رئيس التحرير
عصام كامل

هيثم كمال يكتب: كيف تتصدى لـ«مرض العصر»

فيتو

عندما تقع عيناك - للوهلة الأولى- على العنوان تعتقد أن الحديث سيكون عن مرض السكر، أو السمنة، أو أمراض القلب والفيروسات الكبدية، فقد باتت هذه الأمراض منتشرة بيننا بالفعل كانتشار النار في الهشيم، ولكن مهلًا فمرض العصر أصبح الآن من أكثر الأمراض شيوعا في وقتنا الحاضر، فثمة أحداث متسارعة وغير مسبوقة تعصف بنا، ونمط حياة سريع لا يتيح لنا الفرصة لالتقاط الأنفاس، وانهماكات في واقع الحياة تجعلنا نغفل عن كون الاكتئاب أصبح مرض العصر الحالي.


فلا شك أن الاكتئاب أصبح من أشد الحالات المرضية خطرًا وانتشارًا، وفتكًا بنا في عصرنا هذا، فهو لا يقتصر فقط على شعورك بالحزن والهم، أو تبدُّل الحالة المزاجية لك، ولكنه يتطور ليهوي بك إلى حافة "الموت المجاني".

المشكلة الكبرى أن جُل من يقرأ الآن لا يعتقد حق الاعتقاد أن هذا مرض من الأساس، وهنا تكمن المشكلة، لأن هؤلاء لم يتعاملوا معه على أنه كذلك وبالتالي لم يطلبوا المساعدة الطبية إذا طرق هذا المرض أبواب بيوتهم هم أو من يعولهم.

بيد أن الأطباء النفسيين يؤكدون على خطورة هذا المرض الصامت، وانتشاره لا سيما مع تقدم أساليب الحياة، واللهث المستمر وراء الأهداف والغايات والنجاح المادي والمهني، والتذمر المتواصل من أعباء العمل والمعيشة وضغوط الحياة.

تناقلت وسائل الإعلام والصحف في الآونة الأخيرة خبر انتحار الشاب "شريف قمر" على أغلب الروايات، والحقيقة أنه سواء كان انتحارا أم قتلًا بالخطأ، فمما لا شك فيه أن مجتمعنا وشبابنا يعاني أشد المعاناة من هذا المرض اللعين، حيث تؤكد إحصاءات "مركز السموم التابع لجامعة القاهرة" أن معدل الانتحار بمصر في ارتفاع مستمر، ولا ريب أن الانتحار هو النهاية الطبيعية للاكتئاب غير المعالج.

فتتنوع أسباب الانتحار الناتج عن الاكتئاب غير المعالَج -طبقا للمختصين- باختلاف المرحلة العمرية، فالفئة من 15-25 سنة غالبًا ما تكون أسبابه عاطفية واجتماعية، بينما الفئة من 25-40 سنة تكون أسبابه اقتصادية.

"الاكتئاب الفلسفي" وهو اكتئاب من نوع ثالث قد يؤدي إلى الانتحار، ولا يختص بفئة معينة، وفيه يبحث الشاب ذكرًا كان أو أنثى عن ماهية الحياة نفسها، والغاية من الاستمرار فيها، وهو ما يطلق عليه البعض البحث عن الهوية.

وعلى كلٍ فمهما تنوعت الأسباب يصبح الاكتئاب في عصرنا هذا، مرضًا خطيرًا ينهش في عقولنا ليؤدي بنا جديًّا للتفكير في الانتحار.

وهنا يكمن دور الأسرة في التعرف على أعراض المرض عند أبنائهم، وسرعة التصدي له بالأساليب العلمية المتطورة، فللسرعة دور محوري في الشفاء من هذا المرض.
الجريدة الرسمية