اختفاء المزارات الريفية والبيئية من خريطة السياحة بالفيوم «تقرير»
كانت الفيوم إلى عهد قريب المنتجع الذي يلجأ إليه المصريون في إجازاتهم لقضاء وقت ممتع يريح الأعصاب ويزيل آثار التعب من العمل طوال الأسبوع، ولأن الفيوم مجتمع في الأصل زراعي ساعدها في أن تكون متنفسا للأغنياء والفقراء على حد سواء، فكانت أسرة محمد علي تستجم في الفيوم، وتنظم رحلات صيد لكبار القوم، في الوقت الذي كانت فيه الفيوم مقصدا للغلابة للتنزه في حدائق عيون السليين وبحيرة قارون.
يقول الخبير السياحي الدكتور نبيل حنظل، إن عيون السليين نبع لمياه كبريتية كان يقصدها المرضى للاستشفاء وتحولت إلى منتجع سياحي للغلابة لما يحيطها من حدائق الزيتون والموالح، وقربها من طواحين الماء التي كان يستخدمها الفلاح المصري القديم في طحن الحبوب.
وكان بمنطقة عيون السليين نبعان كبيران هما عين السيليين وعين الشاعر ومجموعة من العيون الصغيرة تحيط بهما، وأكدت نتائج تحليل مياه عيون السليين التي أجريت بمعامل أفيان في فرنسا أنها مياه كبريتية خالية من التلوث.
وفي عام 1992 تعرضت مصر لزلزال مروع، أدى إلى تحريك طبقات الأرض في منطقة عين السليين فأغلقت مصدر المياه، وحاول محافظون متعاقبون على الفيوم، إعادة السليين إلى خريطة السياحة الريفية والبيئية بإنشاء نافورة مكان تدفق العيون الكبريتية إلا أن الفكرة باءت بالفشل، وظلت منظقة عيون السيليين جزءًا من تاريخ الفيوم السياحي.
ويضيف حنظل: «أن الدولة حاولت إيجاد بديل لعيون وحدائق السليين، ففكرت في قرية تونس على ضفاف بحيرة، وأنشات بها متحفا وورشا للصناعات البيئية ولكن مازالت تونس تحبو في عالم السياحة، ولم تتمكن الدولة من تسويق القرية سياحية رغم أنها من أروع المزارات السياحية في الشرق الأوسط».
وأكد حنظل أن هناك أنماطا سياحية ريفية، لم تستغل بالشكل الأمثل الذي يضعها على رأس قائمة السياحات الريفية في مصر، ومنها أبراج الحمام التي اندثرت واندثر معها رحلات صيد الحمام وحتى مهنة صائد الحمام ماتت كغيرها من المهن المرتبطة بالبيئة.
كما اختفت من خريطة السياحة البيئية والريفية طواحين المياه التي كانت تنتشر على المساقط والمجاري المائية في الفيوم ويستخدمها الفلاح المصري القديم في طحن الحبوب لتصنيع الخبز للإنسان والعلف للماشية.