حمدي الفخراني.. المحارب الإسبرطي الذي حارب الفساد فأغواه «بروفايل»
يقف ملوحًا بيده، لا يهتم بأي حسابات كابوسية لمستقبله السياسي.. هكذا ظهر النائب السابق حمدي الفخراني في أول صور رصدتها المواقع الإخبارية، فور إنهاء قسم أول المحلة الكبرى، إجراءات إخلاء سبيله اليوم، بعد قضائه مدة العقوبة في قضية ابتزاز وفرض النفوذ مع أحد رجال الأعمال بدمياط، قبل عامين من الآن.
في لحظة سريالية، وجد الفخراني نفسه متهمًا بالفساد؛ خسر النائب اللامع والمحارب الإسبرطي ضد الفساد في لحظة تائهة من الزمن سيرته الأولى، فالرجل الذي تصدى لما عرف بقضية فساد «مدينتي» في عهد مبارك، وكان صاحب حكم القضاء الإداري التاريخي في عام 2010 هو أيضا قائد الملحمة البطولية للكشف عن أشهر قضايا الفساد، على رأسها تصدير الغاز لإسرائيل، وبالم هيلز، وبطلان عقد بيع عمر أفندي، واسترداد شركة طنطا للكتان، ليخسر الرجل في النهاية حرب الصورة بالإعلام، التي طالما تصدرها مناضلًا مهووسًا بالمثالية الوطنية التي توجب عليه البقاء في المعركة حتى النهاية.
لازم الفخراني «الفساد»، وتسبب في تعرية أصحابه، فحلت عليه لعنته، وبين عشية وضحاها أصبح البرلماني السابق ورئيس جمعية مكافحة الفساد، مدرجًا في قائمة واحدة مع حيتان الفساد في مصر الممنوعين من السفر، ليحجز "البشمهندس" ابن المحلة الكبرى الحاصل على الماجستير في تخطيط اقتصاد الدول النامية مكانه خلف القضبان، متهما بالرشوة وتقاضي 3 ملايين جنيه ونصف كمقدم لمبلغ 50 مليون جنيه، من بعض مواطني محافظة المنيا، مقابل التنازل عن دعاوى قضائية بعدما قام محام وآخرين بشراء إحدى شركات الأقطان، التي باعت المحالج الخاصة بها منذ عشرين عاما.
يمتلك الفخراني بعيدا عن الكبوة المكارثية التي وقع فيها، سجلا حافلا بالإنجازات؛ من التنمر على عمليات تزوير برلمان 2010، والانضمام إلى البرلمان الشعبي الموازي، إلى الإصرار الكامل على انتزاع حقه في دائرته التي فاز فيها على مرشح الإخوان، وبجانب عضوية البرلمان، كان عضوا في حزب «الجبهة الديمقراطية» قبل وأثناء ثورة 25 يناير، كما كان عضوا بالجمعية الوطنية للتغيير، واتحاد الثورات العربية، ورأس جمعية مكافحة الفساد.
في عصر مبارك طالت «كرابيج الفخراني» الجميع، فرفع دعوى قضائية لإقالة أمين عام جامعة الدول العربية الحالي، ووزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط، وكذلك وزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي، بسبب نظام الكفيل السعودي الذي كان يراه يستعبد المصريين.
ومن مبارك إلى مناكفة الإخوان، كان الفخراني حاضرا في المشهد بقوة، وبادلته الجماعة التصعيد، فضمت اسمه إلى قوائم المُحالين للمحاكمة الجنائية بتهمة التحريض على أحداث العنف والاعتداءات التي شهدتها مدينة المحلة، ردًا على إصدار الرئيس المعزول محمد مرسي الإعلان الدستوري الذي سعى من خلاله لتحصين الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، ليخضع رئيس جمعية مكافحة الفساد للتحقيق معه في نيابة أمن الدولة العليا، ثم يخلي سبيله بكفالة 50 ألف جنيه، ويستمر الفخراني حاضرا بقوة في المشهد حتى انقلب عليه الفساد وأغواه.
وتبقى النهاية أو البداية في يد الفخراني، الذي ظهر اليوم في لحظة تحد، فالرجل المعجون بالسياسة لم يظهر في لحظات الحرية الأولى مهتما بالحصول على أكاليل الغار ردا على مواقفه الوطنية السابقة، بل بدا وكأنه سيرفع شعار العاقبة للأيام.