رئيس التحرير
عصام كامل

ليبيا العربية.. والأمن القومي المصري!!


أتى عيد الأضحى هذا العام في اليوم الأول من سبتمبر وكنت أنوي الحديث عن العراق العربية والرئيس الراحل صدام حسين الذي نحره العدو الأمريكى في أول أيام عيد الأضحى قبل سنوات وكانت سابقة لم تحدث في التاريخ، وعلى الرغم من الأخطاء التاريخية التي ارتكبها صدام حسين سواء بدخوله حرب الثمانى سنوات مع إيران بإيعاز أمريكى، أو غزوه للكويت بإيعاز من "أبريل جلاسبى" السفيرة الأمريكية بالعراق، مما أدى إلى إنجاح أولى خطوات المشروع الأمريكى التقسيمي والتفتيتى للوطن العربي.


حيث تحطمت القدرات العسكرية للجيش العراقى، وأفلست الخزانة، ودمرت العراق، وعادت القواعد العسكرية الأمريكية للخليج العربي، وأخيرا حدث الغزو الأمريكى للعراق والإطاحة بنظام صدام حسين ومحاكمته الهزلية وإعدامه، إلا أن هذا المشهد الأخير وثبات ورباطة جأش صدام حسين في مواجهة أعدائه في لحظة إعدامه أزالت الصورة الذهنية السلبية عنه لدى الغالبية العظمى من المواطنين في العالمين العربي والإسلامى ورسخت صورة ذهنية جديدة عنه وهى صورة البطل الشهيد الذي وقف متحديا الولايات المتحدة الأمريكية الشيطان الأعظم في العالم في لحظة موته وفى ذكرى غالية على عامة المسلمين.

ومع كل عيد أضحي نتذكر هذا المشهد المأساوى ونتذكر معه العراق العربية التي ضاع جيشها وشرد شعبها ونهبت ثرواتها واحتلت أرضها كأول ضحايا المشروع الأمريكى – الصهيونى المعروف بالشرق الأوسط الجديد، لكن هذا العام يأتى أول أيام عيد الأضحى في اليوم الأول من سبتمبر وهو ذكرى ثورة الفاتح من سبتمبر الليبية التي فجرها ذلك الشاب البدوى الثائر معمر القذافى في عام 1969، وبعد عامين فقط من نكسة 1967 وبدعم من الزعيم جمال عبد الناصر، وكانت تلك الثورة لطمه قوية على وجه القوى الاستعمارية الجديدة وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت إعلان عن أن مصر مازالت قادرة على صنع الثورات وقيادة حركات التحرر الوطنى رغم الهزيمة.

ومنذ اليوم الأول للثورة قام الأخ القائد معمر القذافى بالإطاحة بالنظام الملكى وأقام الجمهورية العربية الليبية، التي تحولت في ظل النظام الجماهيرى وعبر نظريته العالمية الثالثة إلى الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى في عام 1977، هذا إلى جانب طرده للقواعد العسكرية الغربية ( الأمريكية والبريطانية ) التي شاركت في الاعتداء على مصر، وقام بتأميم النفط الليبي، وقام بدعم مصر خلال حرب الاستنزاف، وكان أول من قطع البترول عن أمريكا والغرب الداعم للصهاينة في حرب أكتوبر وليس السعودية كما زعم الرئيس السادات، وقام بتحويل ميناء بنغازى خلال الحرب إلى ميناء عسكري لإمداد مصر بالسلاح، وأرسل لمصر عشرة مليارات دولار لدعم المجهود الحربي أثناء حرب أكتوبر 1973، وظل محافظا على البوابة الغربية للأمن القومى المصرى.

وتحولت ليبيا العربية على يد الأخ القائد معمر القذافى إلى أحد أهم المعاقل العربية المعادية للاستعمار والإمبريالية العالمية، وظل معمر القذافى مدافعا شرسا عن القومية العربية وأمينا عليها كما كلفه الزعيم جمال عبد الناصر لسنوات طويلة، اضطر بعدها للكفر بها نتيجة الانبطاح والخنوع والخضوع والتبعية العربية للمشروع الأمريكي – الصهيوني حيث فضل غالبية الحكام العرب الدوران في فلك هذا المشروع الاستعمارى الجديد، وهنا وجد معمر القذافى ضالته في الاتجاه صوب أفريقيا والعمل على دعم شعوبها في مواجهة المشروع الاستعمارى الغربي الناهب لثروات القارة البكر، فاحتفت به القارة السمراء ونصبته ملكا لملوك أفريقيا، فهدد بذلك مصالح الغرب الاستعمارى وزاد العداء تجاهه.

وفى إطار تحدى الأخ القائد معمر القذافى للقوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية وقف فوق منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة وفى عقر دارهم بمدينة نيويورك وقام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة أمام رؤساء وقادة ما يقرب من 200 دولة، هذا بخلاف ملايين البشر على كوكب الأرض المتابعين للجلسة عبر كل وسائل الإعلام العالمية، وتبعثرت أوراق الميثاق داخل القاعة وصوته يجلجل بأنه ميثاق ظالم وغير عادل، وواصل في انتقاد مجلس الأمن الذي تتحكم فيه خمس دول فقط، وهاجم السياسة الأمريكية والصهيونية بشدة، في موقف لم يكن ليمر بسهولة لذلك كان لابد من تحين الفرصة لعقابه.

وجاء الربيع العبري فرصة للقضاء على ليبيا العربية والتخلص من القائد الذي وقف عقبة عثرة في تحقيق أحلام المشروع الاستعمارى الغربي، فشن حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية واثنين وأربعين دولة الحرب على ليبيا التي صمدت صمودا اسطوريا لثمانية شهور انتهت باستشهاد القائد البطل معمر القذافى، وتدمير ليبيا وإشاعة الفوضى فيها ووجود ثلاثة حكومات متنازعة لا تملك حتى حماية نفسها وتقسيمها وتفتيتها ونهب ثرواتها، وسيطرة الميليشيات الإرهابية عليها، مما أعاد من جديد التهديد للأمن القومى المصرى، الذي حفظته ليبيا والشهيد البطل معمر القذافى لما يزيد على أربعة عقود، وقد اضطرت مصر مؤخرا لتوجيه ضربات عسكرية للميليشيات الإرهابية بالعمق الليبي، لذلك لابد من دعم ليبيا العربية ومساعداتها على النهوض والتماسك من جديد حفاظا على الأمن القومى المصرى الذي أصبح مفقودا على حدودنا الغربية، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية