المستشار الثائر يتبرأ من الإعلان الدستورى ومذبحة القضاء.. "جاد الله" أول مستشار يعينه الرئيس يستكمل مسلسل الاستقالات.. اعترف بتهميش الشباب وفشل الحوار الوطنى
تأتى استقالة الدكتور محمد فؤاد جاد الله؛ مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدستورية والقانونية، استكمالًا لمسلسل استقالات مستشارى الرئيس من مناصبهم اعتراضًا على فشل الإخوان فى إدارة البلاد، وفى لحظة وصفها جاد الله فى نص استقالته المسببة لرئيس الجمهورية بـ"الفارقة" من تاريخ مصر، وفى مشهد يغلب عليه تغليب المصالح الخاصة على مصلحة مصر وشعبها من الجميع دون استثناء، ويتسم بتهميش الشباب وبالصراع السياسى، والانهيار الاقتصادى، والفراغ الأمنى، ومحاولات لاغتيال السلطة القضائية والنيل من استقلالها، كما جاء فى استقالته.
وحمّل "جاد الله" فى استقالته المسئولية لكل طرف بحجم قدره وموقعه، مؤكدًا أنه تقدم باستقالته لإلقاء الضوء على حجم الخطر الذى يتعرض له الوطن، موضحًا أسباب استقالته فى عدم وجود رؤية واضحة لإدارة الدولة وبناء مستقبل مصر وتحقيق أهداف الثورة، وهو ما يحتم وضع رؤية مشتركة يشارك فيها الجميع لبناء دولة عظمى ومشروعات قومية كبرى تقود المجتمع وترسم مستقبله.
وتابع: الإصرار على استمرار حكومة قنديل رغم فشلها سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، واعتراض الغالبية عليها، ورفض حتى دعم هذه الحكومة بإجراء تعديلات عن طريق تعيين ثلاث نواب لرئيس الوزراء للملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، وتغيير عدد من الوزراء، وذلك كله بالتشاور بين الرئيس وأحزاب الأغلبية والمعارضة.
واستطرد قائلا: محاولات اغتيال السلطة القضائية والنيل من استقلالها، والاعتراض على أحكامها، وعدم حل مشكلة النائب العام، وعدم محاولة إجراء حوار بين جميع الأطراف من أجل التوصل إلى ما يحقق مصلحة الوطن .
واحتكار تيار واحد إدارة المرحلة الانتقالية، وعدم مشاركة باقى التيارات فى صنع القرار، وعدم توزيع المسئولية، وعدم الاعتماد على أصحاب الخبرة والكفاءة، والاعتماد على أصحاب الثقة فقط، وتهميش وإقصاء باقى التيارات.
هذا بالإضافة إلى العجز عن إجراء حوار وطنى يضم جميع القوى والتيارات لتحقيق توافق سياسى واقتصادى وأمنى، وعدم تمكين الشباب من ممارسة دورهم المحورى فى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وأخيرًا فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية، وما ينتج عنه من فتح أبواب التشيع والحسينيات والمد الشيعى، وإعادة الدولة الفاطمية، وضخ أموال ومصالح إيرانية لخدمة هدفهم فى القضاء على المذهب السنى فى مصر.
ويعد الدكتور محمد فؤاد جاد الله؛ عضو مؤسسة الرئاسة، أول من تم اختياره لعضوية الفريق الرئاسى، بعد ساعات من تولى الرئيس محمد مرسى منصبه فى يوليو 2012، حيث كان من أوائل قراراته طلب ندب المستشار جاد الله مستشارًا قانونيًّا لمؤسسة الرئاسة من مجلس الدولة، كما كان عضوًا بالجمعية التأسيسية لكتابة دستور 2012.
وقبل توليه منصب المستشار القانونى للرئيس، يعد جاد الله أول مستشار بهيئة قضائية ومؤسسة حكومية يشارك فى ثورة ٢٥ يناير، وذلك فى أول أيام اندلاعها، وهو عضو مجلس أمناء الثورة، وبسبب ذلك أحاله رئيس مجلس الدولة المصرى آنذاك للتحقيق أثناء فترة ما قبل تنحى الرئيس مبارك، ثم ألغى ذاك القرار بعد نجاح الثورة، كما سبق واستقال جاد الله من منصب المستشار القانونى لرئيس الوزراء الأسبق عصام شرف.
وفى ظل وقوع الرئاسة فى أخطاء قانونية ودستورية فادحة، بدأت بالإعلان الدستورى المكبل، وإقالة النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، وقانون الانتخابات البرلمانية، وحصار المحكمة الدستورية، وإهانة القضاء والضغط عليه، يبرئ جاد الله ذمته أمام الشعب والتاريخ، مؤكدًا فى نص استقالته على أنه شارك فى صياغة إعلان دستورى لإلغاء الإعلان الدستورى المكبل، ولكن تأخر هذا الإعلان حتى 11 أغسطس 2012.
وأشار إلى عدم مشاركته من قريب أو بعيد فى قرار إقالة النائب العام السابق عبد المجيد محمود، وعدم علمه بالقوانين الثلاثة التى صدرت ثم قام الرئيس بتجميدها، والخاصة بالضرائب على العقارات وعلى المبيعات وعلى السلع.
وأضاف أنه نصح الرئيس بخطورة الإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر، مؤكدًا له أن تحصين القرارات وتحصين الجمعية ومجلس الشورى سيؤدى إلى اعتراضات وانقسامات، ورغم ذلك حمّلنى الجميع المسئولية، ولم أقفز من المركب ولم أدّعِ البطولة، ودافعت لأننا فريق عمل واحد.
يذكر أن البعض لقّب المستشار محمد فؤاد جاد الله بـ"المستشار الثائر"؛ لمواقفه الثورية قبل حكم الإخوان، متفائلين به خيرًا بعد تعيينه مستشارًا للرئيس للشئون القانونية والدستورية، ولكن خبرته القانونية وثوريته لم تشفع له، وحمّلوه المسئولية السياسية للأخطاء القانونية والدستورية التى وقع فيها الرئيس.