رئيس التحرير
عصام كامل

الوزير الفهلوي!!


في عصر "التوزير الوظيفي" يصبح من حق الدكتور طارق شوقي أن يصف معلمي مصر بـ"الحرامية" لأنه من حسن الفطن ألا تطلب من وزير موظف أن يتحسس ماذا يقول؟ ففي عصر الموظفين يصبح أمثال طارق شوقي منوطا بهم تطوير التعليم والنهوض به وفي عصر الموظفين لا تندهش عندما يصبح هذا هو الفكر الذي يشرف على أقدس منظومة عرفتها البشرية ولن يكون من حق معلمى مصر الذين علموا محيطهم العربي كيف يفكون الخط أن ينتظروا من أمثاله أكثر مما قال.

ولم يزد الطين بلة قوله إن الفساد في ديوان الوزارة على كل شكل ولون غير أن المرء يجد نفسه محتارا في وزير يرى أن أهم عناصر العملية التعليمية عبارة عن لصوص وحرامية وفاسدين لأن هذا يعنى أمورا لا نستطيع أن نتوافق مع الوزير الموظف فيما ذهب إليه إذ إن معلمي مصر لا يزالون يمارسون عملهم في ظروف أسوأ من ظروف السباكين في دورات المياه العمومية فالمعلم المصري يعانى الأمرين من أجل أن يعيش على حد الكفاف.

نضيف إلى ذلك أننا لا نزال نحفظ لمعلمي مصر قديما وحديثا دورهم العظيم في تربية النشء حيث لا تزال عجلة إنتاج علماء وأطباء ومهندسين ومفكرين تعمل بكفاءة.. صحيح لسنا راضين عن العملية التعليمية غير أن هذا لاعلاقة له بالمعلم الذي أصبح في ذيل القائمة ماليا كما أنه عاني على مدار سنوات طويلة من التهميش والإقصاء والإهانات المتوالية في الدراما والصحافة والسينما وغيرها.

الوزير الموظف طارق شوقي لم يدرس حالة المعلم المصري وما يعانيه ليقف بدقة على معاناته حتى يستسهل ويطلق مثل هذه التصريحات المراهقة كما أن سيادته ليس عالما تربويا فذا ولم يضبط في يوم من الأيام حاملا لمسئولية كبرى في مجال التعليم ولم يكن يوما من الأيام من المناضلين من أجل تصحيح مسار العملية التعليمية وعندما خدمته ظروف غير منطقية في الوصول إلى ما وصل إليه أقام في برج عاجي وتصور وهما أنه بعزلته قادر على اتهام الغير بما ليس فيهم.

أقول لطارق ورفاقه من الوزراء الموظفين: اقرأوا في مدخل إلى علم السياسة واقرأوا تاريخ الحركة السياسية المصرية قبل أن تصاب بالسكتة لتتعلموا أن العلم نور وأن السياسة هي فن الممكن وليس فن الاتهام ولتعلموا أن آفة مصر فيما مضى وما نحن عليه إنما رسخت لفكرة الفهلوة الوزارية التي أضاعت على بلادنا الكثير ولا يكفى لكي توصف بالنجاح أن تصف غيرك بالفساد.. إذا أردت أن تنجح فلتبدأ في البحث عن معلم يعلمك من جديد ألف باء السياسة!!
الجريدة الرسمية