رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا شركة رابعة للمحمول؟!


عندنا في القرى ظاهرة سيئة جدًا وهي حينما يقوم مواطن بعمل مشروع ويربح يقلده كل الناس، فمثلا حينما يفتتح مواطن محلا للبقالة فالقرية كلها تمتلئ بمحال البقالة فيخسرون جميعًا، بدلا من التفكير في عمل مشروع آخر بنشاط مختلف حتى يكون هناك تكامل لا تنافس ويربح الجميع، الحكومة للأسف الشديد فعلت نفس الشيء بإطلاقها للشركة الرابعة للتليفون المحمول، حيث رأت أن الشركات الثلاث تربح فقررت مشاركتها في التورتة ومنافستها في نفس المجال، حقيقي أنا مستغرب جدًا من هذه الخطوة ولدي أسبابي التي قد تكون خاطئة:


أولا: السوق متشبعة تمامًا بالتليفون المحمول آخر إحصائية صادرة أمس الأول عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تقول إن عدد السكان 94 مليونا، في حين أن خطوط المحمول 104 ملايين، أي نحو 111% من السكان، بما في ذلك الأطفال الرضع والمسنون.

ثانيا: الحكومة دائمًا تنتقد المواطنين بسبب الإفراط في استخدام المحمول والكلام في الفاضي والمليان وإنفاق الأموال على التليفونات بدون فائدة ومع ذلك الحكومة نفسها أطلقت الشركة الرابعة وكأنها تشجع المواطنين على تضييع وقتهم في الكلام الفاضي وهنا ينطبق عليها المثل الشعبي "أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب".

ثالثا لماذا تزاحم الحكومة القطاع الخاص؟ وهذا هو مربط الفرس بالنسبة لي شخصيًا، المفروض أن الحكومة تنتقل من مقدم الخدمة إلى منظمها وتترك المجال للقطاع الخاص يتولى تقديم الخدمة والتوظيف والإنفاق من أمواله مع هامش ربح (يسدد منه ضرائب) تحت رقابتها الصارمة، ولكن ما حدث هو عودة بنا إلى الخلف تمامًا لأن الأيام أثبتت أن الحكومة مدير فاشل ومعظم مؤسساتها خاسرة وكذلك الشركات والمصانع التابعة لها غارقة في الفشل والفساد والديون والخسائر.

رابعا: شركات المحمول في مصر كانت هي النموذج الأمثل لما يجب أن يكون عليه الاستثمار، فلدينا ثلاث شركات قطاع خاص ولدينا جهاز تنظيم الاتصالات يراقبهم والمنافسة بينهم أدت إلى تحسين الخدمة وتخفيض سعرها وتطويرها( رغم بعض السلبيات) لأننا نتذكر في بداية الخدمة قبل 20 سنة تقريبًا كان سعر الخط 2000 جنيه والدقيقة بــ 250 قرشًا، حاليًا الخط مجاني والدقيقة بعشرة قروش.

خامسا: الشركة الرابعة لديها إمكانيات كبيرة حيث تمتلك البنية الأساسية وأيضًا عمالة رخيصة وربما إعفاءات ضريبية وقد تخفض أسعارها في منافسة غير شريفة مع الشركات الأخرى تؤدي إلى سحب العملاء منهم فهل هذا يسعد الحكومة؟ إذا اضطرت الشركات الثلاث الاستغناء عن العمالة وهي بمئات الآلاف أو تخفيض استثماراتها في مصر وهي بالمليارات؟

سادسا: القطاع الخاص حاليًا رغم كل المشكلات التي يواجهها والظروف التي يعمل فيها فإنه يتحمل أكثر من 80% من الخدمات في كل المجالات لماذا نعرقله ونزاحمه ونحبطه بدلا من مساندته وتشجيعه وتهيئة المناخ له؟

كان الأحرى بالحكومة أن تنفق أموالها (أموال الشعب) في مجال آخر أكثر فائدة للوطن والمواطن في الصناعة وخاصة تكنولوجيا الاتصالات (فليس لدينا حتى مصنع للماوس) تفيد السوق المحلية والتصدير، أما منافستها للقطاع الخاص رسالة سلبية للمستثمرين المحليين والأجانب.

لي صديق رجل صناعة ناجح فوجئ بمسئولين من جهة حكومية يزورون مصنعه فأعتقد أنها زيارة لتشجيعه ولكنهم يريدون إقامة مصنع مثله لأنه يربح، الحكومة ليست تاجرا ولا سمسارا والاستثمار الحقيقي يكون في الصناعة والإنتاج وفي جلب الأموال من الخارج إلى الداخل، وليس في جلبها من جيوب المواطنين لإنفاقها في سلع استهلاكية أو تسقيع عقارات هذا هو رأي المتواضع في شركة المحمول الرابعة، وأتمنى أن أكون مخطئًا فقد كتبت ما أعتقد أنه في صالح بلدي والله الموفق والمستعان.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية