اختفاء مراسيل الغرام من سماء الفيوم.. «تقرير»
عرفت الفيوم قديما بأنها محافظة الحمام لكثرة وجود أبراج الحمام بالقرى وكم من الأفلام القديمة التي صورها مخرجوها بالقرب من أبراج الحمام بالفيوم.
وكان هناك مهنة قديمة انقرضت الآن اسمها صائد الحمام، وكانت أدواتها شباك وحبوب توضع في مساحات واسعة في "الأجران" ليهبط الحمام عليها ويسرع الصائد بغلق شباكه، وساعد على انتشار هذه المهنة في الزمن الجميل كثرة أبراج الحمام، التي تحولت فيما بعد إلى معلم سياحي يقصده زوار الفيوم لمشاهدة أسراب الحمام والتقاط الصور.
وكانت لأبراج الحمام بالفيوم تصميم خاص يميزها عن كل أبراج الحمام في قرى المحروسة، ويرجع تاريخ أبراج الحمام في الفيوم إلى قدماء المصريين فهم أول من ربوا الحمام وبنوا له أبراجا من الطين والفخار لا تزال مستعملة حتى الآن.
ويقول الدكتور نبيل حنظل الخبير السياحي إن أبراج الحمام في الفيوم كانت تستخدم مركزا للبريد فقد كانت شبكة بريد جوي مترابطة كانت تعتمد على أنواع من الحمام الزاجل فغطت سماء مصر وامتدت إلى كل أنحاء الدولة العباسية والدول المجاورة كالعراق والحجاز إلى غزة.
وكانت قلعة الجبل تحتوي على أبراج للحمام التي كانت تحمل الرسائل، وبلغ عددها وفق ما ذكره ابن عبد الظاهر في كتابه "تمائم الحمائم" 1900 طائر مدرب على حمل الرسائل.
وكانت الطيور المذكورة لا تخرج من أبراج القلعة، باستثناء مجموعة كانت في برج بالبرقية خارج القاهرة، يُعرف ببرج الفيوم، إقامة الأمير فخر الدين عثمان بن قزل "أستادار" الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب.
وتابع حنظل أن المقريزي ذكر في كتاب "المواعظ" أن رسائل البريد الجوي كانت تحملها الحمائم إلى الإسطبلات المصرية المجهزة بالبغال ليتسلمها سعاة البريد لتوصيلها إلى أصحابها.
وتطورت وسائل الاتصال لكن أبراج الحمام ظلت باقيه انحصرت وظيفة المراسلة فيها فيما يتبادله الهواة والمحبين من رسائل وانتعشت تربية أنواع أخرى للتجارة أو الهواية أو التربية من أجل الطعام "الزغاليل" ومن أشهر الأنواع البرية التي يبريها الهواة «الكارنو الأحمر – كاشو – اللينكس – الموندين - الكارنو الأبيض – الهومر – الكنج الأبيض – الكنج الفضي- الرومى - البري – المالطي – القطاوي».
واختفاء أبراج الحمام ومن قبله سواقي الهدير التي كانت منتشرة في قرى الفيوم، أدى إلى توقف السياحة الريفية التي كانت تشتهر بها الفيوم.