رئيس التحرير
عصام كامل

".. ولكم فى المخلوع أسوة"


الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، الشهير بالرئيس المخلوع، كانت له مواقف تُحسب له، عجز عنها حكام اليوم الذين رفضوا قبول أحكام المحكمة الدستورية العليا، ومن أبرزها الحكم ببطلان الانتخابات البرلمانية، ولم يبادروا بإعادة الانتخابات ودخلوا فى معركة تعسة مع هذه المحكمة عظيمة الشأن.


فى عهد مبارك أصدرت هذه المحكمة حكمًا بعدم دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب ونزل مبارك على ذلك وقام بإعادة الانتخابات طبقًا للقواعد التى أشارت إليها المحكمة فى حيثيات الحكم. ومرة ثانية صدر حكم آخر من المحكمة الدستورية يقضى ببطلان الانتخابات، وصدع المخلوع لما قررته المحكمة وأصدر قرارًا جمهوريًّا بدعوة الناخبين لانتخاب مجلس جديد.
ونعترف بأن هذه الانتخابات، وكل الانتخابات التى جرت فى ظل الحزب الوطنى، كانت مزوَّرة، واستحل الحزب الوطنى ورئيسه حسنى مبارك تزوير الانتخابات، لكنه لم يجرؤ مرة واحدة على رفض الأحكام القضائية بصورة عامة، وأحكام المحكمة الدستورية بصورة خاصة، وهو ما تورَّط فيه الإخوان القائمون الآن على أمور الحكم، إلى حين.
وهناك اتهامات قوية تشير إلى أن التزوير استمر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، بالاضافة إلى التأثير على الناخبين، بالاستغلال المضلل للدين أو بتقديم الرشاوى الانتخابية ممثلة فى أكياس الأرز والسكر وزجاجات الزيت، بالإضافة إلى الأموال، وحشد الأنصار داخل اللجان ومن حولها.
وعندما يتساوى النظام الحالى مع النظام السابق فى جرائم التزوير وتضليل الناخبين، يبقى للنظام الحالى التميّز برفض أحكام القضاء والتدخل فى سير العدالة وتحصين القرارات الجمهورية وحظر الاعتراض عليها.
وشعب مصر جميعه، ونحن منه، يرفض التزوير وسيظل يرفضه، كما يدين أيضًا محاولات تفكيك السلطة القضائية والاعتداء على رموزها وتسريح قضاة المحكمة الدستورية العليا وإعادة تشكيلها بما يساير رغبات وأهواء الإخوان القائمين على أمور مصر. وكنا نتمنى أن نتحرر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير من السلبيات التى شابت نظام حكم المخلوع، وأن يرث حكام اليوم عن النظام البائد احترامه لأحكام القضاء والخضوع لقرارات المحكمة الدستورية العليا، عظيمة الشأن، وعدم التدخل فى أعمال النيابة العامة، ولهم فى الرئيس السابق محمد حسنى مبارك أسوة حسنة فى ذلك، دون سائر أعماله المرفوضة التى ثار عليها شعب مصر بأكمله، ونحن منه، قبل أن يسلبها إخوان اليوم من أصحابها الثائرين الذين سقط منهم الشهداء.
ويبقى شىء آخر يُعد بمثابة أسوة تمنينا أن يرثها حكام اليوم عن الرئيس السابق، وهو خضوعه لإرادة الشعب الثائر عندما طالبه بالرحيل، يوم خرج علينا نائبه اللواء عمر سليمان يعلن انتقال جميع السلطات إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومنذ تلك اللحظة أصبح اسم حسنى مبارك الرئيس السابق، واشتهر باسم الرئيس المخلوع، الذى لم يلبث أن أصبح متهمًا أمام محكمة جنايات القاهرة ثم تحوَّل إلى المذنب محمد حسنى السيد مبارك الذى انتهى به المطاف إلى زنزانة فى سجن مزرعة طرة.
وهذا أمر قابل للتكرار مع مَن يتورَّط فى ما تورَّط فيه الرئيس السابق، بل وفى ما هو أكثر مما تورَّط فيه المخلوع وهو احتقار السلطة القضائية ومعاداتها ورفض الأحكام القضائية، وعلى رأسها أحكام المحكمة الدستورية العليا، عظيمة الشأن، وهذا ما استنكره العالم، ودفع جميع المحاكم الدستورية إلى التضامن مع محكمتنا، وجعل الدول ترفض تسليمنا الهاربين بأموال مصر المنهوبة بسبب ما مس القضاء المصرى ونال من العدالة على يد الذين لا يحسنون حساب ردود الأفعال من الجاهلين والفاشلين.
ونسأل الله السلامة والعافية..

الجريدة الرسمية