدستورية ثم تحصين الرئيس قراراته ضد أحكام القضاء ثم أزمة الدستور وإقراره والنائب العام وعودته، ثم مؤخرا عدم دستورية قانون الانتخابات وغيره من القوانين والقرارات التى تخرج من مؤسسة الرئاسة ويتم الطعن عليها ووقفها بقرارات قضائية، فقطاع كبير من الجماعة يرى أن مؤسسة القضاء تقف فى طريق تحقيق أحلامهم بالسيطرة على مصر، فهم لا يريدون أى معارضة لهم وعلى الجميع تنفيذ قراراتهم وقوانينهم حتى لو كانت خاطئة وغير قانونية.

مشكلة الجماعة الحقيقية مع القضاء واقع لا شك فيه وهم يرون أن شخصيات عديدة داخل المؤسسات القضائية هى التى تعرقل مسيرتهم، ولذلك تم تعديل تشكيل المحكمة الدستورية لكى تخرج المستشارة تهانى الجبالى، وتم تعديل طريقة اختيار النائب العام لإبعاد المستشار عبد المجيد محمود وغيرها من الممارسات التى تدل على سذاجة سياسية مثل أزمتهم مع المستشار الزند، وسياسة إبعاد أشخاص بعينهم لن يضمن لهم تنفيذ ما يريدون وها هى المحكمة الدستورية تطعن على عدم دستورية قانون مجلس النواب، وها هو القانون يبطل طريقة تعيين النائب العام، وغيرها، ومن الواضح جدا أن الجماعة تتعامل مع القضاء بسياسة إقصاء الرموز والقيادات حتى يتم إرباك القيادات الأخرى والسيطرة عليها.

المضحك والمثير للدهشة بالرغم من أن غالبية الجماعة محامين وخبراء قانون إلا أنهم لم يستطيعوا تقديم قانون حقيقى لاستقلال القضاء فى محاولة لتطويره، فإننى أرفض كلمة تطهير لأن القضاء المصرى الذى يتهمونه بالفساد هو الذى أشرف على الانتخابات الرئاسية التى أوصلتهم للحكم، وهو الذى أشرف على مجلس الشعب والشورى الذى جعلهم الأغلبية، وهو الذى قرر عدم محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية فى النظام السابق وغيرها.

القانون الذى يريد الإخوان تمريره من مجلس الشورى لم يقدم شيئا لتطوير المؤسسة القضائية، فهو لم يتكلم عن ضوابط تعيين الهيئات القضائية والقضاء على التوريث داخل الوزارة، ولم يتحدث عن طرق اختيار رؤساء محاكم الاستئناف والنقض والدستورية العليا ولم يقدم تعديلات على دور القضاة فى الحياة السياسية وغيرها، ولكنه قدم شيئان لا قيمة لهما سوى تصفية الحسابات ومحاولة السيطرة على الهيئات القضائية بتخفيض السن إلى ستين عاما، مما يخرج للمعاش 3500 قاض أغلبهم رؤساء محاكم الاستئناف والنقض، ورؤساء ووكلاء الهيئات القضائية وغيرها، والبند الثانى عبارة عن رشوة لضعاف النفوس داخل القضاء برفع رواتبهم مثل قضاة المحكمة الدستورية، فتخيلوا الإبداعات الإخوانية للقضاء وخططهم لترويض ميزان العدالة فى مصر.

لا أنكر أن كل المؤسسات فى مصر تحتاج لتطوير وهيكلة عبر مجموعة من القوانين العادلة التى تعمل على تحسين الأداء ورفع معدلات التنمية الحقيقية داخل الوطن، ولكن يكون تطويرا حقيقيا وليس تصفية حسابات ومحاولات لتفكيك مؤسسات الدولة من أجل وهم التمكين الإخوانى.
dreemstars@gmail.com
الجريدة الرسمية