علاقات قوية بين القاهرة وطوكيو.. السيسي يلتقي وزير خارجية اليابان.. يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادى.. يناقشان أزمات الشرق الأوسط... و«مكافحة الإرهاب» على مائدة الحوار
تتسم العلاقات المصرية اليابانية بالمتانة والتنسيق المشترك بين دولتين محوريتين تجمعهما رؤية سياسية واضحة وتقدير متبادل لدورهما كطرف إقليمي.
وفي إطار العلاقات القوية يلتقي الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، (تارو كونو)، وزير خارجية اليابان، بمقر رئاسة الجمهورية في مصر الجديدة؛ لبحث سبل دعم العلاقات الثنائية والتنسيق بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن البناء على ما تم تحقيقه من تقدم على مسار العلاقات بين البلدين منذ الزيارة الناجحة الأخيرة للرئيس إلى اليابان.
العلاقات «المصرية - اليابانية»
ويأتي اللقاء لتأكيد المستوى المتميز الذي وصلت إليه العلاقات «المصرية - اليابانية» وتطلع مصر للبناء على قوة الدفع للقاءات السابقة بين الرئيس السيسي ورئيس وزراء اليابان؛ للوصول بالتعاون الثنائي إلى آفاق أرحب من التنسيق والتعاون المشترك في العديد من المجالات وخاصة (التنموية والاقتصادية والاستثمارية).
الاستثمارات
ومن المقرر أن يشهد اللقاء تطلع مصر لجذب المزيد من الاستثمارات اليابانية، خاصة في ضوء ما تتمتع به الشركات اليابانية في مصر من سمعة طيبة، فضلا عن اهتمام مصر بالاستفادة من خبرة اليابان في مجال التعليم والإشارة إلى التجربة اليابانية الرائدة في هذا المجال، والتي أسهمت في تحقيق نهضتها التنموية.
تعاون وثيق
ويبحث اللقاء أهمية تعزيز (التعاون الثقافي والعلمي والتكنولوجي) بين مصر واليابان بالنظر إلى ما يتمتع به البلدان من تاريخ وحضارة عريقة وإمكانيات كبيرة لتفعيل تعاون وثيق في هذه المجالات.
ومن المقرر أن يتناول اللقاء متابعة موقف المشروعات التنموية التي اتفق الجانبان على تنفيذها خلال الفترة الماضية، فضلا عن تبادل الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها (القضية الفلسطينية) وأهمية التوصل إلى سلام عادل ودائم للصراع العربي الإسرائيلي من خلال قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية والوضع في سوريا وليبيا، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
أزمات المنطقة
ومن المقرر تأكيد أهمية استمرار العمل على التوصل إلى حلول سياسية لمختلف أزمات المنطقة والحفاظ على المؤسسات الوطنية بالدول التي تشهد أزمات وصون سيادتها ووحدة أراضيها ومقدرات شعوبها، حتى يمكن استعادة الاستقرار بالمنطقة وتوفير مستقبل أفضل لشعوبها.
ومن المقرر أيضًا أن يشهد اللقاء استعراض الجهود التي تبذلها مصر على صعيد مكافحة الإرهاب على الأصعدة المختلفة من خلال تبني إستراتيجية شاملة تراعي فيها الأبعاد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بجانب العسكرية والأمنية، سعيًا لاقتلاع تلك آلافة من جذورها، وأهمية مواجهة التهديدات الإرهابية التي فرضت على مصر والمنطقة والعالم بأسره، فضلًا عن التصدي للدول والجهات التي تدعم الإرهاب وتموله، مع ضرورة مواجهة كل المنظمات الإرهابية دون انتقائية.
علاقات تاريخية
وتاريخيا فإن العلاقات "المصرية ـ اليابانية" لها أهميتها ومحوريتها، وبدأت اليابان استكشاف المنطقة العربية في عام 1862، حين أرسلت بعثة الساموراي إلى مصر للتعرف على تجربتها التحديثية.
وفي هذا التفاعل الأولى، تعلم اليابانيون من مصر تجربتها في تعريب الطب الغربي، وتنظيم السكك الحديدية والنظام القانوني المتمثل في المحاكم المختلطة.
أما العلاقات الاقتصادية فهى مغايرة تماما، لأن90% من احتياجات اليابان البترولية تأتي من منطقة الشرق الأوسط، كما أن المنتجات اليابانية حاضرة بقوة في السوق العربية.
ولا توجد خلافات سياسية أو إرث تاريخي سلبي بين العرب واليابان، ومع ذلك لم تترجم هذه الإمكانات الطيبة إلى تفاعل ثقافي وسياسي جيد على المستوى الشعبي والرسمي.
أما على الجانب الياباني، فتبذل الحكومة اليابانية جهودا للتواصل مع العالم العربي ومصر في العديد من المجالات ومن بينها مجال السياحة.
دور سياسي
وتخطط اليابان للقيام بدور سياسي أكبر على الساحة العالمية في ضوء الرصيد الإيجابي للعلاقات اليابانية المصرية، وتآلف المصالح الاقتصادية والتكنولوجية وتزايد الاتجاه من الطرفين نحو مزيد من التحسين والتعميق لهذه العلاقات لأن مصر هي الدولة الوحيدة في أفريقيا والشرق الأوسط التي تقوم بحوار إستراتيجي مع اليابان إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند.
وظهر اتجاه قوي في اليابان في عهد كوئيزومي للانطلاق نحو العالم من خلال سعيها لاكتساب مقعد دائم في مجلس الأمن وسعيها إلى تغيير الدستور الحالي المكتوب بيد أمريكية ليناسب تطلعات اليابان الجديدة مع إلغاء القيود المفروضة عليها وأيضا من خلال تغيير وكالة الدفاع اليابانية إلى وزارة الدفاع اليابانية، ولعب دور أكبر في آسيا.
وكانت حرب العراق فرصة كبيرة لليابان لأنها كانت تنظر للمنطقة باعتبارها مجرد مصدر للنفط ولكن مع إرسالها 600 جندي للعراق للقيام بأعمال إعادة الإعمار تفتحت عيون اليابان مرة أخرى على المنطقة، وأصبحت أكثر اهتمامًا بما يجري فيه، ومن هنا يمكن للدول العربية الكبرى كمصر أن تشجع الدور الياباني المتزايد وأن تبني شراكة معها على كافة المستويات وهو ما يمكن أن يؤتي ثماره في العشرين عامًا القادمة ويجلب الازدهار للمنطقة ويحل مشكلاتها.
فضلا عن هذا، تجمع مصر واليابان وجهات نظر متطابقة في العديد من القضايا الدولية مثل نزع السلاح وحفظ السلام وحماية البيئة والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان.
ويرجع هذا إلى حقيقة أن الدولتين تشتركان في رؤية واحدة تهدف إلى جعل العالم أكثر أمنا وعدلا.
العلاقات السياسية
وبالنسبة للعلاقات السياسية، فتتميز العلاقات المصرية اليابانية بالقوة والمتانة وتقارب الرؤى السياسية والعمل المشترك لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما وفر المناخ لزيارات متبادلة لقيادات البلدين.
في يناير 2015، قام شينزو آبى رئيس وزراء اليابان بزيارة لمصر وبرفقته وفد من المسئولين اليابانيين، واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي بمقر رئاسة الجمهورية، وتناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات الثنائية فضلا عن بحث أبرز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأعرب السيسي عن تقدير مصر للدعم الياباني على مدى العقود الماضية وعن تطلعنا لانطلاقة جديدة في علاقات التعاون بين البلدين، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي والتنموي،، ونوه لأهمية مواصلة الحكومة اليابانية دعمها لمختلف قطاعات الاقتصاد المصري وفي إطار شراكة تنموية تُسهم فيها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي جايكا.
وفي فبراير 2016، زار الرئيس عبد الفتاح السيسي طوكيو، وهي الزيارة الأولى لرئيس مصري لليابان منذ عام 1999 واستقبله إمبراطور اليابان أكيهيتو ورئيس الوزراء الياباني شنزو آبي بحثا الجانبان سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين والتعاون في مجالات التعليم والطاقة والبيئة وتبادل الطرفان وجهات النظر إزاء القضايا الإقليمية المهمة وكذا بحث سبل التعاون والتنسيق على الصعيد الدولي في ضوء عضوية البلدين في مجلس الأمن لعامي 2016-2017.