«الأزهر وألمانيا» تواصل حضاري يديره الطيب.. علاقات متنامية بتعاون متزايد.. الإمام الأكبر ضيفا على برلين 3 مرات في أقل من عامين.. يستقبل «ميركل» بمقر المشيخة.. ومؤتمر «طريق الس
يحظى الأزهر الشريف بمكانة دولية جعلته محط اهتمام مختلف الدول الداعمة للتسامح والحوار الحضاري بين مختلف الأديان وفي أوروبا تحديدا يحتل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر مكانة مرموقة لدى الأوروبيين ليس فقط لكونه قيادة دينية مشهور عنها تعظيم الوسطية والاعتدال ومحاربة التشدد المتستر زيفا بالدين، وإنما كمفكر ومثقف له العديد من الكتب والمقالات الشاهدة على مستوى عالم كبير.
وفي ألمانيا على وجه الخصوص تطرح قضية التسامح في بلد طالما استقبل آلاف اللاجئين، وسط ظهور بات مرفوضا من معتدلي القادة الألمان لتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا، ومن هنا تأتي الحاجة إلى علاقات قوية مع الأزهر الشريف تعاونا بين مؤسسة وسطية معتدلة ونخبة ألمانية رافضة لعشوائية إلصاق التهم إلى المسلمين والذين يمثلون جزءا من الشعب الألماني، فعملت ألمانيا على دعم الفكر الإسلامي الوسطي لتصحيح الأفكار المغلوطة بين الشباب المتطرف، ووثقت علاقتها بالأزهر الشريف.
وشهدت السنوات الأخيرة تناميا ملحوظا في العلاقات بين الجانبين، ووصلت إلى ذروتها بزيارة الإمام الأكبر إلى ألمانيا ثلاث مرات في أقل من عامين، بجانب استقبال الطيب المستشارة الألمانية "إنجيلا ميركل" خلال زيارتها الأخيرة إلى مصر.
آخر الزيارات
كان آخر تلك الزيارت منذ أيام قليلة؛ حيث سافر الإمام الأكبر إلى ألمانيا على رأس وفد رفيع المستوى من المشيخة، إلى مدينة مونستر الألمانية للمشاركة في مؤتمر حول السلام العالمي تحت عنوان (طرق السلام)، وعلى هامش المؤتمر بحث الإمام الأكبر في لقائه مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، مجالات التعاون بين الأزهر وألمانيا، إضافة إلى مأساة مسلمي الروهينجا في بورما.
اقرأ أيضًا:
شيخ الأزهر يبحث مأساة مسلمي الروهينجا مع ميركل
خطاب تاريخي
كما ألقى الإمام الأكبر خطابا وصف بالتاريخي عن وضع مسلمي بورما؛ حيث أكد شيخ الأزهر أن المُجتمع الدوليِّ عجَز عن إنقاذ مسلمي الرُّوهِينجا من تلك المآسي التي يئن لها ضميرُ الإنسانيَّة، موضحا أن ما يحدث في الشرق سببه هو الإصرار على إبقاء المنطقة في حالة صراع دائم، مشيرا إلى أن الإرهاب وُلد بأنيابٍ ومخالبَ جاهزة مخالفًا بقدراته الخارقة كل قوانين التطور الطبيعي.
أيادٍ بيضاء
وتابع: أن الشرق سبق أن قدَّم للغرب أيادٍ بيضاء وحمل الكثير لحضارته وأشعل في ربوعه جذوات العلم والثقافة والأدب والفنون، وعالمنا المعاصر في حاجة إلى أخلاق إنسانية عامة عابرة للقارات تسوده وتحكم مسيرته وتكون بديلًا للأخلاق المتناقضة المتضاربة، ونمدُّ أيديَنا لكل محب للسلام كائنًا ما كان دينه وكائنًا ما كان عرقه"، موضحا أن تعاون الأزهر الشريف مع المؤسَّسات الدينية الكبرى في أوروبا لتحقيق خطوة على طريق السلام الذي تدعو إليه جميع الأديان.
واقرأ أيضًا:
نص كلمة شيخ الأزهر بمؤتمر السلام العالمي بألمانيا
أولى الزيارات
وكانت أولى زيارات الإمام الأكبر إلى ألمانيا في مارس من العام الماضي بعد تلقيه دعوة من رئيس البرلمان الألماني، وفي تلك الزيارة ألقى شيخ الأزهر خطابا في البرلمان الألماني "أعلن فيه أن التنظيمات الإرهابية لا تمثل الإسلام، وأن الأديان بريئة من جرائم القتل والإبادة، التي ترتكب باسمها كما دعا المسلمون المقيمون في أوروبا إلى مراعاة القيم العليا للأوطان التي يسكنون فيها وأن يستفيدوا منها بتقديم صورة مماثلة عن الإسلام وتعاليمه السمحاء.
شكر "ميركل"
وأكد الطيب على أن الأزهر أصدر بيان شكر فيه المستشارة إنجيلا ميركل لمشاركتها في التظاهرات الرافضة لظاهرة "الإسلاموفوبيا"، كما استقبل الإمام الأكبر في مقر مشيخة الأزهر كبار الشخصيات والوفود الألمانية والذين أكدوا على سعادتهم بوجودهم داخل أكبر مؤسسة إسلامية في العالم، مبدين تطلعهم إلى زيادة حجم التعاون بين الجانبين.
توثيق التعاون
ويحرص الألمان على توثيق علاقاتهم بالأزهر لإيمانهم على أهمية ذلك للحفاظ على الاستقرار المجتمعي في بلادهم، بما يعرفونه من سماحة الأزهر وتبنيه لمبدأ التعايش السلمي بين مختلفي الأديان، وفي السياق ذاته يعمل الأزهر على تعزيز تلك العلاقة إيمانا منه بمسؤوليته عن نشر السلام عالميًا كحق للجميع.