رئيس التحرير
عصام كامل

«ارحل».. الشيخ عبد الله آل ثاني يشكل حكومة قطرية في «المنفى».. ولقاء مرتقب بين «ترامب» و«أمير الإنقاذ».. قيادات بالجيش القطري ترفض العمل تحت قيادة الأتراك.. وتو

الشيخ عبدالله ال
الشيخ عبدالله ال ثاني

وضعت أزمة قطر منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن، ومنذ إعلان “السعودية ومصر والإمارات والبحرين” مقاطعة الدوحة دبلوماسيًا وفرض إجراءات من شأنها تقويم سلوك نظام الأمير تميم بن حمد الدعم الرئيسي للإرهاب الإقليمي في 5 يونيو الماضي، يترقب الجميع بحذر نهاية أزمة عنيفة كشفت الوجه القبيح للدول الكبرى ومنظمات المجتمع الدولي التي اتضح أنها تبيع بيانات الإدانة والتأييد مقابل الأموال المدفوعة من تحت الطاولة.


الصراع المتفجر بين عواصم المقاطعة وقطر، على ما يبدو أن ملفه انتقل من حقائب الدبلوماسية ووضع عهدة في يد أجهزة الاستخبارات، وهو الأمر الذي دلل عليه كم الاعترافات والوثائق الهائل الذي تناولته وسائل الإعلام خلال الأسابيع الماضية دون مواربة أو الاكتفاء بالتلميح، وتحول لاتهامات صريحة بعدما أخرجت كل عاصمة ما تحوي جعبتها من أدلة على تآمر قطر ضدها.

الأدلة المقدمة على الفضائيات والصحف برهنت على وجود سرطان يستوطن الجسد العربي، ينهش فيه تارة بالتحالف العلني مع الخصوم –إيران وتركيا-، وتارة أخرى بتمويل وكلاء لهدم الأنظمة الشقيقة مثلما حدث في البحرين بالكشف عن دعم تميم لميليشيات الوفاق، وفى مصر بدعم ومساندة مشروع الإخوان، ولم تسلم الإمارات بطبيعة الحال من ديناميت تفجير الأنظمة الذي زرعته الدوحة خلال السنوات الماضية.

تميم وبن سلمان
وبالرغم من التحذيرات التي أطلقتها مصر خلال السنوات الماضية حتى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، من خطورة المشروع القطري، استجاب لها الجميع بعدما امتد العبث في الأنظمة ومحاولة إسقاطها وزعزعة استقرارها إلى المملكة العربية السعودية.

الرياض التي وقعت ضحية لخديعة تميم عقب رحيل الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز، تلعب قطر معها على المكشوف الآن، بمخطط يهدف لتأليب العائلة المالكة من الداخل بتحريك جيش إلكتروني ينادي بتنصيب الأمير أحمد بن عبد العزيز ملكًا على السعودية، وتولى الأمير محمد بن نايف ولاية العهد، في سياق مخططها للإطاحة بنظام الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

خطة الصراع على عرش المملكة تدعمها قطر الآن بشلال من الدولارات لتجنيد وسائل إعلام غربية وعربية معادية للرياض لترويجها دوليا، بهدف رسم صورة مزعومة تعكس صراع الأجنحة داخل “آل سعود” لإثارة ذعر الحلفاء الدوليين من احتمالية جلوس “بن سلمان” على كرسي الحكم خلفا لوالده، في ظل تربص أجنحة قوية داخل العائلة بالمنصب.

الرد السعودي
لعب تميم في الرياض، وقناعة قطر بعدم قدرته في الحصول على دور فوق رقعة الشطرنج الإقليمية في ظل وجود الملك سلمان ونجله، والإصرار الواضح على إحداث هزة مصطنعة داخل الكيان العائلى المتماسك منذ عقود، دفعت المملكة والعواصم العربية المتواجدة معها في قلب الأزمة الآن، للتوافق على ضرورة رحيل تميم من حكم قطر خدمة للأمة العربية عموما والشعب القطري الذي تبددت أمواله في الصرف على مشاريع إرهابية وتآمر على الجيرة العربية.

وبحسب مصدر عربي مطلع على ما يدبر في الكواليس الآن للتخلص من كابوس تميم، فإن حالة صمت الدول الأربع الآن تجاه السلوك القطري المستفز والذي توج بطلب الدوحة إعادة سفيرها إلى طهران، أشبه بالسكون الذي يسبق هبوب عاصفة ترحيل تميم ونظامه من حكم الإمارة الغارقة في الأزمات.

وشاءت الأقدار أن يكون شعار “ارحل” الذي سوقت له قطر خلال ثورات الربيع العربي ضد الأنظمة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، هو ذات شعار بداية عاصفة تغيير الحكم في الدوحة.

ومن المرتقب بحسب المصدر تجرع تميم أيضا من نفس الكأس الذي أذاقه للرئيس السوري بشار الأسد، بالإعلان عن نظام قطري موازٍ يضم رموز المعارضة القطرية في المنفى يعمل تحت أمرة الشيخ “عبد الله آل ثاني”، الحاضر بقوة في أزمة الحجاج القطريين.

اعتراف دولي
الجانب الآخر من خطة إزاحة تميم عن العرش وتخليص العرب والقطريين من شروره، يرمى لجلب اعتراف دولي بنظام “الشيخ عبد الله”، ومن المرجح أن تكون البداية من العاصمة الأمريكية “واشنطن” بلقاء يجمع أمير الضرورة الجديد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويهدف اللقاء بحسب ما هو متوفر من معلومات إلى تقديم النظام الحاكم الجديد الضمانات الكافية للدول الحليفة بالالتزام بجميع البنود والاتفاقيات القائمة السياسية والتجارية والعسكرية، بما يضمن لهذه الدول مصالحها ويسهل عملية انتقال السلطة وعدم تدخل أطراف خارجية لعرقتلها.

الخطوة التالية في خطة تمكين الشيخ عبد الله، تتجسد بحسب المصدر في إعادة فتح السفارات في العواصم المقاطعة العربية والأفريقية، والاعتراف رسميا بسفراء خارجية الحكومة الجديدة لتيسير خدمة مصالح الشعب القطري الدبلوماسية.

وأوضح أنه لا نية لتدخل عسكري عربي في قطر كما يروج تميم بهدف تسويق نفسه كضحية، إضافة إلى قناعة السعودية والإمارات بضرورة الحذر من الوقوع في فخر “حرب الكويت والعراق”، والاكتفاء بدعم الشعب القطري خارجيا، كاشفا عن وجود قيادات عسكرية داخل الجيش القطري مصابه بحالة إحباط من سلوك النظام، وبينهم قيادات مهمة تواصلت مع الشيخ عبد الله، وبايعته مقدما بعدما استشعرت تحويل الدولة إلى ثكنة عسكرية للجيش التركي، وعناصر الحرس الثوري الإيراني المتخفية والتي أصبحت تهديدا مباشرا للجيش هناك.

وألمح المصدر إلى أن “قوات لخويا” هي الأخرى سوف يكون لها دور مهم في المرحلة المقبلة بعدما استشعرت هي الأخرى تهميش المهام المكفولة لها، والتي نشأت على أساسها وأصبحت تعمل تحت قيادة جنرالات أتراك بتعليمات صادرة من تميم ووزير دفاعه شخصيًا.

محور تركيا وإيران

وأوضح المصدر أن حيلة أمير قطر الجديدة بالدخول في محور يضم “إيران وروسيا وتركيا وسوريا”، فوته عليه الأمير محمد بن سلمان الذي يتبنى مشروعا انفتاحيا مع الجميع يهدف لخروج المملكة من حزام الأزمات، بهدف الانطلاق إلى مشروعه الأساسي لتأسيس دولة حديثة في المملكة تتوافق مع رؤيته 2030، وفتح الرياض قنوات اتصال مع طهران والانسحاب من الملف السوري، وقريبا سوف تكون هناك مفاجأة متعلقة بحرب اليمن بعقد صفقة كبرى ترضي جميع الأطراف داخليا وخارجيا وتضمن إنهاء النفوذ الإيراني.

مشيرا في هذا السياق، إلى أن إيران تكيد السعودية بقبول أحضان تميم، لكنها في نهاية المطاف لديها حساب طويل وفاتورة دم معه في سوريا، وحين تضمن مصالحها الإقليمية وتتأكد من تحسن العلاقات مع الرياض، وقتها رقبة تميم معلقة على حبل مشنقة من المؤكد أنها سوف تكون الصورة المُرْضِية للنظام الإيراني الذي خسر الكثير من رجاله على يد عناصر “جبهة النصرة” و”داعش” وغيرها من التنيظمات الإرهابية الأخري التي وفرت لها الدوحة دعما ماديا وإعلاميا على مدار السنوات الماضية، ومكنته من حصد أرواح الميليشيات العسكرية المتصارعة هناك بصفقة نوعية من صواريخ “تاو” الأمريكية التي غيرت معادلة الحرب لصالح التنظيمات المدعومة من الدوحة.

القاعدة التركية
وفيما يتعلق بوجود القاعدة التركية ووقفها كعقبة حامية لنظام تميم وعدم تمكين الشيخ عبد الله، أكد المصدر أن اللعبة تتسع من تركيا الآن، وحدودها أصبحت مهددة، وهي –أنقرة- غير واقعة في غرام تميم كما يعتقد البعض، ودخول أمريكا المرتقب بالإضافة إلى عدد من عواصم أوروبية حصلت على وثيقة رسمية تحمل معلومات استخباراتية في غاية الخطورة حول دعم قطر للإرهاب عربيا وأوروبيا سيمثل ورقة ضغط على الجانب التركي؛ لإصدار أمر لجنوده بالعودة إلى ثكناته في أنقرة.

الدور الأمريكي
ويبقى السؤال الملح حول الدور الأمريكي الملتوي في هذه الأزمة وعدم حسم الملف، وشدد المصدر هنا أن إدارة ترامب تعاني حالة انقسام شديد وصراع على رأس الدولة بطريقة فجة واضحٍ للجميع، ومع اندلاع أزمات خارجية تتطلب الحضور الأمريكي، تتصارع هذه اللوبيهات بشكل واضح، وهناك في واشنطن أوراق ضغط قديمة تجيد قطر تجنيدها بالمال الحرام، سواء عن طريق شركات الضغط الأمريكية، وبعض الرموز في الحزب الديمقراطي منذ عهد إدارة الرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما.

لكن في نهاية المطاف بحسب المصدر، سوف ترفع أمريكا الغطاء من فوق نظام تميم وتتركها في العراء لمواجهة مصيرها منفردًا، ولعل اللقاء المتوقع للشيخ عبد الله آل ثاني بالرئيس الأمريكي حال حدوثه سريعًا من شأنه أن يكتب شهادة وفاة نظام تميم.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية