رئيس التحرير
عصام كامل

سعد الدين: تصريحات الإفتاء عن «فرعون» شديدة الخطورة وتخدم اليهود

أحمد سعد الدين
أحمد سعد الدين

علق المؤرخ والروائي أحمد سعد الدين، على تصريحات دار الإفتاء المصرية حول مطابقة شخصية "فرعون موسى" مع ملك مصر رمسيس الثاني، مؤكدًا على أن هذه التصريحات عارية تمامًا من الصحة، وابتعدت عن الدقة التاريخية، وأن من أفتى في غير فنه أتى بالعجائب.



وأكد سعد الدين في تصريحات خاصة لـ "فيتو"، أنه لايمكن التقليل من شأن دار الإفتاء وإحترامنا لها، ولكن لايمكن لعلماء الدين أن يدلوا بدلوهم في قضية تاريخية حرجة كهذه من وجهة نظر أحادية، خاصة مع عدم إلمامهم بأصول علم التاريخ، وعدم إدراكهم لخطورة قضية تاريخية كتلك القضية يترتب عليها نتائج سياسية تمس واقعنا المعاصر، لذلك كان من الأولى لهم ترك الأمور العلمية والتاريخية لأصحابها.



وأضاف سعد الدين، أنه تناول قضية "فرعون" في كتابه الموسوعي "فرعون ذو الأوتاد" ذو الألف صفحة، والذي أثار جدلا كبيرا بعد صدوره، وتعمد فيه ألا يناقش القضية من وجهة نظر أحادية، كمن يعتمد على القرآن الكريم كمصدر وحيد للتاريخ وهو منهج يجانبه الصواب، لأن القرآن هو كتاب سماوي ولايمكن اعتباره كتاب تأريخ أو الإعتماد عليه كمصدر وحيد للتأريخ، وإنما يجب مناقشة الأمور التاريخية من جميع المصادر التي تناولت الأمر نفسه وهو ما يعرف بمنهج التاريخ المقارن.



وأشار سعد الدين، إلي أن جميع الأدلة والشواهد التاريخية تشير بمنتهى الوضوح إلي أن "فرعون" لم يكن ملكا مصريا من الأساس، وهو أمر طبيعي وليس بالغريب عندما نعرف أن مصر بقيت لفترة زمنية طويلة امتدت لنحو 2300 سنة لم يحكمها مصري واحد حتى تولى الرئيس الراحل محمد نجيب مقاليد الحكم .



وعن الشخصية الحقيقة لـ "فرعون"، قال سعد الدين، أن الكثير من المؤرخين والإخباريين العرب كابن جرير الطبري وابن خلدون وغيرهم أكدوا أن فرعون كان من العماليق، أي "العرب القدماء" ثم جاء الإغريق وسموهم "الهكسوس"، والعماليق لا تعني أنهم عظام البنية الجسمانية، وانما هو اسم مشتق من جدهم الأكبر عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وفقا للأنساب العربية والتوراتية على حد سواء، وكانوا يسكنوا في هجرتهم الأولى بلاد الرافدين وشبة الجزيرة العربية والشام، مؤكدًا أنهم كانوا أصحاب حضارة عظيمة وليس من الهمج الوحشيين كما وصفتهم بعض المصادر، بل كانوا مختلفين في حضارتهم وثقافتهم عن مصر، وقد كان من أمة الهكسوس شعوب عظيمة كالكنعانيين والفينييقيين .



وأكد سعد الدين، أنه في بداية دخول الهكسوس لمصر، تركزوا في شرق الدلتا وشمال سيناء ، ثم مع تعاقب الصراعات بدؤوا بالإستقلال بإقليم شرق الدلتا وتنامى عددهم وقوتهم فاستولوا على غرب الدلتا وتوسعوا إلي الصعيد وحكموا مصر من 200 إلي 250 سنة، وهذه الفترة جرى خلالها الكثير من الأحداث العظيمة كأحداث المجاعة والسنين العجاف كما شهد دخول بني إسرائيل إلى مصر وإقامتهم بها وشهدت وجود أنبياء الله يعقوب ويوسف وهارون وموسى عليهم السلام، وخلال استعراض أحداث تلك الفترة نجد أن غالبية المصادر التاريخية ترجح أن فرعون من العماليق الذين حكموا مصر خلال تلك الفترة، وهو ما أورده سعد الدين في كتابه "فرعون ذو الأوتاد" .



وأوضح سعد الدين أن المسئولين عن إلصاق شخصية فرعون برمسيس الثاني، هم اليهود، وذلك لسببين، أولهما رغبتهم في التـأريخ لفترة خروج بني اسرائيل من مصر وجعلها فترة بداية التاريخ اليهودي، والثاني هو أن رمسيس الثاني كان من أعظم ملوك مصر وأكثرهم فطنة واتسم عصره بالتشييد والمنشآت والعدل والرخاء، وإلصاق ظهورهم وتاريخهم بشخصية رمسيس العظيم، يعني أنهم من شيدوا تلك المنشآت العظيمة التي ظهرت في عصر رمسيس، ويكسبهم بعدا حضاريا وتاريخيا يفتقرون إليه، لذلك يدعون دائمًا أنهم بناة الحضارة المصرية القديمة، بل وصلت ادعاءاتهم إلى الزعم ببناء الأهرام!، على الرغم من بناء الأهرام قبل عصر رمسيس الثاني ب١٥٠٠ عاما كاملة، وقبل عصر إبراهيم عليه السلام بـ ١٠٠٠ عام كاملة! .



وأِشار سعد الدين إلي أن إسرائيل صادرت كتابه "فرعون ذو الأوتاد" فور وصوله للأراضي المحتلة، لأنه يمس جزء أساسي من تاريخهم المزعوم، ولأنه تناول حقيقة فرعون، وابتعاد شخصيته عن ملك مصر العظيم رمسيس الثاني .



وأكد سعد الدين أن فتوى دار الإفتاء المصرية في غاية الخطورة، لأنها صادرة عن مؤسسة دينية رسمية وفتواها محسوبة على الدولة المصرية، كما أنها تتطابق مع ادعاءات اليهود، وكأننا نساعدهم على سرقة تاريخنا وتزويره دون وعي منا بخطورة الأمر، مطالبًا بوجود كتيبة من المؤرخين نحتاج إلى جهودهم لتصحيح التاريخ وتنقيته مما شابه من تزويرات يجني ثمارها اليهود وحدهم دون سواهم.


الجريدة الرسمية