رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى خنفس باشا.. كلنا خنافس!


* في الثالث عشر من سبتمبر الجاري كانت ذكرى خيانة خنفس باشا للزعيم أحمد عرابي، عندما سمح للقوات الإنجليزية الغازية بالتسلل والمرور دون أدنى مقاومة، لدرجة أنه أضاء لهم الطريق حتى وصلوا إلى العباسية بعد هزيمة عرابي بالتل الكبير.


ما حدث من على باشا خنفس ليس جديدا وسوف يستمر إلى أن يرث الله الأرض وماعليها.. خذ عندك ذلك المثال الصارخ:

في عام 1800م تركزت خطورة قراصنة السفن في البحر المتوسط بالقرب من سواحل شمال أفريقيا وخاصة ليبيا، كانوا يستولون على المراكب ومافيها ومن فيها، ثم تجبر الدول صاحبة السفن على دفع الفدية للإفراج عن السفن والأسرى، بدون وجع دماغ واللجوء إلى أبو قليطة شيخ بلطجية المنطقة، ثم تتبع موبايلات وكماين وخلافه.. لم تسلم السفن الأمريكية من فتوات البحر.. ولأن الأصول أصول.. لجأ الأمريكان للحاكم الليبى وقتها "يوسف كرامَنلى" واتفقوا معه على حماية سفن أمريكا مقابل نحو نُص مليون قرش إلا شوية في السنة..

مر عام ونفذ يوسف الاتفاق ثم ذهب إلى المندوب الدبلوماسى الأمريكى بليبيا لتقاضى"الأُبَيِّج" المتفق عليه، فدس المندوب في جيب أبوحجاج كيس قماش مكتوب عليه بالإنجليزي "نحن نثق بالرب".. سحب أبوحجاج الكيس، وعد الفلوس فاكتشف أن المبلغ نحو 100 ألف قرش وبعض الفكة، فقال للمندوب ياباشا إحنا متفقين على نص مليون؟!.. قال المندوب : معلش يايوسف الظروف مش قد كده وربنا يفكها علينا وعليك، وسمَّعنا السلامو عليكو.

شعر يوسف كرامنلى بأنه اتكَرَت على قفاه، فشن حملة على القنصلية الأمريكية بليبيا ونهبها بأكملها.. فقرر الأمريكان تأديبه وأرسلوا ثلاث حملات بحرية لكسر أنف فتوة ليبيا، لكنها انكسرت كلها تحت مقاومة نيران مدافع طرابلس المتينة في ذلك الحين.. ولأن الأمريكان عالم شَر وغِلَّويَّة.. لم يتوقفوا.. فأرسلوا قوات برية.. كانت المشكلة الإستراتيجية هي جهلهم بدروب ومدقات ومسالك الصحراء الليبية، ولا بد من دليل خبير بتلك الدروب، سرعان ما عثروا عليه واستعانوا به، وتمكنوا من دخول ليبيا والسيطرة على درنة، منطقة الفتوة يوسف كرامنلى وانتهت الغزوة بالتفاوض وإجباره على توفير الحماية للمراكب الأمريكية ببلاش، وذلك في معاهدة وقعت سنة 1855 وأبقت عليه حاكمًا لليبيا ينفذ ما يملى عليه.

بقى أهم ما فى الحدوتة، وأرجوك لا تسرح وركز معايا.. الرجل الدليل الذي استعان به الأمريكان في فك طلاسم السير في صحارى ليبيا اسمه أحمد كرامنلى.. وهو شقيق يوسف كرامنلى.. كان بينهما شوية قلق رغم أنهما شقيقان.. هذا القلق انتهى بقيام يوسف بالاستيلاء على ممتلكات وأموال أحمد فهرب إلى مصر.. ولم يعرف وقتها هل عثر عليه الأمريكان صدفة أم عن طريق مرشد؟ أو أنه قدم نفسه طواعية لخدمة الأمريكان انتقامًا من أخيه يوسف؟.. المهم والغريب أن أمريكا المنتصرة، أبقت على يوسف الفتوة حاكمًا لليبيا، ولم تنصب شقيقه أحمد كرامنلى الذي سلمهم ليبيا وشقيقه تسليم مفتاح.

هل صدقت الآن أن الخَنْفَسَة ماركة عربية مسجلة.
الجريدة الرسمية