بالصور.. صحف إقليمية شكلت وجدان أهل الفيوم القرن الماضي «تقرير»
الفيوم واحدة من محافظات مصر التي شكلت الصحف المحلية الوجدان الجمعي لأهلها، من عشرينيات القرن الماضي بعد ثورة 1919.
وكانت الفيوم من المحافظات التي كان لها دور بارز في تلك الثورة، ومن بين قادتها حمد باشا الباسل، أحد أبناء الفيوم الذين شكلوا تاريخ مصر.
يقول الدكتور نبيل حنظل، رئيس تحرير جريدة الفيوم، أول جريدة إقليمية تصدر عن المجلس الأعلى للصحافة: إن فترة العشرينيات من القرن الماضى شهدت ازدهارا صحفيا تعددت فيه الصحف الأسبوعية وانتظمت في الصدور وتنافست لتقدم للقارئ أفضل ما لديها لكنها مع تنافسها على جودة المنتج كان أصحابها متعاونين متكاملين غير متضاربين يكمل بعضهم بعضا، فكانت أيام الصدور متوالية ولكل يوم من أيام الأسبوع صحيفة تصدر متكاملة مع أخواتها وكانها صحيفة يومية واحدة لها في كل يوم ملحقا.
وكانت صحفهم تصدر ورقية في 4 صفحات بلون واحد في حجم «التابلويد»، وأحيانا تلون في الأعداد الخاصة، أما في المناسبات فكانت تصدر كلها بحجم «الاستاندرد» ويتولى الإشراف عليها «ابن حنظل» مما أتاح للقارئ المحلى أن يعرف أخبار إقليمه أولا بأول، وييسر للدارس والمهتم أن يرى فيها مرجعا أمينا وتاريخا مسجلا بتفاصيله وشخوصه لا يمكن للصحافة العامة أن تتسع صفحاتها لتغطية بتفاصيله.
ويضيف حنظل: أن صحافة الفيوم القديمة اهتمت بالمقال والخبر وفتحت صفحاتها للفنون والآداب والشعر والزجل وكانت تمتلك كل جريدة دار طباعتها، كما كانت الصحف الإقليمة تنظم ندوات ثقافية وسياسية واجتماعية بشكل منتظم، فقد كان ملاكها كلهم أدباء وشعراء وزجالون ولكل منهم مؤلفاته ودواوينه وهم جميعا أعضاء في نقابة الصحفيين.
وتحكمت الصحف الإقليمية في تشكيل وجدان المجتمع، لأنها كانت المنابر الرئيسية للثقافة، كما كانت مدارس للموهوبين فبرز منها كتاب وشعراء وصحافيون أداروا كبريات المؤسسات الصحفية ونجوما تالقوا في بلاط صاحبة الجلالة في مصر.
رواد الصحافة الأوائل
اعتمدت نهضة الصحافة المحلية في الفيوم على خمسة من رواد الصحافة اللإقليمية في مصر هم: زكى الفيومى صاحب ورئيس تحرير جريدة قارون، وأحمد شافعى صاحب ورئيس تحرير جريدة بحر يوسف، وعبد الواحد الصاوى صاحب ورئيس تحرير جريدة المؤتمر، وابن حنظل صاحب ورئيس تحرير جريدة المجتمع ودار ابن حنظل للصحافة.
ويسجل التاريخ لهؤلاء الرواد أنهم صمدوا في وقت كانت الامية فيه غالبة ولم يكن الوعي والعلم قد بلغا المبلغ الذي نحن فيه اليوم، ويحسب لهم أيضا أن صحفهم كانت منتجا محليا خالصا فكتابها محليون ومصادر أخبارها محليه وطباعتها محلية كان لكل صحيفة دار طباعتها الخاصة –ولكل منها ندوتها السياسية والأدبية– كان أصحابها كلهم أعضاء في نقابة الصحفيين، وكانت صحفهم تصدر وفقا لقانون المطبوعات وبترخيص من وزارة الداخلية، ثم من المجلس الاعلى للصحافة.
صعوبات واجهت الصحافة المحلية
في هذا الزمان كانت مهمة إصدار الصحف المحلية صعبة ومجتمعهم محدودا وتوزيعهم متواضعا، ولم تكن ثورة التقدم في الإعلام والاتصالات ووسائل الطباعة والنشر بلغت من التقدم ما بلغته اليوم.
فكان صف الحروف يدويا حرفا حرفا، وكانت الطباعة بدائية، ووضع عنوان أو صورة يتطلب الاستعانة بزنكوغراف من القاهرة، كما كانت وعورة الطرق وخطورتها وصعوبة المواصلات والاتصالات تمثل عقبة لا حل لها في العمل الميداني.
ولم يكتف أصحاب الصحف أن تكون دائرة النشر محدودة بحدود محافظتهم فقط بل سعوا لتوسيعها لتقرأ مصر كلها أخبار الفيوم ويسمع المسئولون المركزيون مشكلات الإقليم، فوثقوا علاقاتهم بالصحف المركزية.
فكان زكي الفيومي رئيس تحرير جريدة قارون وكيلا لجريدتي مصر والوطن، وكان هاشم عبد الحي صاحب ورئيس تحرير جريدة الفيوم وكيلا لجريدتي البلاغ والأساس، وكان ابن حنظل رئيس تحرير المجتمع محررا بالمصري والزمان والنداء والرسالة.
مأساة الصحافة المحلية
أما مأساة هذه الصحف فهى أن ترخيصها شخصى فقط لصاحب امتيازها، ينتهى العمل به بالإلغاء أو بالتوقف عن الإصدار، وإن مات صاحب الامتياز ماتت الجريدة، مهما كان عمرها أو سعة انتشارها أو دورها في خدمة المجتمع.
وكانت صحيفة الفيوم التي أصدرها ديوان عام محافظة اليوم عام 1969 ورأس مجلس إدارتها محافظ الفيوم الأسبق محمد توفيق السيد، ورأس تحريرها نبيل حنظل، كانت أول صحيفة إقليمية تصدر عن المجلس الأعلى للصحافة، وكانت تطبع بمطابع مدرسة الفيوم الصناعية قبل أن تنتقل طباعتها إلى مطابع دار التعاون.