رئيس التحرير
عصام كامل

«بعد خراب مالطة».. إسرائيل تنكر المؤامرة على العرب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بعدما ضمن الاحتلال الإسرائيلي انتشار الخراب والدمار في المنطقة العربية، وذبح العرب بسكين الفتن الطائفية، وجه موقع إخباري إسرائيلي، سؤالا إلى وسائل الإعلام العربية والأنظمة الحاكمة عن سر ربط الاحتلال وأجهزة استخباراته في كل حدث بدول منطقة الشرق الأوسط واعتبارها مؤامرة خارجية، مطالبا بالنظر إلى المشكلات الداخلية ومحاولة معالجتها قبل اتهام الخارج فيما يحدث، في محاولة مفضوحة لإنكار سجل قذر لتدخل تل أبيب في شئون الدول العربية بهدف إسقاطها الواحدة تلو الأخرى.


وفي بداية التقرير الذي جاء تحت عنوان "وراء المؤامرة الإسرائيلية"، نشر في موقع "المصدر" الإسرائيلي، قال الموقع ما الهدف الحقيقي من العناوين الرنانة حول "الدور السري" لإسرائيل والموساد في أحداث الشرق الأوسط؟ ولماذا من السهل اتهام إسرائيل في كل شيء سيء يحدث في المنطقة؟

هزات المنطقة

مضيفا في السنوات الماضية، شهد العالَم العربي هزات كثيرة: الحرب الأهلية السورية، ظهور تنظيم "داعش"، ملايين اللاجئين، تفكك وطني، ويبدو أنه ليست هناك عوامل مشتركة كثيرة بينها. ولكن إذا بحثنا في متصفح البحث "جوجل"، يبدو أن هناك "طرف خيط" بينها، وبشكل عام بين كل كارثة أو تهديد - هناك موقع أو منتدى دائمًا يقرر أن الحديث يجري عن مكيدة إسرائيلية، فيسارع إلى نشر عنوان مثير، يزيد من شعبيتهما.

وبشكل عام، يبدو أن وسائل الإعلام العربية تنسب قوة لإسرائيل أكثر مما تملك في الواقع. مثلا، هل إسرائيل قادرة حقا على الوقوف إلى جانب كل من الجهات المختلفة في الحرب الأهلية السورية؟ لا، طبعا. يُستحسن دائما الانتباه إلى أي معسكر ينتمي مَن يتحدث عن "مؤامرة إسرائيلية" وضد مَن يوجه اتهاماته. غالبا، تتضح بناء على ذلك أن المصلحة وراء وصم اسم مجموعة معينة أو وراء إنكار وجود مشكلات حقيقية في الدول العربية والإسلامية، تعود إلى أسباب داخلية وليس إلى مؤامرة خارجية.

وسائل الإعلام العربية

ولكن يبدو أن ليس هناك صوت عادل يمنع وسائل الإعلام العربية وقراءها عن متابعة خلق فرضيات مؤامرة ونشرها بحماس دون التمييز بينها وبين الأخبار الموثوقة، ومن دون الحاجة إلى التشكيك في مصداقيتها أو البحث عن معلومات أخرى. لا تحفز صناعة مؤامرة الخيال فحسب بل تزيد من نسبة المشاهدة. إن هدفها الرئيسي والخطير هو إبعاد اهتمام جهات حقيقية عن المشكلات مثل الفساد الداخلي أو السياسة الفاشلة.

ولم تُنسب إلى إسرائيل مسئولية مكائد مختلفة فحسب، بل إلى منظمات حقوق الإنسان، الدول الغربية، وكذلك إلى مَن يمكن أن يشكل عدوا مشتركا لإثارة مشاعر الشعب وصرف الانتباه عما يهمه حقا – عن إدارة دولته وعن أصحاب المناصب المهمة.

وقدم الموقع نماذج من الأخبار التي رأى الموقع أن الدول العربية حملت الخارج مسئولية الأحداث التي وقعت وإغفال المشكلات الداخلية.

الربيع العربي

لا شك أنكم تعرفون الادعاء القائل أن الربيع العربي هو مؤامرة خارجية ورطت فيها جهات خارجية الشعوب العربية ضد حكامها. إن المصالح واضحة من هذه الادعاءات - لا يرغب الحكام في الاعتراف بفقدان دعم الشعب، لهذا يعرضون معارضيهم كمبعوثين لخدمة مصالح أجنبية.

ولكن مع الاحترام والتقدير لقوة الاستخبارات الغربية، لا يمكن أن نفترض أنها سعت إلى أن تلحق الشرطة التونسية ضررا ببائع الخضروات، محمد بوعزيز، الذي أضرم النار في جسمه وأدى إلى أن يتظاهر المواطنون ضد قمع الشرطة، حتى تطورت هذه المظاهرات وانتشرت في كل أنحاء تونس، وثار الشعب الذي شعر بقمع في ظل حكم زين العابدين بن علي.

ولم تشجع الاستخبارات الغربية أيضا الأطفال السوريين على كتابة "الشعب يريد إسقاط النظام"، على أحد الجدران، بعد أن سمعوا هذه العبارات في المظاهرات عبر التليفزيون. اختار نظام الحكم السوري استخدام وسائل القمع ضد الأطفال وعائلاتهم ونفذ جرائم، وأثار الثورة السورية.

الحرب الأهلية في سوريا

يعزز نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والثوار أيضا نظريات حول تورط إسرائيل في الأزمة السورية وينشرونها. يدعي نظام الأسد أن إسرائيل تساعد كل من يعمل ضده، بما في ذلك داعش أيضا.

بالمقابل، هناك تنظيمات الثوار، لا سيما المعروفة كتنظيمات إسلامية أو يسارية، التي تستخدم الادعاء القائل إن الأسد هو "كلب إسرائيل الوفي". هذا الادعاء غير مثبت، ولكنه يشير إلى الدور الحقيقي الذي تلعبه إسرائيل في الصراع بين كلا الجانبين - فيتم ذكر إسرائيل دائما بهدف التشكيك في الجهة المعادية، إضعافها، وتقليل دعمها، وصرف النقاش عن الادعاءات الأساسية.

علكة الإيدز في مصر

وتطرق التقرير إلى الشأن المصري وتحديا في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، مذكرا بشائعات تحدثت عن أن إسرائيل تنشر مرض الإيدز في مصر بطرق مختلفة، بدءا من أحزمة أمان السيارات التي تبيعها لمصر، مرورًا بِعلكة للأطفال، وصولا إلى إقامة علاقات جنسية مع مصريين دون استخدام وسائل وقاية مع سائحات إسرائيليات في سيناء.

الجريدة الرسمية