رئيس التحرير
عصام كامل

حصاد مشاركة «السيسي» في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. حرص مصر على التواصل المستمر مع المنظمات الدولية.. حضور المحافل العالمية.. إعادة المكانة الدولية اللائقة لمصر.. والتحول الإيجابي في المو

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

الزيارة التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأمم المتحدة الأسبوع الجاري هي الرابعة منذ توليه منصبه في يونيو 2014، حيث يترأس وفد مصر في الشق رفيع المستوى من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ72.


ويأتي ذلك في تحرك يجسد حرص مصر على التواصل المستمر مع المنظمات الدولية، والحضور على أعلى مستوى في المحافل العالمية والدبلوماسية الجماعية.

وقد عكست مشاركة الرئيس المنتظمة في الجمعية العامة في دوراتها الثلاث السابقة إدراك أهمية العمل الدولي متعدد الأطراف، بما يسهم في تعزيز الجهود الرامية للتوصل لحلول سياسية للأزمات الإقليمية والدولية القائمة، بالإضافة إلى مناقشة القضايا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ذات الاهتمام الدولي.

حرص مصر
كما حرصت مصر على المشاركة في مختلف الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة في ضوء الدور البناء الذي تقوم به في إطار حفظ السلم والأمن الإقليمي والدولي، أخذًا في الاعتبار عضوية مصر الحالية في كل من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن الأفريقي.

ويقول تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات عن حصاد زيارات الرئيس السيسي للأمم المتحدة في السنوات الثلاث الماضية، إن هذه الزيارات توفر فرصة لمصر لعرض رؤيتها الشاملة لقضايا الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم من أعلى منبر دولي، كما تتضمن عقد عشرات من لقاءات القمة الثنائية والجماعة التي تحقق مصالح مصر وتعزز مكانتها وعلاقاتها الدولية.

تعزيز العلاقات
وقد عملت مصر على تعزيز وتفعيل علاقاتها مع الأمم المتحدة، من خلال إبداء التزامها بدفع جهود المنظمة الدولية في مجال التسوية السلمية للنزاعات، خاصة في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، مع تأكيد حرص السياسة الخارجية المصرية على مواصلة دورها الفعال في إطار حفظ السلم والأمن الدوليين، خاصةً في ضوء عضويتها الحالية بمجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي، بالإضافة إلى مشاركتها الفعّالة في عمليات حفظ السلام، وفي كافة الفعاليات الدولية التي تكرس للأمن والسلم الدوليين وتحقق سلام واستقرار شعوب العالم.

الزيارات الثلاث
وخلال الثلاث زيارات المتتالية التي قام بها الرئيس السيسي لنيويورك للمشاركة في أعمال اجتماعات الدورات الـ69، والـ70، والـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة على التوالي، برزت ثوابت السياسة الخارجية المصرية التي تبناها الرئيس منذ توليه منصبه، في ضوء عمله على ترتيب أوراق الدبلوماسية المصرية.

وحرص الرئيس في كلماته وخطاباته أمام الأمم المتحدة، أو مشاركاته وحضوره في كافة الفعاليات الأممية، وعقد عشرات اللقاءات مع قادة وزعماء الدول ورؤساء الحكومات والكيانات الاقتصادية الدولية على بلورة رؤيته التي تتلخص في الحفاظ على الدولة المصرية واستعادة بناء مؤسساتها على أسس ديمقراطية حديثة، وإيضاح حقيقة المواقف المصرية إزاء مختلف القضايا المهمة على كافة الصُعد، وفي مقدمتها الرؤية المصرية لمكافحة الإرهاب والجهود التي تبذلها الدولة المصرية في هذا الصدد.

وقد شكل ملفا مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، ودعم الاقتصاد الوطني قاسمًا مشتركًا في أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زياراته لنيويورك ومشاركاته المتعددة خلالها، باعتبارهما ركائز أساسية وخيارات إستراتيجية في السياسة الخارجية المصرية الحالية، حيث تصدر التحرك المصري في فلك المنظومة الدولية محورين أساسيين.

الاقتصاد
الأول: الدبلوماسية المصرية في خدمة الاقتصاد المصري، والاقتصاد على رأس الأولويات.
وقد حرص الرئيس على عقد لقاءات مكثفة مع رجال أعمال وشركات وكيانات اقتصادية عالمية ومجالس أعمال مشتركة، حيث استعرض خلالها الإجراءات والتشريعات التي تتخذها مصر من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي مقدمتها مكافحة الفساد والقضاء على الروتين والبيروقراطية.
الثاني: ضرورة بلورة إستراتيجية دولية ضد الإرهاب وتوفير ضمانات حماية الأمن القومي المصري ومحاربة الإرهاب.

قمة المناخ
ويرصد تقرير هيئة الاستعلامات عن المشاركة الأولى للرئيس السيسي في الدورة 69 للجمعية العامة وفي قمة المناخ في سبتمبر 2014، أن المجتمع الدولي قد أدرك حقيقة ما حدث في مصر، وأن الأمم المتحدة تدعم مصر بشكل كامل في تحقيق الاستقرار والتنمية.

وخلال زيارته الأولى لنيويورك خلال الفترة (من 21 إلى 25/9/ 2014)، ترأس الرئيس السيسي وفد مصر لحضور قمة الأمم المتحدة، وألقى كلمة المجموعة العربية في مؤتمر المناخ الذي عقد على هامش الاجتماعات، وأجرى نشاطًا مكثفًا شمل مباحثات مع نحو 40 من رؤساء الدول والحكومات المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كلمة تاريخية
وفي كلمة تاريخية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24/9/2014، قدم الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة رسائل عكست صورة لـ"مصر الجديدة" القادرة على تحقيق أهدافها التي ارتكزت خلال تلك الفترة على المبادئ سعت إليها من خلال "خريطة المستقبل"، مرورًا بالاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية وانتهاءً بإجراء الانتخابات البرلمانية، مع التأكيد على أن المجتمع الدولي بدأ يدرك حقيقة ما حدث في مصر، وأن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أحدث خير شاهد على ذلك، داعيًا أعضاء الأمم المتحدة لدعم عضوية مصر غير الدائمة بمجلس الأمن لعامي 2016 و2017، وهو ما أثمر عن ذلك بالفعل لاحقًا.

الرؤية المصرية
واستعرض الرئيس السيسي الرؤية المصرية تجاه أزمات المنطقة "سوريا - ليبيا - العراق - اليمن" التي تستند إلى ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية في المنطقة والعمل على دعم مؤسساتها وتعزيز تماسكها بما يحقق وحدتها وسلامة أراضيها، والإشارة إلى أن تحقيق ذلك من شأنه محاصرة تمدد الإرهاب في المنطقة عن طريق إنهاء حالة الفراغ التي سمحت بوجوده ونموه خلال السنوات الماضية وبلورة إستراتيجية مشتركة لسبل التعامل مع التحديات والأزمات القائمة بالمنطقة.

البعد الأفريقي
وتأكيدًا على أهمية البعد الأفريقي في السياسة الخارجية المصرية، شدد الرئيس على الاهتمام الذي توليه مصر لقضايا قارتها الأفريقية، لافتًا إلى أن التضامن والإخاء الذي يجمع بين شعوبها وأيضًا التحديات المشتركة التي تواجهها، تفرض علينا العمل بمزيد من الجد ووضوح الرؤية لتحقيق طموحات شعوبنا، في الديمقراطية والتنمية، والحفاظ على كرامة الفرد، وإيلاء الاهتمام الواجب لشبابنا، وتطلعهم لمستقبل أكثر إشراقا، كما دعا المجتمع الدولي للتصدي لوباء الإيبولا، الذي يتعرض له عدد من دول غرب أفريقيا.

كما ألقى الرئيس كلمة باسم المجموعة العربية أمام قمة تغير المناخ على هامش الاجتماعات بحضور قادة العالم، وأعرب خلالها عن اعتزازه بالمشاركة في هذه القمة واصفًا إياها بالمهمة، في إطار الأهمية التي باتت تحتلها قضية تغير المناخ، وضرورة اتخاذ إجراءات طموحة للتصدي لتداعياتها، وأوضح الرئيس أن التكيف مع تغير المناخ يمثل أولوية قصوى للدول العربية مثلها في ذلك مثل الدول النامية، خاصة الأفريقية.

أهم اللقاءات
ولعل أهم لقاءات الرئيس السيسي في نيويورك، كانت لتعريف الدوائر الاقتصادية الأمريكية خاصة "منتدى الأعمال للتفاهم الدولي" بالمشروعات التنموية الكبرى في مصر، كما استعرض الرئيس أمام غرفة التجارة الأمريكية جهود الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات المباشرة، فضلا عن حوارات أجراها مع وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى، واستطاع الرئيس خلال كل هذه اللقاءات والاجتماعات أن يعيد مصر إلى موقعها الريادي بالمنطقة، وأن يشرح السياسات المصرية الداخلية الساعية لبلوغ التنمية المنشودة، فضلا عن رؤيتها إزاء الملفات الإقليمية المعقدة، وهو ما لاقى توافقا في الرؤى مع قادة العالم.

داعش
وكذلك شارك الرئيس السيسي في قمة "مكافحة تنظيم داعش والتطرف العنيف"، التي دعا إليها الرئيس الأمريكي أوباما، وذلك في إطار الانخراط المصري النشط في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
وألقى الرئيس كلمة أمام تلك القمة شدد فيها على ضرورة أن يتعامل المجتمع الدولي بفعالية مع التحديات الأخرى التي تعرقل تحقيق التنمية المستدامة وأهمها الإرهاب، وقال إن الشعب المصري في مسيرته من أجل البناء والتعمير، يواجه أخطر فكر إرهابي ومتطرف.
كذلك سلط الرئيس الضوء على مشروع قناة السويس الجديدة، وأبعاده الاقتصادية والوطنية التي تتعلق بقدرة مصر وتصميم المصريين على العمل بإخلاص، والتغلب بشجاعة على الصعاب والتحديات، التي اعتبرها ليست هدية مصر للعالم فحسب، لكنها تمثل تجسيد الأمل وتحويله إلى واقع ووجهة جديدة من خلال العمل.

مبادرة الأمل والعمل
وبينما كانت الأنظار تتجه إلى كلمة مصر أمام الدورة السبعين للأمم المتحدة، طرح الرئيس في الكلمة مبادرة "الأمل والعمل من أجل غاية جديدة"، وهي المبادرة التي تمد مصر من خلالها يدها إلى العالم للتغلب على قوى التطرف وأفكارها عبر اجتذاب طاقات الشباب الخلاقة، بعيدًا عن المتطرفين وأفكارهم المغلوطة.
وأوضح الرئيس خلال الكلمة أن أكثر من مليار ونصف المليار مسلم يرفضون الخضوع لفكر القلة التي تدعى احتكار التحدث باسمهم، وقال إن ذبح المصريين على شواطئ ليبيا جاء نتيجة للتهاون في التصدي لتمادي المتطرفين، كما تحدث الرئيس عن مجمل المواقف المصرية إزاء القضايا الإقليمية والدولية في ظل سياسة خارجية تتماهى مع مصالحها العليا وتحافظ على أمنها القومي، كما ركز أيضًا على كيفية التوجه المصري نحو التنمية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

مجلس الأمن
وعن المشاركة الرئاسية الثالثة في اجتماعات الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، (2016-2017) يرصد تقرير هيئة الاستعلامات أن الرئيس السيسي قد قام في 18/9/2016 بزيارة إلى نيويورك استغرقت خمسة أيام، شارك خلالها في أعمال الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عقدت تحت عنوان "قمة الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والمهاجرين"، بمشاركة وفود من 193 دولة أعضاء في المنظمة الدولية، كان حصادها 20 لقاءً و3 مشاركات في اجتماعات وإلقاء 3 كلمات.
وأجرى الرئيس السيسي العديد من اللقاءات والمباحثات الثنائية مع عدد من قادة العالم على هامش القمة ومن أهمها لقاء مرشحي الرئاسة الأمريكية حينئذ، دونالد ترامب، وهيلاري كلينتون، وترأس اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي واجتماع لجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وشارك في قمة مجلس الأمن الدولي حول التطورات في الشرق الأوسط وسوريا، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها رئيس مصري في قمة مجلس الأمن.

اجتماع اللاجئين
كما شارك الرئيس السيسي في الاجتماع رفيع المستوى حول اللاجئين والمهاجرين، الذي تناول سبل التوصل لحلول فعالة للتعامل مع أزمة تدفق اللاجئين نتيجة الصراعات القائمة، وألقى أيضًا كلمة مصر أمام الاجتماع رفيع المستوى حول اللاجئين والمهاجرين.
وألقى الرئيس كلمة مهمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة استعرض خلالها مجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، فضلًا عن المواقف المصرية إزاء القضايا الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط.

أزمات الشرق الأوسط
فيما اتسم موقف الرئيس السيسي من الأزمات في سوريا وليبيا واليمن بأنه ثابت لم يتغير منذ توليه الرئاسة، وهو الرغبة في التسوية السلمية للنزاعات.

ترامب
وقد التقى الرئيس السيسي في 19/9/2016، دونالد ترامب - مرشح الحزب الجمهوري حينها - على هامش مشاركة الرئيس في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ71، ليكون أول زعيم بلد عربي يجتمع مع المرشح الجمهوري للبيت الأبيض.
وكان اللقاء مفعما بالأجواء الإيجابية، حيث تباحث الرئيس السيسي وترامب حول العلاقات الثنائية الإستراتيجية التي تجمع بين مصر والولايات المتحدة ولا سيما ما يتعلق بالتعاون على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين، فيما أعرب دونالد ترامب عن تقديره للرئيس وللشعب المصري على ما قاموا به دفاعًا عن بلادهم بما حقق مصلحة العالم بأكمله.

مكاسب سياسية واقتصادية لمصر
وحققت مشاركة الرئيس الفعالة في اجتماعات الأمم المتحدة الثلاثة الأخيرة إجمالًا مكاسب سياسية واقتصادية عدة، بالإضافة إلى التحول الإيجابي في الموقف الدولي تجاه الدولة المصرية، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في إعادة المكانة الدولية اللائقة لمصر، وقد رصدت الهيئة العامة للاستعلامات أهمها على النحو التالي:
وعززت زيارات الرئيس السيسي لنيويورك ونشاطه الرئاسي المكثف مكانة مصر الدولية التي زادت من وضعها الرفيع بعد نجاح الدبلوماسية المصري في دعم فوز مصر بعضوية مجلس الأمن غير الدائمة لعامي (2016-2017)، حيث أتاحت الفرصة والوقت اللازمين لكافة أطراف المجتمع الدولي لتفهم حقيقة وتطورات الأوضاع التي شهدتها منذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013، وهو الأمر الذي انعكس إيجابيًا على علاقات مصر الدولية، وأصبحت تشهد تناميًا ملحوظًا مع مختلف القوى الدولية، وجاء هذا التحسن مدعومًا برؤية مصرية ثاقبة لتطورات الأوضاع في المنطقة، الأمر الذي تمت الإشادة به في العديد من لقاءات الرئيس على هامش مشاركته في اجتماعات الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التي عكست تفهمًا لحقيقة وتطورات الأوضاع التي شهدتها مصر ورغبةً في التعاون مع مصر.

المشاركة الثانية
خلال المشاركة الثانية في اجتماعات الأمم المتحدة نجح الرئيس السيسي في تقديم مصر الجديدة أمام العالم، لافتًا إلى أنه تحدث في زيارة العام السابق عن أحلام وطموحات، تحول كثير منها إلى إنجازات على أرض الواقع في غضون عامين فقط من رئاسته.

وتميزت الزيارة الثالثة للرئيس السيسي لنيويورك عن الزيارتين الأولى والثانية نظرًا لأن موقف مصر قد تأكد في أنها ركيزة مؤثرة على المستويين العربي والدولي بفضل الدبلوماسية الرئاسية الرصينة، كممثل للعرب ولدول العالم النامي.
وقد اكتسبت تلك الزيارة أهمية خاصة على ضوء عضوية مصر في مجلس الأمن على المستوى الرئاسي، حيث تعد هي المرة الأولى التي شارك فيها رئيس مصري في قمة مجلس الأمن ما عكس عودة مصر إلى مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

الجريدة الرسمية