مصر والصين مصلحة أم صداقة!؟
من المعروف تاريخيًا أن مصر أول دولة اعترفت بالصين وساعدتها في الحصول على عضوية الأمم المتحدة، وكان ذلك في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، والصين تحمل لمصر هذا الجميل سواء الاعتراف أو الدعم والاستفادة من تجربتنا في التنمية، ومنذ ذلك التاريخ (عام 1956) تربط البلدين علاقات طيبة إلى أن تولى الرئيس السيسي المسئولية أصبحت علاقتهما أكثر تميزا لدرجة أن زيارة الرئيس الحالية للصين هي الرابعة خلال ثلاث سنوات، بالإضافة إلى زيارة للرئيس الصيني إلى مصر.. هذا على المستوى السياسي أما اقتصاديا فهناك تعاون مشترك بين البلدين في مجالات كثيرة، وهناك أيضا تعاون كبير قادم من خلال طريق الحرير الذي يربط الصين بمصر بأفريقيا.
كلنا سعداء بهذا التوجه المصري نحو الصين لأنها بالفعل التنين الأكبر والقوة العظمى الاقتصادية القادمة والتاريخ يقول إن مصر لم تحقق نهضتها إلا من خلال التعاون مع الشرق، في حين أنها لم تجن من الغرب وأمريكا سوى المشكلات والخراب..
يحسب للرئيس السيسي هذا الذكاء السياسي في توطيد علاقتنا مع (روسيا والصين واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية)، فهي دول حققت طفرات هائلة ويمكن الاستفادة من تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي وليست لها أطماع سياسية..
ولكن العلاقات الدولية لا تعترف بالعواطف أو بالتاريخ فقط ولا بالضعفاء ولكن يربطها مبدأ هام جدا وهو" لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة ولكن هناك مصلحة دائمة"، فعلاقتنا بهذه الدول أو بغيرها يجب أن يكون أساسها المصلحة المتبادلة الإفادة والاستفادة الأخذ والعطاء الاستيراد والتصدير "خد وهات"، والتوازن في الميزان التجاري حتى لا نظل مجرد سوق لمنتجاتهم وتشغيل مصانعهم وعمالهم على حساب منتجاتنا ومصانعنا وعمالنا..
الميزان التجاري حاليًا مع الصين في صالحها بنسبة تفوق 80% (هذا أمر طبيعي لأنها قوة اقتصادية ضخمة) ولكن أنا معلوماتي المتواضعة عن الصين أن استثماراتهم في الخارج ضعيفة وأنهم يفضلون إقراض الدول وليس الاستثمار فيها، حيث يحتفظون بذلك لأنفسهم فقط فإذا استطاع الرئيس السيسي إقناعهم بالتخلي عن هذه الفلسفة فهذا نجاح كبير جدا يحسب له..
ماذا تريد مصر من الصين؟ لا نريد منهم المنح ولا القروض بل نريد منهم تطبيق المثل الصيني الشهير" لا تعطيني سمكة بل اعطني السنارة التي أصطاد بها السمكة" نريد منهم إنشاء مصانع في مصر، نريد منهم التكنولوجيا نريد منهم الخبرة والإدارة والصيانة الاتفاقيات الاقتصادية مع الصين أتمنى أن تتضمن هذه البنود..
تجربة الصين الاقتصادية يجب الاستفادة منها لأنها نموذج بل الصين كلها معجزة ونموذج يحتذى، فهذه الدولة القارة كيف حولت مشاكلها ونقاط ضعفها إلى مصادر قوة؟ كيف تحول المليار وثلاثمائة مليون نسمة من نقمة إلى نعمة ومن عبء إلى ثروة؟ الصين لم تعتمد على القروض والمنح في تحقيق نهضتها الاقتصادية بل اعتمدت على استغلال مواردها وشعبها الذي انتشر في كل دول العالم للعمل في أدنى الوظائف ومع التعليم والانضباط وسيادة القانون أصبحت القوة الاقتصادية العظمى في العالم وودعت الحرف البسيطة إلى الصناعات العملاقة وعاد شعبها إليها يجني الثمار وينعم بالسعادة..
الصين لديها فائض أموال ضخم ولكنها تفضل إعطاءه الدول على سبيل القروض وليس الاستثمار، أثق بأن الرئيس السيسي قادر على إقناعهم بتغيير هذه الفلسفة وأن يكون التعاون بيننا شراكة حقيقية لمصلحة البلدين وليس لصالح الصين فقط.
egypt1967@yahoo.com