رئيس التحرير
عصام كامل

حكومة السفر والمتعة !!


وزير الخارجية يزور السعودية.. وزير القوى العاملة يزور الجزائر.. وزير التعليم العالي يزور فرنسا.. وزير الري يزور بروكسيل.. وزير العدل يزور بيروت.. وزير الطيران يزور بريطانيا.. وزير البترول يزور روسيا.. وزير الاستثمار يزور تركيا.. وزير السياحة يزور العراق ثم لبنان.. وزير المالية يزور قطر ثم واشنطن.. وزير المرافق في سويسرا.. وزير التخطيط ورئيس المخابرات ومحافظ البنك المركزي الثلاثة يزورون واشنطن.. رئيس هيئة الرقابة الإدارية يزور لبنان.. والنائب العام يزور قطر.. هذا بالإضافة إلى زيارة رئيس الوزراء إلى كينيا وقطر.


ومن قبلها زيارة رئيس الجمهورية بصحبة وفد كبير إلى السودان، ومؤخرا إلى روسيا، وما قيل حولها.. والأسبوع القادم الرئيس سوف يزور البرازيل، هذا بالإضافة أيضا إلى مساعد الرئيس الذي لا تحط طائرته في مصر، كل هذه الزيارات للسادة الوزراء والمسئولين خارج مصر كانت خلال أيام قليلة جدا في شهر إبريل، وهذا بعض ما علمنا وما خفي كان أعظم، فهناك سفريات لمسئولين آخرين لا نعلمها، وطبعا المسئول لا يسافر بمفرده بل بصحبة جيش من الموظفين والحرس والسكرتارية..هل هذا منطقي؟..

هل هذا معقول حدوثه في دولة لديها عجز شديد في الموازنة ومرحلة التسول من الدول والمؤسسات الدولية؟.. هل هناك ضرورة قصوى لهذه السفريات الكثيرة خارج البلاد؟، ما هو العائد من ورائها؟، وهل هذه السفريات تحتاج سفر الوزير شخصيا؟، وإذا سافر الوزير لماذا يأخذ معه هذا الكم الهائل من الموظفين؟، ما هو حجم نفقات السفريات الخارجية للمسئولين؟..

وهل هناك جهة تراقب أوجه الإنفاق في هذه السفريات؟، هل الرقابة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات مثلا يراقبان ذلك ليس النفقات فقط ولكن أيضا العائد؟.. 

معظم مؤسسات الدولة على صفيح ساخن وتموج بالإضرابات والاعتصامات، والاحتجاجات، وصلت لحد الاقتحام، حدث ذلك والسادة الوزراء خارج البلاد..  فمثلا كانت الأسلحة البيضاء والخرطوش والمولوتوف لغة الحوار في عدد من الجامعات، وتسبب ذلك في إغلاقها والسيد وزير التعليم العالي خارج البلاد، وغيرها من الأحداث الساخنة في الوزارات.

ومن الأمور التي سمعنا عنها وتثير الغثيان إن كانت صحيحة، ما تردد عن زيادة حراسة السادة الوزراء رغم أن حكومة ما قبل الثورة والموصوفة بالفاسدة، كانت قد قررت تخفيف الحراسة سواء من حيث الأفراد أو السيارات المرافقة ترشيدا للإنفاق ورحمة بالمواطنين من المواكب التي تُزيد المرور سوءا.

كل هذا يحدث في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بزيادة الأسعار لكثير من السلع، وفي طريقها إلى أن تجعل حياة المصريين بالكوبون (بنزين، خبز، بوتاجاز، كهرباء) وتطالبهم بترشيد الإنفاق، بل وصل الحال برئيس الوزراء أن طالب أفراد الأسرة أن يجلسوا في غرفة واحدة ويرتدون الملابس القطنية توفيرا للكهرباء.

الحكومة التي تطالب مواطنيها بالترشيد تسافر هنا وهناك وتنفق ببذخ، وهناك معادلة، نفسي أفهمها، وهي كيف يسافر الوزراء لدعوة رجال الأعمال الأجانب للاستثمار في مصر، في حين أن رجال الأعمال المصريين أنفسهم يهربون منها بسبب الفوضى والانفلات الأمني وعشوائية القرار السياسي وتصفية الحسابات وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية؟.

الخلاصة، أنه يجب على الحكومة الرشيدة أن تكون قدوة للمواطنين، وأن يعلم أعضاؤها أن السفر للخارج إن كان من أجل المتعة فإنني أذكرهم بالرئيس السابق ورموز نظامه الذين زاروا كل دول العالم وأنفقوا المليارات على سفرياتهم، وكل ذلك ضاع في أول ليلة خلف القضبان.

egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية