رئيس التحرير
عصام كامل

الكنيسة تواجه المثلية بـ «عظات العفة».. تصدت للضغوط الغربية ورفضت تنصيب الشواذ كهنة وأساقفة.. رفيق جريش: لا نعادي المثليين لكننا نعمل على تخليصهم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أحدثت قضية المثلية الجنسية، مؤخرا، ضجة كبيرة، بعدما ظهر العلم الخاص بالشواذ في إحدى الحفلات، وتسابقت المؤسسات والأشخاص على الإدانة والاستنكار، من منطلق «تسجيل موقف»، ليس إلا، دون أن يضع أحدهم حلا لمواجهة الأزمة من جذورها. 


«الكنيسة» باعتبارها إحدى مؤسسات الدولة، كانت حاضرة في الأزمة، فخرج البابا تواضروس الثاني، رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يندد بالمثلية، وهاجمهم قائلا: «نهاية المثلية مذلة»، مؤكدا أنها ليست «حرية»، بل تتنافى مع الحق الإلهى.


واستندت «الكنيسة» في موقفها من «الشذوذ الجنسي»، إلى آيات الكتاب المقدس، حيث ورد في سفر «اللاويين 18: 22»: «ولا تضاجع ذكرًا مضاجعة امرأة، إنه رجس»، كما جاء في «لاويين 20: 13»،: «وإذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة، فقد فعلا كلاهما رجسًا، إنهما يُقتلان ودمهما عليهما».


وجاء في رسالة بولس الرسول الأولى، إلى أهل كرونثوس «6: 9-10»: «لا تضلوا لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مضاجعو ذكور، ولا سارقون، ولا طماعون، ولا سكيرون، ولا شتامون، ولا خاطفون، يرثون ملكوت الله»، وفي رسالته إلى رومية قال: «كذلك الذكور أيضًا تاركين استعمال الأنثى الطبيعي، اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض، فاعلين الفحشاء ذكورًا بذكور، ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق، وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم، أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق».


«الكنيسة»، مدعومة بآيات الكتاب المقدس، واجهت وتصدت لكل محاولات تمرير «المثليين»، وزرعهم في الوسط الكنسي، بل ومحاولات تنصيبهم كهنة وأساقفة، ففي بداية الألفية الثانية اندلعت حرب ضروس، بعدما حاولت بعض الكنائس الغربية تقنين «المثلية الجنسية»، وزواجهما، وسيامة بعضهم في الرتب الرعوية المتنوعة، رجالا ونساء في كنائسهم، والسعي في سيامة أسقف من بينهم، بالكنيسة الأسقفية في نيوهامبشاير بالولايات المتحدة الأمريكية.


لم تقف «الكنيسة»، مكتوفة الأيدي أمام هذا المرض الذي سرى بخفة في المجتمع، حيث اجتمع رؤساء وممثلو الكنائس المسيحية في مصر بكل طوائفها، في الثامن من سبتمبر العام 2003، برئاسة البابا الراحل شنودة الثالث بالمقر البابوي في دير الأنبا رويس بالقاهرة، وأعلن الجميع رفض وإدانة «الشذوذ الجنسي».


وأوضح رؤساء الكنائس أن هذه البدع والانحرافات تتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس، كما أنها تهدد استقرار الزواج الطبيعي، وراحت الكنيسة تنظم دورات وندوات تندد خلالها، بالمثلية، وتحذر من خطورتها، وعقدت لقاءات توعوية مع الأسر المسيحية، تحذرهم من هذا المرض، وتشدد على ضرورة متابعة سلوكيات الأطفال والشباب، والتندر لحظة ظهور أفعال غير مفهومة عليهم، ومحاولة الاكتشاف المبكر لعلاجهم.


الكنيسة الكاثوليكية تحذر من خطورة المثلية منذ 30 عاما، حيث إنها لا تعادي المثليين، وإنما ترفض المثلية باعتبارها خطية تتنافى مع فكر الله، هكذا قال الأب رفيق جريش، مدير المكتب الصحفي للكنيسة الكاثوليكية وأضاف: إن «الكنيسة الكاثوليكية ضد المثلية، ولكن ليست ضد المثليين، ضد الخطية، ولكنها تسعى لخلاص الخاطئ».


وأوضح أن الكنيسة الكاثوليكية تسعى لعلاج «المثليين»، وفق منهج تربوي، يعتمد على الحوار، وذلك للوصول إلى أسباب هذا المرض، وليس من خلال تعنيفهم، وتجنبهم الذي يدفعهم إلى التمرد، والاستمرار عنادا في طريق مرفوض.


وأكد أنه على المجتمع والدولة دور هام في علاج هؤلاء المرضي، من خلال احتوائهم، وإعادة تأهيلهم لدمجهم في المجتمع مرة أخرى.


وكشف الأب رفيق جريش، أن الكنيسة الكاثوليكية، تتواصل مع المثليين منذ 30 عاما، وتعقد ندوات، ودورات توعوية، للتحذير من خطورة المثلية، وتعريف الأسر طرق الوقاية من هذا المرض الذي يشبه الـ«سرطان».


وأكد أن عدد «المثليين» في الكنيسة الكاثوليكية، ليس كبيرا، دون أن يكشف عن رقم بعينه، مشددا على أنهم لا يظهرون في الكنيسة، ولا يحضرون الاجتماعات من الأساس، لكن الخدام والمسئولين يتواصلون معهم، ويزورونهم برفقة متخصصين، لمساعدتهم على التخلص من الداء.


وأكد أن الكنيسة الكاثوليكية حريصة على وقاية شبابها من هذه الأمراض، قبل أن تتفشى في وسطها، لكنها، في الوقت نفسه، ترفض من يلقون بأنفسهم في وسط المثليين، من منطلق تجربة الجديد، وبداعي «الليبرالية» أو «الروشنة».


«مدارس الأحد»، واللقاءات الشبابية، واجتماعات الأسر، منصات تستخدمها الكنيسة الكاثوليكية للتحذير والتوعوية من خطورة «المثلية الجنسية»، وبحسب «جريش»، فالكنيسة تتحرك سريعا وفق خطوات مرسومة مسبقا، وبالتنسيق مع الأسرة، فور ملاحظة أحد الأطفال أو الشباب، هاجمه هذا الداء، وتبدأ بالحوار معه، ولفت نظر أسرته إذا كانت على غير علم، مشيرا إلى أن الكنيسة دائما تضع يديها على الأخطاء لتلافيها، في إطار رعايتها لأبنائها.


الرفض القاطع كان موقف «الكنيسة الأرثوذكسية» من قضية «المثلية الجنسية»، لكنها في الوقت نفسه تبحث عن حل يقى شبابها هذا المرض، فتدرس بطريركية الأقباط الأرثوذكس في الإسكندرية، تنظيم مؤتمر بعنوان «بركان الشذوذ الجنسي»، يلقي خلاله القس إبراهيم رياض، المتخصص في كيفية التعافي من المثلية الجنسية، محاضرات لإرشاد الآباء والخدام في مساعدة هؤلاء الشباب على أساليب العلاج والتعافي.


القمص عبد المسيح بسيط، أستاذ اللاهوت الدفاعي في الكنيسة القبطية الأرثوكسية، وكاهن كنيسة العذراء بمسطرد، أكد أن التنشئة في الكنيسة تحول دون تفشي هذه الظاهرة في المجتمع القبطي.


وأوضح أن «المثلية الجنسية» من أشنع الخطايا التي يرفضها الله، وبسببها أهلك الله شعب «سدوم وعمورة»، مشيرا إلى أن الوسط المسيحي لا يلمس مثل تلك الخطايا، خاصة أنها ليست منتشرة بالشكل المقلق.


«مدارس الأحد» هي أولى المجتمعات التي يمر بها الطفل المسيحي، خارج المنزل، وحسب «بسيط»، فإن التنشئة المسيحية تقي الأطفال والشباب من مثل تلك الخطايا، خاصة أن الوعاظ والكهنة يحذرون الجميع شبابًا وأطفالًا من خطورة تلك الأمراض.


وأكد أنه عند اكتشاف أو ظهور علامات غريبة على أحد أبناء الكنيسة، يتابعه الخدام، وأب الاعتراف، لمعرفة أسباب تلك التغيرات، وعند التأكد تبدأ مرحلة العلاج، المتمثلة في إعادته إلى أحضان الكنيسة إذا كان قد ابتعد قليلا.


«التنشئة.. الكنيسة»، أمران عوَّل عليهما «بسيط»، حماية للشباب والأطفال من «المثلية الجنسية»، مؤكدا أن الآباء الكهنة جميعا، في عظاتهم، أو الدروس الشبابية، يحذرون من خطورتها، ويؤكدون أن من يرتكبها ليس له مكان في ملكوت السموات، وفق الكتاب المقدس.


فيما استنكر البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، تفاخر البعض بالعنف والشذوذ، مؤكدا أن نهايتها مذلة، وأوضح أن الفلسفة التي تصل بالإنسان إلى حد الإلحاد وإنكار وجود الله والأفكار الشاذة، تطفئ روح الله داخل الإنسان.


الكنيسة الإنجيلية، رغم رفضها القاطع لـ«المثلية الجنسية»، وإصدارها بيانات عدة تعلن فيها ذلك، لكن تقتصر مواجهتها أو علاجها لتلك الحالات على «العظات»، التي يلقيها القساوسة في الكنائس، عندما تدور العظة حول حياة «العفة»، وقال الدكتور القس رفعت فكري، مسئول لجنة الإعلام بسنودس النيل الإنجيلي، إن الوعاظ يحذرون كثيرا في الاجتماعات العامة أو الشباب، من خطورة المثلية الجنسية، خلال عظاتهم، كما يحرصون على التوجيه والرعاية باستمرار.


وأوضح أن الكنيسة لديها أطباء نفسيون متخصصون في علاج «الشذوذ الجنسي»، ولكن ليس لديها مراكز متخصصة في ذلك، مشيرا إلى أن الأطباء يعقدون الندوات باستمرار مع الشباب، ويتحدثون في البرامج عبر القنوات المسيحية، يعرضون خلالها الأفلام التسجيلية التي تكشف خطورة مثل هذا السلوك المشين.
الجريدة الرسمية