نجيب محفوظ يعترف: خرجت من تجربة الشك بقلبي
في مجلة نصف الدنيا عام 2006 وفي حوار طويل مع الأديب نجيب محفوظ قال فيه:
الدين ضروري في الحياة، وقد مررت بلحظات شك حين أردت في بداية العمر أن أخضع عقيدتي للعقل والمنطق، وحاولت أن أخضع يقينى الدينى لعقلى وفشلت، لكني خرجت منه بعد أن قرأت القرآن جيدا، فقد أدركت من قراءتى له أن القلب هو الوسيلة الأكثر نجاحا في كل ما يمس الغيبيات والعقائد.
هذه الفترة كانت أليمة وقاسية على النفس لأنها استمرت أربع سنوات لكني خرجت منها كما خرج الإمام الغزالي الذي سمى بعدو الفلسفة.. وإن كان هو في رأيي خير من شرحها وانتهى به الأمر إلى الشك الفلسفي الذي أسلمه إلى التصوف فوجد فيه اليقين لكنه يقول:
إن الوصول إلى المعرفة الكاملة لا يكون بالتعليم وإنما بما أسماه "الذوق" أي يذوق المرء الحقيقة لكي يعرفها، والمعرفة الحقة عند الصوفية هي أن تعيش الحقيقة لا أن تعقلها.
خرجت من لحظات الشك كما خرج الغزالي، أي خرجت بقلبى لا بعقلي، خرجت منها باليقين لكنه يقين الإيمان.
إما العقل فقد سحبه اليقين وراءه، وفي تلك الفترة لم أكن قد بدأت الكتابة بعد لكنك يمكن أن تجد لها أصداء فيما بعد في روايات مثل"الطريق" أو "الشحات"؛ حيث محاولة المطلق معرفة عقلية وهي محاولة تفشل في الروايتين.
"في الطريق" يسعى البطل لمواجهة والده ليتعرف عليه لكنه لا يصل إليه أبدا رغم شعوره الأكيد بوجوده.. أما في "الشحات" فهناك خطوة متقدمة على ذلك في أن البطل يتنازل عن المطلق حين يشعر به بقلبه.. أي يتنازل عن المعرفة العقلية في مقابل المعرفة القلبية بعد أن يكتشف البطل في نهاية الرواية أن هناك معرفة أخرى هي المعرفة القلبية.