رئيس التحرير
عصام كامل

منظومة النظافة في القاهرة تسجل فشلا جديدا.. العاصمة تتحرر بعد 15 عاما من عقود الشركات الأجنبية والتطوير «محلك سر».. المواطن يدفع ضريبة التعاقدات مجددا.. وبداية التمرد تظهر بين «النباشين

فيتو

لم يكد سكان القاهرة يتخلصون من شركات النظافة الأجنبية برحيلها استبشارا بالتخلص من فشلها في إدارة منظومة النظافة وأملا في أن تستعيد العاصمة رونقها مجددا، إلا وفوجئوا بأن هيئة النظافة والتجميل تكرر أسباب الفشل بعدما تولت مسئولية النظافة.


منظومة جديدة

بدأت محافظة القاهرة تطبيق منظومة نظافة جديدة بحى المعادى الأسبوع الماضى بعد انتهاء عقد شركة نظافة "أوروبا 2000"، وذلك لحين خروج الشركة القابضة للنظافة للنور، ومن المقرر تطبيق المنظومة في باقى الأحياء تباعا، بعد انتهاء عقود باقى شركات النظافة الأجنبية، وبعد 3 أيام من تطبيق المنظومة بالمعادى، أعلن مسئولو محافظة القاهرة نجاح المنظومة وتحسن مستوى النظافة بالحى، دون انتظار تطبيق التجربة في أحياء أخرى بخلاف حى المعادى الذي كان مستوى النظافة به مرتفعا أصلا قبل تطبيق المنظومة. 

نفس المنظومة
وأكد مصدر مسئول بهيئة النظافة والتجميل بمحافظة القاهرة، أن المنظومة الجديدة التي وضعتها الهيئة لم تختلف عن المنظومة القديمة لشركات النظافة الأجنبية، فكلاهما يعتمد على الجمع عبر متعهدي القمامة "زبال المنطقة"؛ حيث كان هناك تعاقد بين الشركات الأجنبية مع المتعهدين لجمع القمامة من المنازل مقابل "قروش" للوحدة السكنية، وبالتالى اضطر المتعهد إلى تغريم المواطن صاحب الوحدة مبلغا ماليا مقابل جمع القمامة منه، لأن ما يأخذه من شركة النظافة الأجنبية لا يغنى ولا يسمن من جوع.

دفع مكرر

وتابع: أصبح المواطن يدفع 5 جنيهات على فاتورة الكهرباء، مع مبلغ آخر يفرضه عليه المتعهد، أما المواطن الذي رفض الدفع للمتعهد فكان يضطر لحمل قمامته لأقرب صندوق قمامة للتخلص منها، رغم أن شركة النظافة المنوطة بتنظيف المنطقة كانت تدفع للمتعهد للجمع من كل الواحدات. 

4 جنيهات

وأضاف المصدر في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، أن الهيئة تعاقدت مع متعهدي النظافة بالمعادى مقابل 4 جنيهات للوحدة السكنية الواحدة، وهو مبلغ غير عادل، وتم الاتفاق وديا مع المتعهدين أن يحصلوا ما يقدرون عليه من المواطن، وهكذا تم وضع المواطن في وجه المدفع مرة أخرى وأصبح مجبرا على دفع مبلغ سيحدده المتعهد، علما بأن الحكومة تدفع هذا أيضا ولكن تم تقليل المبلغ والاتفاق مع المتعهد على تعويضه من المواطن. 

منع الصناديق
وأشار المصدر إلى أن المنظومة الجديدة اعتمدت على منع تواجد الصناديق بالشارع للانتهاء من ظاهرة النباشين، وأن تتم عملية الفرز بالمقلب العمومى أو المناولة المتواجدة بحى البساتين، موضحا أن النباشين الذين يعملون في حى المعادى عددهم ليس بكثير، وبالتالى فالسيطرة عليهم ستكون سهلة، ورغم ذلك تم ضبط أكثر من مرة عربة قمامة يقوم أصحابها بعملية الفرز في الشارع، وليس في المقالب، مؤكدا أن الهيئة ستعجز أمام النباشين في الأحياء الشعبية لكثرة عددهم، وتواجدهم في شكل عائلات، ضاربا المثل بحى المطرية الذي يتواجد فيه ألف نباش. 

فشل ذريع
من جانبه أكد المهندس أمين حسن، النقيب العام للعاملين في البيئة والنظافة، أن الهيئة ستفشل فشلا ذريعا في هذه المنظومة، لأن النجاح يعتمد على خطة إستراتيجية محكمة وليس على عدد العمالة والمعدات، موضحا أن الهيئة بها 18 ألفا و500 موظفا وعاملا، ولديها العديد من معدات النظافة، فهناك أكثر من 2500 مُعدة.

وتساءل حسن: لماذا فشلت الهيئة إذن طوال السنوات الماضية في تنظيف المنطقة الجنوبية التي كانت تقع على عاتقها؟!، كاشفا عن أن الهيئة ميزانيتها تصل إلى مليار و650 مليون جنيه بخلاف مبالغ تعاقدات شركات النظافة الأجنبية، ومع ذلك فشلت.

وعي الأهالي
وأضاف النقيب العام للعاملين في البيئة لـ"فيتو"، أن حى المعادى هو من أنظف الأحياء بالقاهرة؛ حيث ارتفاع المستوى الثقافى والاجتماعى والمالى لقاطنيه، وبالتالى فالهيئة لن تبذل فيه أي مجهود، مشيرا إلى أن هناك 36 حيا بالقاهرة، ستة أحياء فقط تمتاز بنظافتها بحكم طبيعة وثقافة أهاليها كمناطق مدينة نصر والنزهة وجاردن سيتى والزمالك والمعادى ومصر الجديدة، وقصر النيل، وعابدين، أما باقى الأحياء فهي أحياء تعج بالقمامة، كأحياء عين شمس والمطرية والبساتين ودار السلام والسلام والمرج، كما أن هناك انخفاضا في وعى الأهالي بها، وبالتالى ستفشل حتما الهيئة بها، لأنه لا بد من تغيير سلوك الأهالي ورفع وعيهم.

تقييم المنظومة
وأوضح "حسن" أن تقييم أي منظومة نظافة لا بد أن يتم بعد مرور ثلاثة شهور عليها للوقوف على سلبياتها وإيجابياتها، أما الهيئة فقررت نجاح المنظومة من أول أسبوع لها في حى معروف كواحد من أفضل أحياء القاهرة، مشيرا إلى أن الهيئة تعاقدت مع المتعهدين بمبلغ ضئيل وهو 4 جنيهات للوحدة وبالتالى لن يحصل المتعهد تكلفة جمعه ونقله للقمامة، إذا لم يحصل من المواطن على مقابل مالى كاف، وبالتالى للمرة الثانية يدفع المواطن فشل إدارة المنظومة؛ ففي المنظومة القديمة، كان مجبرا على دفع رسوم نظافة بالفاتورة ودفع اشتراك شهرى للمتعهد وهو ما لم يتغير في المنظومة الجديدة. 

ولفت النقيب العام للعاملين في البيئة إلى أن الهيئة في حى المعادى الذي يتضمن 77 ألف وحدة سكنية تم تسخير معدات كثيرة به، وتقسيمه إلى 4 مربعات في كل مربع يعمل ما يقرب من 40 عاملا، متسائلا كيف ستتعامل الهيئة مع حى المطرية الذي يتضمن 370 ألف وحدة؟، قائلا: "هيجيب بقى 20 معدة و80 ألف عامل في المطرية، لو جاب معدات الدنيا هيفشل لأن مفيش خطة وإستراتيجية للتعامل مع القمامة والعاملين فيها، وإدارة المخلفات".

نجاح عملي
من جانبه أكد المهندس حافظ السعيد، رئيس الهيئة العامة للنظافة والتجميل بالقاهرة، أن تنفيذ 70% من منظومة النظافة الجديدة على أرض الواقع يعد نجاحا، لافتا إلى أن هناك 10 متعهدين يقومون بالجمع السكنى من المعادى، وكل متعهد لديه ما يقرب من 3 سيارات حمولة طن، بالإضافة إلى معدات الهيئة والمتمثلة في 4 سيارات قلاب حمولة 4 أطنان، و5 عربات حمولة 2 طن، و3 مكابس كبيرة وفنطاس مياه وسيارة للغسيل الآلى ولودر صغير.

وأضاف السعيد لـ«فيتو»، أن الهيئة سترفع مخلفات الحدائق الخاصة مجانا وتم تخصيص خط ساخن "152" لتلقى طلبات أصحاب الحدائق لرفع مخلفاتهم، مشيرا إلى أن المتعهدين ملتزمون بمواعيد رفع القمامة المقررة وأن هناك ثلاث ورديات للعمل، بالإضافة إلى قيام متابعة موظفى الرصد البيئى للمنظومة، لرصد أي مخالفات أو معوقات لحلها على الفور.
الجريدة الرسمية