رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «مولد السيوطي» في حضرة الأولياء مفيش خوف ..«تقرير»

فيتو

"مدد يا شيخ العرب.. مدد يا سيدى جلال" بتلك الكلمات يطوف زوار مقام الشيخ السيوطي خلال احتفالات إحياء ذكرى مولد الرحالة الشهير فضلا عن طقوس ملازمة لمحبيه عموما ولعشاقه من الصوفيين على وجه الخصوص، ولسان حالهم يقول: "في حضرة الأولياء اوعاك تكون خايف".


يحتفل أهالي أسيوط ومريدو الصوفية بمولد الإمام العارف بالله "جلال الدين السيوطي" بمنطقة القيسارية بمدينة أسيوط وسط حالة من الروحانيات والطمأنينة والزحام والابتهالات والأناشيد الدينية.

وتعد منطقة القيسارية التي يقع فيها مسجد وجامع الشيخ جلال الدين السيوطي بمثابة "خان الخليلى أسيوط" كما يطلقون عليها؛ حيث يوجد بها أقدم أسواق الصعيد أو ربما مصر كلها وبمجرد أن تطأ قدم الزائرين بداية شارعها الرئيسى يتداعى إلى الأذهان عراقة عصور مضت ومهن في طريقها للاندثار وعبق الماضى وروحانيات مرتبطة بالأولياء الصالحين والتراث المصرى القديم وخاصة لاحتوائها على عدد كبير من الآثار الإسلامية الأمر الذي يجعل الاحتفال بالمولد بها أكثر قربا للحميمية والروحانية.

ويؤكد الشيخ خالد عبده، أحد أئمة المنطقة، أن مولد الشيخ السيوطى يجتذب عددا هائلا من الزائرين ومريدى الشيخ العظيم ويستمر الاحتفال 15 يوما وسط الابتهالات والإنشاد الدينى ويقيم الأهالي والجماعات الصوفية موائد الطعام ويتخذ آخرين من الباعة المولد مصدرا للرزق.

وأضاف الشيخ خالد أن الإمام السيوطي من أولياء الله الصالحين وحسب سيرته ما جاء إليه سائلا أو قاصدا إلا وارتاح وشعر بالطمأنينة في جواره ولذلك يأتيه الزوار من جميع الأنحاء ويتخذون المولد ملاذا من مشاق الحياة.

وفي ذات السياق أكد سامح إبراهيم، أحد سكان المنطقة، أن المسجد بنى في سنة 766 هجرية، على طراز إسلامي بارز وهو عبارة عن قبة معقودة على مكان الوضوء تحملها ثمانية أعمدة رخامية مكتوب بدوائرها آيات قرآنية، وداخله مقام الشيخ الجليل، ويعد المسجد من أكثر المساجد تناسقا وانسجاما في المحافظة وأضخمها كما أن نقوشه وتصميمه الهندسي تتجمع فيه فنون عدة وتبرز زخارفه لتجعله في مقدمة المزارات السياحية والآثار الدينية الإسلامية.

ويعد المسجد ذا أهمية كبرى لأهالي محافظة أسيوط؛ فهو مقصد كل محتاج وملجأ كل فقير، ويقيم دائما مريدو السيوطي في ساحته المفتوحة لكل من أراد الزيارة وتنظم بها الخدمات ومأدبات وموائد الطعام، والاحتفالات ومنصات الإنشاد والابتهالات لكبار المشايخ وعلى رأسهم الشيخ ياسين التهامي شيخ المنشدين الذي يحرص على الحضور كلما حانت الفرصة له.

ولد الشيخ جلال الدين السيوطي يوم الأحد غرة شهر رجب من سنة 849 هـ، الموافق سبتمبر من عام 1445م، في القاهرة، رحل والده من أسيوط لدراسة العلم وهو يعتز بها وبجذوره واسمه عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي، وكان سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه وتوفي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا.

واتجه السيوطي إلى حفظ القرآن، فأتمه وهو دون الثامنة، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، فاتسعت مداركه وزادت معارفه. وكان السيوطي محل عناية ورعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم الكمال بن الهمام الحنفي أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا خاصة في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة.

وقام السيوطي برحلات علمية عديدة شملت بلاد الحجاز والشام واليمن والهند والمغرب الإسلامي، ثم درَّس الحديث بالمدرسة الشيخونية، ثم تجرد للعبادة والتأليف عندما بلغ سن الأربعين، وتوفى في منزله بروضة المقياس على النيل في القاهرة في 19 جمادى الأولى 911 هـ، الموافق 20 أكتوبر 1505 م، ودفن بجواره والده في أسيوط حتى صار له مسجدا وضريح كبير يقام فيه المولد واحتفالاته في سبتمبر من كل عام.

ومن المقرر أن تنظم اليوم الليلة الختامية بمولد الشيخ السيوطي والتي يشارك فيها الآلاف من المواطنين وتشهد ساحة المسجد به زحاما شديدا من قِبل عدد كبير من الطرق الصوفية، بالإضافة لإحياء الشيوخ الليلة الختامية بالابتهالات والتواشيح الدينية، ويشارك فيها عادة كبار المنشدين.
الجريدة الرسمية