رئيس التحرير
عصام كامل

آفات فكرية وحركية


فقدت جماعة الإخوان رشدها الدعوى بآفتين، الآفة الأولى هى التباهى بالكثرة والاستعلاء على الآخرين، وللحق فإن نظرة الإخوان لغيرهم لم تكن نظرة استعلاء، ولم يدع الإخوان فى مراحلهم الأولى أنهم أوصياء على الأفراد والمجتمعات، أو أنهم الأخ الأكبر أو الأعقل للتجمعات الإسلامية.

وعندما دخل إلى الإخوان فكر سيد قطب، نشأت لديهم "عقدة جمعية" وهى عقدة الانعزال عن المجتمع والشعور بالاستعلاء على الآخرين، وقد استطاع المرشد الثالث الأستاذ عمر التلمسانى تهذيب هذه الأفكار ومواجهتها، إلا أن أفكار سيد قطب فرضت نفسها على الجماعة بعد عام 1986 وأخذت تفسح لنفسها مجالا كبيرا عبر سنوات حتى أصبحت هى الأفكار الحاكمة فى الجماعة.

وقد خلقت هذه الأفكار حالة من العزلة عن التيار العام للمجتمع بل وصلت الأمور إلى حد "مفارقة المجتمع شعوريًا والانحصار داخل حوزة مغلقة لا تتواصل مع الآخرين" وذلك على حد تحليل د.أحمد كمال أبوالمجد فى إحدى مقالاته وانتهى د.أبو المجد إلى أن هذا الانعزال خلق فقهًا خاصًا به أسماه "فقه العزلة" أو فقه "العمل السرى" وأظهر ما يميز فقه العزلة هذا هو شدة الإنكار على المجتمع والإنكار على أوضاعه ورفض تفهم القوانين الاجتماعية التى يخضع لها المسلمون.

تجد هذه النظرة الفوقية ظاهرة فى أدبيات الإخوان إذ يعتبر الحاج مصطفى مشهور فى كتابه "قضايا أساسية فى طريق الدعوة" كل من يبحث عن "القومية والوطنية والديمقراطية وغيرها من تلك المسميات ويشكل لها أحزاب ويرفع لها رايات فإنه لن يصمد أمام الحق"!!.

هذا الشعور الانعزالى الفوقى جعل الإخوان لا يستطيعون التواصل مع الآخرين، ولا يحاججنى أحد بأن الإخوان مندمجون مع المجتمع وأفراده، ومتواصلون معهم، بدليل خوضهم الانتخابات وحصولهم على أغلبية، ذلك أن الإخوان يفوزون فى الانتخابات على غيرهم لسببين، الأول: أنهم أصحاب شعار إسلامى معلن يخاطب مشاعر عموم المسلمين، والثانى: أنهم أصحاب فريق منظم تجاه مجموعة من الفرق والأفراد غير المنظمين. 

الجريدة الرسمية