رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «أنفاق قناة السويس» مشروع تاريخي يحول سيناء لقاهرة جديدة.. العمال يسابقون الزمن لإنجازه.. ماكينة «تحيا مصر» تنتهي من الحفر.. مسئول: إنهاء المشروع قبل موعده.. وانتظروا منطق

فيتو

تغيب الشمس ولا تغيب الابتسامة هنا أسفل سطح الأرض، فمن ينظر لعيون العاملين والمجندين والضباط بمشروع أنفاق الإسماعيلية أسفل الممر الملاحي لقناة السويس يكتشف الفرحة التي لا يضاهيها شيء، وهم يردون لك التحية حين تمر عليهم داخل مواقع عملهم، فلا شيء أغلى من شباب منهك من العمل والحر الشديد، لكنه يهلل ويضحك ويتقافز في الهواء حين يمر من أمامه الزائرون، ليبتسم ويرفع يده ليلقي عليهم السلام والتحية.


أنفاق القناة

المشروع القومى العملاق بدأ العمل به، في 5 يونيو 2016، بطول 5820 مترا، وبعمق 45 مترا أسفل قناة السويس، وتنقسم إلى نفقين جنوبي وشمالي، تمر أسفل قناة السويس، تربط سيناء بجميع أرجاء مصر في دقائق معدودة، ومن المقرر أن تسمح بمرور 50 ألف سيارة يوميًا.

هنا قصص وتفاصيل إنسانية، تدور تحت الأرض كل يوم، وتصنع عالما خاصا لا يمكن أن تشعر بمذاقه إلا إذا جئت إلى هنا في أنفاق الإسماعيلية الجديدة.

بداية الرحلة

منذ الواحدة ظهرا بدأت الرحلة، من الطريق الدائري بمدينة الإسماعيلية داخل «معسكر القرش»، في البداية بدا الطريق سهلا ولا شيء فيه يستحق الذكر، تقف بمدخل المعسكر ليستقبلك مجموعة من المجندين وأفراد الأمن بابتسامة لإجراءات التفتيش الخاصة بطبيعة المكان والتأكد من وجود تصاريح أمنية خاصة بتلك الزيارة.

وبعد الانتهاء من كافة الإجراءات الآمنة الخاصة بالدخول، تبدأ الرحلة وحسب توجيهات الأمن كان يلزم عدم الدخول إلى هناك وحيدا، بل برفقة الضابط والمهندس ومسئول السيفتي بالمشروع.

مداخل الأنفاق
تتوجه لمداخل الأنفاق تستقبلك لافتة مدون عليها «مشروع أنفاق قناة السويس بالإسماعيلية.. تحيا مصر»، وبعدها بخطوات تجد فتحتين تحت الأرض، الأولى من اليمين- للنفق الجنوبي، والثانية على اليسار للنفق الشمالي.

النفق الشمالي
وبعد أن اجتزنا مدخل النفق توجهنا لداخل جسم النفق الشمالي بسيارة خاصة بالمشروع متوفر بها جميع سبل الوقاية والحماية من أي أخطار مفاجئة قد نتعرض لها نظرا لطبيعة العمل بالداخل.

وتجد مجموعة كبيرة من العمال يسابقون الزمن لإنجاز مشروع أنفاق الإسماعيلية؛ أحد المشروعات القومية التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي والمنتظر الانتهاء منها خلال العام الماضي طبقا للمخطط.

غرفة التحكم

استغرقت رحلة السير بالسيارة لـ3500 متر داخل جسم النفق نحو 6 دقائق حتى وصلنا إلى غرفة التحكم وجسم ماكينة الحفر «تحيا مصر1».

معايير أمان

والتقت «فيتو» مجموعة من العامليين بالمشروع في أول أيام عيد الأضحى المبارك، الذين أكدوا على عملهم المتواصل ليل نهار، لإنهاء المشروع قبل موعده، وفى جودة تليق بكل المعايير العالمية بأيد مصرية 100%.

قال المهندس أحمد السكري، مدير عام مساعد تنفيذي الأعمال الميكانيكية بالمشروع، إن المشروع يتكون من نفقين للسيارات تمر أسفل قناة السويس بمنطقة شمال الإسماعيلية كم 250،73 ترقيم قناة، ويربط نفقي السيارات كلًا من الطريق الدائري بالإسماعيلية وطريق الإسماعيلية بورسعيد "غرب القناة" بطريق القنطرة "شرق القناة".

الاستثمارات المستقبلية
وأضاف «السكري» أن الأنفاق تهدف إلى تهيئة البيئة المناسبة للاستثمارات المستقبلية المنتظرة خلال الفترة المقبلة، والعمل على خلق بنية تحتية قادرة على تلبية احتياجات المواطن، ورفع المعاناة عن أهالي محافظات القناة في الانتقال من الغرب إلى الشرق في فترة زمنية قصيرة جدا.

أعمال الحفر
وأضاف: العمل في النفق الشمالي وصل الحفر به إلى3500 متر، من إجمالي 4830 متر بنسبة تفوق 70٪ بالنفقين الشمالي والجنوبي، موضحا أن الماكينة انتهت من أعمال الحفر أسفل قناتي السويس منذ أكثر من شهر في زمن قياسي، ومن المتوقع أن يتم تسليم الأنفاق قبل الموعد المحدد لها خاصة أن نظام العمل هنا يتم من خلال ورديات على مدار اليوم.
 
وأشار إلى أن النفق الحالي تم تصميمه بطريقة عالمية، وسيعمل على إلغاء جميع المعديات التي كانت تستغرق وقت في نقل الأشخاص والسيارات لسيناء.

ممرات طوارئ
وأضاف أنه تم ربط النفقين بمجموعة من الممرات العرضية "طوارئ" كل 500 متر بإجمالي 10 ممرات، وتم تصميمها على شكل هندسي مضاد للزلازل الأرضية، كما صممت على نظام حلقات لتجنب تسريب المياه، كما تم تزويدها بكاميرات مراقبة بطول الطريق، وأحدث تكنولوجيا إطفاء للحريق الذاتي بالإضافة إلى بوابات إلكترونية للتفتيش لتجنب الزحام، علاوة عن المدينة الخدمية التي يتم إنشاؤها حاليا بطريق "تحيا مصر" عند المدخل الغربي والشرقي للقناة.

استراحات وكافيهات

وأوضح سيتم تنفيذ عدد من الاستراحات والكافيهات بالإضافة إلى محطة وقود ومسجد ومطاعم ومحطة تحصيل رسوم العبور من النفق لتصبح منطقة كاملة الخدمات.

الأمن الصناعي
وعن عوامل الأمن الصناعي في المشروع، قال إنه من أعلى المعدلات التي قد يشهدها أي مشروع، وجميع القائمين على المشروع يحرصون دومًا على التفاعل مع جميع النصائح والتقارير التي ترفع لهم حول عوامل الأمن.

وأكد أن الشركة والقوات المسلحة توفر جميع الإمكانيات للعمل المتواصل، وذلك حتى لا يتوقف العمل دقيقة في إمداد عمال الأنفاق بمكعبات الخرسانة، قائلًا: بعد الانتهاء من المشروعات ستكون سيناء أشبه بالقاهرة الجديدة.

صيانة الماكينات
أما عن الأعمال الخاصة بصيانة الماكينة، قال: «تخضع الماكينة لأعمال الصيانة بشكل دوري ومستمر للحفاظ على آلة القطع "cutter head"‬‏ من خلال فريق عمل "الأعمال الميكانيكية" مكون من 250 فردا مدربين على تلك الأعمال، يتم الاستعانة بهم في تركيب الماكينة.

وتابع: وفي حال حدوث أي أعطال مفاجأة يستطيعوا الانتهاء من صيانته في وقت قياسي، إضافة إلى أعمال الصيانة التي تتم داخل جسم النفق عن طريق 2 بيارة "in spection shaft" يتم خلالها فصل الخطوط عن الماكينة تستغرق في الطبيعي ما بين 20 إلى 25 يوما لكن هذا الفريق أنجزها في 8 أيام فقط.

الإجازات
وعن آلية العمل والإجازات، قال أكرم عبد المنعم بغدادي، من شركة بتروجت يعمل لحام: «أسافر لأسرتي كل فترة حسب الإجازات التي تسمح بها ظروف العمل، إحنا شغالين في العيد ومبسوطين»، موكدًا أنه رفض الحصول على الإجازة لمعرفته الجيدة بظروف العمل ورغبته في المساهمة مع زملائي لإنجاز المشروع طبقا للمخطط، بل وقبل الموعد.

وأضاف أن أفراد أسرته يقدرون ذلك تمامًا، ما دام العمل من أجل الوطن، ويشعرون بالفخر لعملهم في هذا المشروع.

إنجاز كبير

فيما أضاف هاني شوقي الطيب، مشرف عام النقل الداخلي والخارجي بالمشروع، إن مشروع الأنفاق إنجاز كبير للشعب المصري يفوق السد العالي، والجميع هنا يشعر بفخر لعملهم في هذا الإنجاز العظيم، مشيرًا إلى أن الشباب عليهم دور كبير في مساندة الوطن، والسعى لمساعدة الدولة في مشروعاتها القومية، والبحث عن فرصة للعمل أينما كانت.

وأضاف :نحن نعمل في العطلات الرسمية والأعياد حتى ننجز الأعمال طبقا لما هو مخطط له، لنهدي العالم الشعب المصري هذا العمل العظيم.

ولفت إبراهيم سليم محمد، مسئول الأعمال الخدمية بالمشروع «بحري» كما يطلقون عليه بالمشروع، ابن محافظة الإسماعيلية: أقضي أيام العيد هنا برفقة زملائي بالمشروع لنتيح الفرصة لبعض زملائي المغتربين لزيارة أسرهم فترة أيام العيد.

أهمية المشروع

وعن أهمية المشروع، قال «سليم»: سيجعل من سيناء مدينة اقتصادية ضخمة خاصة بعد الانتهاء من الأنفاق، إضافة إلى مدينة الإسماعيلية الجديدة المقامة شرق قناة السويس، علاوة على المصانع والموانئ المزمع إقامتها ضمن خطة تطوير محور قناة السويس، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة وفرص عمل للشباب وتسهيل الإجراءات الخاصة بالاستثمار في تلك المنطقة.

ويؤكد حمدي عبد المنعم، ابن المنصورة، براد، أنه فخور بانضمامه لكتيبة العمل داخل مشروع أنفاق قناة السويس.

فيما يفخر رضا زكريا عبد الحق، الذي جاء للعمل من أجل حاجته لتوفير لقمة العيش لأبنائه بالعمل في المشروع، رافضا الحصول على إجازة عيد الأضحى المبارك ليبقي برفقه زملائه أبناء المنصورة الذين جاءوا للعمل منذ بداية المشروع، ليسرد لأبنائه وأحفاده أنه شارك في صنع التاريخ.

العيد فرحة
وبعد مرور أكثر من ثلاث ساعات قضتها «فيتو» برفقة العاملين بمشروع أنفاق الإسماعيلية أسفل قناة السويس في أول أيام عيد الأضحى المبارك، يطلب أحدهم التقاط الصور التذكارية ليضعها ضمن سجلاته ليطلع عليها أبناؤه حيث إنه دائما يحرص على التقاط الصور التذكارية مع الزائرين، قائلا: "الصورة دي هكتب عليها العيد فرحة".

هكذا انتهت رحلتنا أسفل سطح الأرض لنعود بنفس السيارة الخاصة بالمشروع وسط صدى الضحك من القلب، ونسمات الأمل.
الجريدة الرسمية