رئيس التحرير
عصام كامل

بعثة الحج المصرية والمطوف 170


الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات، رزقني الله بأداء الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج، بعد حصولي على تأشيرة من نقابة الصحفيين والتي حصل عليها النقيب العام عبد المحسن سلامة من السفير السعودي أحمد القطان، واستطاع نقيب الصحفيين الفرعي بالإسكندرية رزق الطرابيشي في تخصيص 5 للإسكندرية من بين 100 تأشيرة أجري عليهم قرعة علنية، لأكون من ضمن الفائزين والحمد لله بعد دخولي النقابة وتعييني في جريدتي "فيتو" والتي أتشرف بأن أكون من ضمن كتيبتها.


وما رأيته في الحج من مشقة وتعب أنا وزملائي ناصر الشرقاوي، عبدالعال طلعت، الذين لولا وجودهم معنا لكانت المعاناة أكبر، وكان معنا أيضا الزملاء، مني عبد السلام، عمرو حافظ، محمد البوشي، ورغم التعب والمشقة فكله يهون في سبيل الله وأن نؤدي فريضة الله والتي اشتقت إليها كثيرا.

ولكن ما دفعني للكتابة هو أداء البعثة المصرية السيئ للغاية في الحج والمتخاذل من مسئوليها ومعاناة سيدات ورجال كبار في السن، بالإضافة إلى أزمة المطوف 170 الذي تم ربط آلاف المصريين عليه سواء حج فرادى أو جمعيات أو سياحة وعانوا الأمرين معه.

والمطوف هو أشبه بنظام الكفيل، فمنذ أن تطأ قدمك مطار جدة يتم شحنك في أتوبيسات بعد أخذ جواز السفر لأماكن التفويج على أطراف مكة المكرمة، ويتم توزيعك على المطوف، وكان الحجاج المصريين نصيبهم في المطوف 170، ومن المفترض أن الانتقالات والإقامة والوجبات في عرفات ومني وإلي المدينة وجدة تكون بواسطة هذا المطوف بواسطة الشيك الذي تم دفعه في بنك فيصل بقيمة 1029 ريـالا وهناك مصريون دفعوا 3 آلاف ريـال سعودي أي بما يعادل 14 ألف جنيه مصري لأجل أن تكون مخيمات مني وعرفات مناسبة ومريحة على قدر الإمكان، وكذلك الانتقالات والوجبات.

وفوجئنا بأن مخيمات عرفات في مكان بعيد جدا وهو سوق العرب بالتقاطع مع الدائري وهو عبارة عن مخيم به مراوح وعلي الأرض دون وجود أي فراش كما هو متبع في المخيمات الأخرى، والآلاف مكدسة وهرب مسئولو المطوف، وتركوا الحجاج يعانون لهيب الحر، وفي المساء لم تأت أتوبيساته لنقلهم لمزدلفة إلا بعد أن ثار الحجيج ومن المفترض أنه لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وظلوا للساعة الـ10 مساء منهكين بلا طعام وشراب، وجاءت الشرطة وبدأ نقلهم لمزدلفة بأتوبيسات لا آدمية بالمرة، وبات الحجاج المصريون ليلتهم في مزدلفة.

وعند الانتقال لمنى كانت المفاجأة وجود مخيم المصريين في الهضبة الثالثة بمني وهي أعلى مكان فيها، ولا يوجد أي وسيلة انتقال لها، وتاه العشرات من المصريين وعندما وصلوا للمخيمات كانوا قد أنهكوا من التعب والعطش ورأيت سيدات ورجال كبار في السن في حال انهيار وغضب شديد، حتى أن الأمر وصل لرفض مسئولي المخيمات إطعام زميلنا محمد البوشي من الوفد، الذي خرج من عرفات منهكا ومريضا بحجة أن شيك المطوف الذي تم دفعه ليس بينه وجبات.

وقامت زميلتي مني عبد السلام، بالاتصال بأحمد الأنصاري، رئيس بعثة الحج المصرية، تشتكي له، فكان رده أن حجاج الأفراد ذهبوا للحج بشكل خاطئ، وعند سؤاله عن باقي الحجاج من الجمعيات وشركات السياحة كان رده أنه لا يعلم شيئا وهو ملتزم بالبعثة فقط وكأن باقي الحجيج المصريين من دولة أخرى، فأغلقت الهاتف، وحاولت التواصل مع وزير الإسكان الذي كان من ضمن البعثة ومسئول عنها أيضا ولكنه كان مشغولا بالجلوس في الفنادق الفاخرة هو وباقي البعثة فإقامتهم كانت بين برج الساعة وأجنحة الهيلتون ودار الإيمان وباقي الحجاج في جبل الكعبة وفنادق رخيصة، بالإضافة لبعثة السياحة التي كانت في فندق الشهداء يحتسي أفرادها الشاي والوجبات الساخنه ولا يقدموا أي شيء لحجاج السياحة الذين وقعوا فريسة للمطوف 170.

غابت البعثة الرسمية عن أي وجود لها في مكة أو في عرفات وعندما تقابلنا مع أحد أفراد البعثة الذي يرتدي زيا كتب عليه بعثة مصر مسئول، وحاولنا أن نسأله عن عناوين معينة أو مكان باقي البعثة كان رده أنه لا يعلم، في حين أن بعثات مثل الهند والسودان وشرق آسيا كان معهم عشرات من المتطوعين بخرائط يدلوت حجيجهم على أماكنهم سواء كانوا مع البعثة أو لا ويوفرون سيارات وأطعمة لهم لحين نقلهم لأماكنهم.

ونأتي لمأساة أخرى وهي حصولنا على جوازات السفر من المطوف، فوجئنا بأنه يلزم أن يضمن مواطن سعودي الحجاج ويأخذ هو جوازات السفر ويسلمها لمكتب الوكلاء في المطار، وتظهر زميلتنا مني عبد السلام مرة أخرى في المشهد، ذهبت في الصباح الباكر في الساعة 4 فجرا لتحصل جوازها وسلمت الكارتة، وظلت منتظرة إلى المغرب إلى أن ثارت عليهم وتوصلت لأرقام وزير الحج السعودي ووكيل الوزارة الدكتور حسين ناصر الشريف، والذي فور الاتصال به استجاب ونزل للمطوف وشاهد مأساة عشرات المصريين مع المطوف وأمر بفتح تحقيق وجاء بمسئولي الوزارة ومتطوعي الحج، لإخراج جواز سفر الزميلة، وكان الزميل عمرو حافظ سكرتير نقابة الصحفيين بالإسكندرية، جاء بشاب سعودي يدعي "سالم" وهو خير سفير لشباب المملكة، وقام بأخذ جوازاتنا للمطار، وفي المطار حاولنا الحصول على باقي مستحقاتنا من مكتب الوكلاء الموحد الذي يتبع له المطوف وكانت معاناة أخرى واستنجدنا مرة أخرى بوكيل وزارة الحج الذي كان متواجدا في المطار وقام باستدعاء كافة المسئولين في الساعة 1 ليلا لحل المشكلة وتم حلها.

وهنا فارق بين مسئول مصري أحمد الأنصاري الذي تنصل من مسئوليته وبين مسئول سعودي الدكتور حسين الشريف ومعه الدكتور حسن مختار رئيس خدمات الحج بالمملكة، والذين استدعوا المسئولين، وتحرك لحل الأزمة سريعا، ووعد أيضا باتخاذ إجراءات صارمة ضد مكتب المطوف 170 وعلاج السلبيات التي ظهرت خلال هذا العام، فكل الشكر لهم، ويجب محاسبة كل مسئول عن البعثة المصرية بشكل عاجل وخاصة أنه كان معهم نواب ومسئولون آخرون.
الجريدة الرسمية