رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور .. «طواحين الذهب» حلم الثراء السريع

فيتو

تركوا عملهم بحثا عن حلم الثراء، أخذوا يركضون في الجبال، لا يهمهم موت ولا حياة، يحلمون فقط بالوصول إلى الملايين جراء الحصول على أكبر كميات من الذهب.


أطفال تركوا مدارسهم، وصناع تركوا مهنهم، ورجال تركوا خلفهم عائلاتهم، فقط من أجل حفنة من التراب تخفي بداخلها بضع جرامات من خام الذهب الذي يخفق له القلب بمجرد رؤيته.

على بعد عشرات الكيلو مترات من مدينة الغردقة تقع جبال الذهب بوديان مرسي علم، جاءوا إليها من كل حدب وصوب ليهيمون بين وديانه وجباله وصحاريه الوعرة بحثا عن الكنوز التي تختلط بتراب تلك الأرض.

بداخل تلك الوديان والجبال توجد أهم مناطق الذهب وأغنى الجبال التي تحوي كميات هائلة من عروق الذهب.

كنوز بين الرمال

"فيتو" التقت مع "صابر أ د " 45 عاما، الذي جاء من أقصى الصعيد بحثا عن الثراء السريع، بعد أن سمع من أصدقائه أن هناك كنوزا بين الرمال ووسط الصحراء بمحافظة البحر الأحمر.

يقول صابر: تركت مهنتى وتجارتى بعد خسائر فادحة إثر الغلاء الذي ضرب كل القطاعات في مصر، ونزحت دون تفكير إلى جبال البحر الأحمر، لا أخشى الموت.

وأضاف: عائلتي مكونة من 3 أولاد وبنت، أكبرهم في الصف الثالث الإعدادي، وكل ما يهمني أن يعيشوا عيشة كريمة.
 
التنقيب عن الذهب

ويضيف صابر: منذ 7 سنوات لم يكن هناك تنقيب عن الذهب، وفكرة التنقيب جاءت بعد عام 2010، وبداية التنقيب كانت عن طريق جهاز (جى بى) في أماكن تركها المصريون الأوائل والرومان، مشيرا إلى انهم نجحوا في الحصول على الذهب بكميات أغرت كل قبائل المنطقة والبلاد المجاورة، وامتلأت الوديان بالطامحين في الثراء بحثا عن الذهب.

طواحين الذهب
صابر يضيف أنهم أخذوا ينقبون عن الذهب عدة سنوات عبر جهاز (جى بى)، ولكنهم وجدوها غير مربحة لكثرة العمل بها من عدد كبير من الناس، ولعدم استخراج كمية كبيرة، حتى اكتشفوا أن هناك طرقا أخرى ولكن تتطلب تمويلا كبيرا، لأنها تحتاج معدات ثقيلة من ناحية، ومن ناحية أخرى صعوبة نقل هذه المعدات وجلبها عبر الصحراء، ووجد المنقبون أن هناك آلة تسمى "كسارة" اطلقوا عليها بعدها "طواحين"، التي تنجز هذه المهمة، وهي الطريقة الجديدة والمثلى لكيفية استخراج الذهب، وتم استيراد الطواحين من الصين لطحن الكوارتز الممزوج بخام الذهب.

وأضاف صابر أنهم يقومون بطحن الكوارتز بعد تكسيره من الجبال، ثم يضعونه  داخل أجولة ويتم نقلها عبر سيارات نقل إلى طواحين الذهب.

طريقة طحن الذهب

وتابع صابر: يقوم مجموعة من العاملين  بوزن كمية الصخور التي تم إحضارها وتقسيمها لأطنان، بحيث يكون كل طن داخل 5 أجولة، ومن ثم تبدأ علمية الطحن بداخل الطواحين، وأثناء عملية الطحن يتم إضافة كميات كبيرة من الماء لتسهيل عملية الطحن، وطواحين الذهب عبارة عن دائرتين حديديتين وتعمل بمولد كهربائي خارجي، وتستغرق عملية طحن الطن الواحد من 6 إلى 9 ساعات.

وعقب عملية طحن الصخور يتم وضع كميات من الماء داخل الطواحين لتسهيل عملية الطحن ثم يتم وضع الزئبق حيث يعمل على فصل الذهب من الاحجار والرمال المطحونة، وسعر الطواحين 200 ألف جنيه ويتم استيرادها من الصين، صابر مشيرا إلى أن هناك الآلاف من العاملين بالجبال يجلبون مئات الاطنان يوميا، ويتصارعون على أولوية الطحن، نظرا لكثرة العاملين.

أسعار الذهب
وأكد صابر أن جرامات الذهب التي تخرج من الكوارتز عدة أنواع، والأسعار تختلف طبقا لنوع الذهب، وهناك 3 أنواع من خام الذهب منه الذهب الأصفر؛ والأخضر، والأسود، والأسعار أيضا تختلف، فالذهب الأصفر هو الأغلى ويصل الجرام منه إلى 610 جنيهات، بينما يبلغ سعر جرام الأخضر 500 جنيه؛ ويبلغ سعر جرام الأسود 500 جنيه.

الملاك الحقيقيون للطواحين

وكشف صابر أن تلك الطواحين يملكها أكبر صاغة الذهب في مصر، وخاصة صاغة أسوان والصعيد.

وأضاف صابر أن هناك عشرات الطواحين داخل الجبال، وأصحابها يمتلكون ورش ذهب ومحال للذهب، مشيرا إلى أن سعر الطاحونة 200 ألف جنيه، ويأخذ ملاك الطواحين كميات الذهب المستخرجة، ويقومون بسبكها ثم يقوموا بشغلها إلى حليات وخواتم وسلاسل ذهبية.

مئات الأطنان
وتابع إن إنتاج الذهب كله يذهب إلى أصحاب تلك الطواحين، مشيرا إلى أن أصحابها يتفقون مع مجموعة من المنقبين يقومون بالعمل عليها، وكل مجموعة لها قائد يعرف أماكن الكوارتز جيدا، ويقوم بتشغيل المجموعة وهم بالمئات، وان أصحاب المجموعة يملكون لوادر ومعدات ثقيلة لكي يتمكنوا أن يحمله مئات الأطنان من الكوارتز ويتم طحنها، وأكد صابر أنهم يواجهون صعوبات، حيث يعملون في بيئة قاسية، بالإضافة إلى الملاحقات الأمنية، إذ يتم ضبط العديد منهم خلال عملية النقل، مطالبا الدولة بتقنين أوضاعهم، مشيرا إلى أنهم يتمنون أن يعملوا في النور وأن يعطي حق الدولة.

الرأي القانوني

اختلف الفقهاء في تحديد الموقف القانوني لتلك الصنعة، حيث قال "أحمد شوقي أبو خطوة" أستاذ القانون الجنائي رغم أن تلك الرمال ملك للدولة، إلا أنه مال مباح، تحصل منه المجتمعات العمرانية على أي كمية يحتاجونها دون أي مقابل، مشيرا إلى أن مسألة احتوائه على ذهب أم لا، فهذا يرجع للدولة، وطالما الحكومة لم تفرض حظرا عليها، فلا توجد أي شبهة قانونية، أما إذا كانت تلك المنطقة محظور الاقتراب منها، يحول العاملين بها للمحاكمة.

وفي نفس السياق، أرجع "عادل عامر" أستاذ القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية لأمرين، موضحا إذا كانت تلك المنطقة تحت إشراف وزارة البترول والتعدين، تعد جريمة استيلاء على مال عام، وجناية تصل عقوبتها لـ15 سنة، أما إذا لم تكن تحت إشراف الوزارة، فإنها تدخل تحت دائرة الغش الصناعي والتجاري، بالعمل بدون ترخيص، وبدون الإشراف على الذهب المستخرج وتقنين وضعه وفق المعايير المحددة لطرحه في السوق، ومراقبة غشه ودمغات إقراره.
الجريدة الرسمية