رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وأزمة العراق


كثير من الشواهد تشير إلى أن أزمة كردستان العراق مرشحة للتصاعد وزيادة حدتها، فالحكومة العراقية بدأت تتخذ عددا من الخطوات التصعيدية، بعد إصرار برزاني على إجراء الاستفتاء على استقلال كردستان العراق، بدأت بالمطالبة بتسليم مطارات الإقليم للسلطة المركزية في بغداد، والسيطرة عسكريا على المناطق المتنازع عليها، وفي مقدمتها كركوك الغنية بتروليا، وليس معروفا إلى أين تنتهي هذه الإجراءات العراقية، والدول المجاورة خاصة تركيا وإيران تصعد من تهديداتها لكردستان العراق، وهي تهديدات ليست قاصرة على العقوبات الاقتصادية وحدها، في ظل رفض دولي شبه شامل ليس للاستفتاء فقط، وإنما لاستقلال أكراد العراق الآن.


ولذلك هذا الوضع ينذر بزيادة التدخل التركي والإيراني، ليس في هذا البلد العربي الشقيق، العراق، وإنما في الإقليم كله، وسيترك ذلك آثاره السلبية فى الأمن القومي العربي كله، لأن كلا من تركيا وإيران لهما أطماع إقليمية، وتحديدا في منطقتنا العربية وعلى حساب المصالح العربية.

وهنا تأتي أهمية أن يكون لمصر دور في احتواء تداعيات تدهور تلك الأزمة، التي سبق أن حذّر منها بيان للخارجية المصرية، صحيح مصر أعلنت رفضها إجراء استفتاء استقلال كردستان العراق عن الدولة العراقية، نظرا لأنها تتبنى سياسة خارجية تدافع فيها عن كيان الدولة الوطنية، وترفض عمليات تقسيم الدول العربية إلى كيانات قزمية، يسهل فرض الوصاية عليها والتدخل في شئونها الداخلية، ولكن مصر ليس بينها وبين أكراد العراق خصومات، فضلا عن أنها مدت جسور علاقات طيبة مع حكومة بغداد، وكل هذا يجعل منها وسيطا مناسبا بينهما، وكما نجحت مصر في جمع الفرقاء الفلسطينيين على كلمة سواء حتى الآن، يا حبذا لو فعلت ذلك مع الفرقاء العراقيين.

غير أن الدور المصرى يحتاج إلى ظهير عربي مساند وداعم له، وهذا يقتضى تشاورا عربيا عاجلا في هذا الصدد مع الدول العربية الفاعلة، فالمطلوب ليس درء أخطار تداعيات أزمة عربية جديدة، وإنما أيضا منع تركيا وإيران من استغلال أزمة كردستان العراق، لزيادة تمددها ونفوذها في منطقتنا، وعلى حسابنا خصما من أمننا القومى العربى.
الجريدة الرسمية