التخلف الفكرى على الطريقة السلفية
وجوه كالحة ونظرات زائغة وملامح غليظة وذقون طويلة، وخطب وتصريحات لا تنتهى زاخرة بالأفكار البدائية وبالرؤى المظلمة وبالكراهية العمياء للآخر.
هذه هى بعض ملامح شيوخ السلفية الذين ظهروا على الساحة مؤخرا بعد أن خرجوا من كهوفهم السحيقة التى اختبأوا فيها سنوات وهم يعدون العدة للزحف الفوضوى على المجتمع، ناشرين أفكارهم التى تقوم على تأويلات منحرفة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
ولو قمنا بتحليل الخطاب السلفى لاكتشفنا أنه يريد لنا أن نعود إلى عصور القرون الوسطى، حيث ساد الجهل والتعصب وانتشر التخلف فى كل مكان.
وهم يظنون وهما أنه كلما طالت اللحية كان ذلك دليلا لا يرد عن عمق الإيمان، وإذا ارتفع الصوت الجهورى فإن ذلك من شأنه أن يرهب الآخرين الذين لا يصدقون أكاذيبهم، ولا يتبنون أفكارهم التافهة التى أنتجتها عقول صدئة لم يضئها نور العلم الحديث، ولا حررتها الأفهام الصحيحة للمقاصد العليا للإسلام، وإنما اعتمدت على آلية القياس الخاطئ والتأويل المنحرف للآيات القرآنية.
وقد كشفت السلفيون عن المؤامرات التى ضلعوا فيها أثناء صياغة مسودة الدستور المعيب الذى صاغته لجنة تأسيسية لحقها العوار الدستورى والقانونى، بحكم استئثار أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والتيارات السلفية لعضويتها، مما ترتب عليه فى اللجنة الأولى إبطالها بحكم محكمة القضاء الإدارى.
وفى اللجنة الثانية شكلت بنفس الطريقة التى زيفت إرادة فئات الشعب المصرى مع أنها طعمت ببعض العناصر الليبرالية التى انسحبت، بعدما تبين أن الإخوان المتطرفين والسلفيين الرجعيين مصرين على صياغة دستور يعبر عن التيارات الدينية، ولا يترجم مطامح أمال مئات الشعب المصرى المختلفة فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
انعقد ما يطلق عليه مجلس شيوخ السلفية والذى من الأدق أن يصفه بأن "مجلس التخلف الفكرى السلفى" فى اجتماع مغلق صرح فيه كبيرهم أنه تولى قيادة المؤامرة داخل اللجنة التأسيسية، لوضع الدستور لصياغة بعض المواد التى من شأنها تغيير المادة الثانية من دستور 1971 وهى أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع وذلك بإضافة مادة فى مكان بعيد عن المادة الثانية يفسر فيها ويفصل عن أن المقصود هو الأحكام التفصيلية وليست المبادئ فقط.
وأدعى أحد كبار شيوخهم أنه عقد صفقة مع الأزهر لتمرير بعض المواد الدستورية التى صيغت بناء على اقتراح السلفيين، وذلك بإعطاء ميزات لوضع الأزهر تحمى شيخه من العزل فى مقابل موافقة مندوبى الأزهر على المواد التى أريد زرعها فى الدستور، تحقيقا لوجهات النظر السلفية فى مجال الرقابة على حرية التفكير والتعبير ومحاسبة الناس على سلوكهم، على غرار الجماعات الفاشية الموجودة فى بعض البلاد الإسلامية والتى هى أشبه بالميليشيات الأخلاقية، ونعنى جماعات "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" التى تطارد الناس فى الشوارع وتروعهم وفق ما يقدرونه من ضروب السلوك التى تتعارض مع ما يزعمون أنه أخلاق الإسلام الصحيحة.
قال شيخهم – لا فض فوه: أنه نجح فى "دس" مادة فى الدستور ستسمح لهم فى المستقبل بالاعتماد عليها لإصدار قانون يتيح ممارسة دعاوى الحسبة التى سبق للمشرع المصرى أن ألغى قيام الأفراد برفعها بطريقة "السداح مداح"، بمعنى أن أى متخلف كان يستطيع أن يرفع دعوى حسبة على أى مفكر أو كاتب أو مثقف أو سينمائى أو روائى أو فنان، ويدعى عليه أنه مارس جريمة ازدراء الأديان، فتنبرى النيابة فورا للتحقيق فى هذا الأمر الجلل، وقد تحيله النيابة إلى المحكمة التى قد تحكم عليه بعقوبات شديدة، كما حدث فى قضية المفكر الراحل الدكتور "نصر حامد أبو زيد".
كان الشيخ السلفى منتشيا وهو يحكى لمجلس التخلف السلفى نجاحه فى مؤامراته، غير أن التصريحات الرسمية لقيادات الأزهر الشريف كذبته، وقالت: إن الأزهر أسمى وأرفع من أن يدخل فى مثل هذه المساومات الرخيصة التى ادعاها الشيخ. وسرعان ما كذب الشيخ السلفى الكبير نفسه بنفسه وادعى أن عباراته اجتزئت من سياقها، وحدث نفس الشيء بعد أن سب المرشد العام القوات المسلحة واتهم قياداتها بالفساد، وبعد أن صفعه على وجهه المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة وعاد وأنكر ما قال، وادعى أنه كان يتحدث عن القيادات السياسية وليست العسكرية!
ما كل هذا الكذب العلنى ممن يدعون أنهم حماة الإسلام؟ وأين اختفت حمرة الخجل؟!