دبلوماسيون: المسرح الدولي مهيأ لتسوية شاملة.. حذروا من محاولات إسرائيلية لشق الصف الفلسطيني والعربي.. «بيومي»: مصر أبطلت حجة إسرائيل.. ولا مجال للتهرب من الدخول في المفاوضات
بعد نزع مصر فتيل الصراعات داخل البيت الفلسطيني، أصبح التحرك حاليا نحو إحياء عملية السلام بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، خاصة بعدما انتهت حجة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعدم التفاوض لغياب سلطة رسمية موحدة للتباحث معها، لذلك سعت مصر خلال الآونة الأخيرة نحو الدفع لعودة مشروع التسوية الشاملة في الشرق الأوسط، والتوصل إلى صيغة تفاهم مع كلا الجانبين للتمهيد إلى مفاوضات حقيقية يجلس خلالها الطرفان لكتابة عهد جديد لسلام مستمر وفعال.
"الإجراءات المصرية"
وحول الإجراءات المصرية لإحياء مشروع التسوية الشاملة، أكد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الدفع بالجهود نحو التسوية الشاملة التي تقودها الولايات المتحدة ومصر يسير منذ وقت طويل، عن طريق محاولات الجانب المصري الذي يحاول المساعدة عن طريق العلاقات القوية مع الأطراف الفلسطينية، ولكن الجهود المصرية خلال الآونة الأخيرة أسرعت من الخطوات بشكل كبير، مما أظهر الحاجة إلى ضرورة وجود دور أمريكي قوي بشأن التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، لدفعه نحو التنازل عن طموحاته التوسعية من أجل الوصول إلى أرضية ثابتة للوقوف عليها بين الجانبين وبدء مرحلة جديدة للتفاوض، مدعومة بأسس ثابتة يلتزم بها الطرفان.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك العديد من العوامل الموضوعية المتعلقة بالجانب الإسرائيلي، من شأنها التأثير بالسلب في محاولات الدفع نحو تلك التسوية، وتتعلق بالأساس بالأهداف التي وضعتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للتحرك قدمًا في بناء المستوطنات، وهو الهدف الرئيسي الذي لا يمكن أن تتخلى عنه بسهولة، مما يجعلنا نتوقع أن الموافقة على الجلوس للتفاوض حول تسوية شاملة لن يكون بالأمر اليسير عليها، خاصة أن ذلك الملف يرتبط بالعديد من قوى الضغط الإسرائيلية التي يصعب على الحكومة الرسمية هناك تخطيها.
"الاستقرار أهم"
وأشار هريدي إلى أن العوامل الموضوعية الأخرى المتعلقة بالجانب الفلسطيني وحسم القضايا الخلافية، والتي أسهمت مصر في حل جزء كبير منها بالتوصل لصيغة تفاهمية بين فتح وحماس، ولكن يظل العامل الأهم يتمثل في الحفاظ على تلك الصيغة، والبناء عليها، بما يسمح بوجود استقرار في الداخل الفلسطيني، يسهم في تسهيل المهمة المصرية الأمريكية بالدفع نحو التسوية الشاملة، لافتًا إلى أن التحرك نحو التسوية لن يتم دون الوصول إلى صيغة تفاهم تتناسب مع جميع الأطراف.
من جانبه، استبعد السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، أن يكون لدى الجانب الإسرائيلي نوايا مسبقة لإتمام عملية السلام، فحكومة نتنياهو غير قابلة لوضع أي صيغة تفاهمية بشأن التوصل إلى السلام مع فلسطين، خاصة أن التمزق الفلسطيني والعربي يصب في مصلحتها، مؤكدًا أن السياسة الاستيطانية لها لن تسمح بالوصول إلى تسوية حقيقية، مشيرا إلى أن الجانب الإسرائيلي يستنكر التحركات المصرية الهادفة لتوحيد الصف الفلسطيني.
"رفض إسرائيل"
وأوضح وزير الخارجية الأسبق، أن الرفض الخفي لإسرائيل لجهود التسوية لا يجب أن يؤثر في الجهود المصرية الحثيثة التي تبذلها مصر لإحلال السلام في الشرق الأوسط، الأمر الذي تعيه الإدارة السياسية بشدة، وتجلى في محاولات التنسيق المستمرة سواء مع الجانب الإسرائيلي والأمريكي، بما أظهر الجدية التي تتميز بها السياسة الخارجية في إدارة الملف، مؤكدا أننا لمسنا العديد من الخطوات التي تبذلها مصر في ذلك الملف، في إطار سعيها إلى إحياء عملية السلام جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت العرابي إلى أن مصر تعول على الجانب الأمريكي في دفع حكومة نتنياهو نحو إقامة تسوية حقيقية وفعالة للقضية، خاصة أنها الجانب الوحيد الذي بإمكانه كبح الجماح الإسرائيلي في المنطقة، والتفاوض معها على التخلي عن بعض أحلامها، من أجل إتمام عملية التسوية، وممارسة بعض الضغوط عليها لتجنب المماطلة المتوقعة المتمثلة في اختلاق المبررات الوهمية التي تجعلنا نتراجع خطوات في الملف.
"مصر وأمريكا"
وفي نفس السياق، أكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر وأمريكا يمضيان بخطوات متسارعة نحو الوصول إلى صيغة تفاهمية للتحرك نحو التسوية الشاملة، لافتا إلى أن المصالحة بين حماس وفتح أبطلت حجة إسرائيل بعدم وجود سلطة حقيقية للتفاوض معها من أجل عملية السلام، فلم يعد هناك مبرر للتهرب من جلوسها على مائدة المفاوضات، بما يبشر بإمكانية تحقيق تقدم واسع خلال الفترة المقبلة على صعيد إتمام التسوية الشاملة بين الجانبين.
وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التحرك الحقيقي نحو التسوية الشاملة للصراع الفلسطين الإسرائيلي، أصبح يتوقف على أمرين في غاية الأهمية، الأول هل حماس ستمضي قدما نحو تسليم السلطة وتجنب أي محاولة لإفشال الصلح مع فتح، والأمر الثاني: هل ترغب حكومة نتنياهو في إنهاء النزاع واتخاذ خطوات فاعلة واستجابة حقيقية نحو التحركات المصرية الأمريكية في ذلك الملف؟ لافتا إلى أن المسرح الإقليمي والدولي أصبحا مهيآن بشكل كبير للدفع نحو عمليات التسوية الشاملة.
