في حب رسول الإنسانية (1)
في حجة الوداع أو تلك الحجة الوحيدة والأخيرة في عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يوم عرفة، وعلى جبل الرحمة، وفي يوم التاسع من ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة، خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطبته العظيمة الجامعة المانعة، التي تعد نبراسا للعالم، لو صار على هديها المسلمون لتغيرت صورة العالم للأفضل، ولو اتبع الناس ما بها من سلوكيات –حتى لو ظلوا على ما يدينون به– لعمت السعادة أرجاء الكون، وقد فهم كبار الفلاسفة والأدباء الغربيون ذلك الأمر، ورغم بقائهم على دينهم فإن ذلك لم يمنعهم من قولة الحق في مقاصد الإسلام، وما يريده للناس كافة..
فهم فهموا أن الإسلام لا يريد سوى السعادة للبشرية جميعا، ولو كان الناس لا يدينون به؛ لذا وجدنا الروائي الروسي "تولستوي" يقول: "إن محمدًا هو مؤسس ورسول.. كان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة. ويكفيه فخرًا أنه أهدى أمة برمتها إلى نور الحق.. وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثله جدير بالاحترام والإجلال".. وأضاف: "إنه خلص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم.. وأن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة".
كما قال الفيلسوف الإنجليزي "برناردشو": "إن رجال الدين في القرون الوسطي ونتيجة للجهل أو التعصب قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة، لقد كانوا يعتبرونه عدوًا للمسيحية، لكنني أطلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبة خارقة، وتوصلت إلى أنه لم يكن عدوًا للمسيحية، بل يجب أن يُسمي منقذ البشرية، وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.. إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد.. هذا النبي الذي وضع دينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالد خلود الأبد، وإني أرى كثيرًا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة.. وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة "يعني أوروبا".
وأعجب "لامارتين" شاعر فرنسا الشهير بـ"محمد" صلى الله عليه وسلم فقال: "من ذا الذي يجرؤ من الناحية البشرية على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد؟ ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه عند النظر إلى جميع المقاييس التي تقاس بها عظمة الإنسان؟! فأعظم حب في حياتي هو أنني درست حياة محمد دراسة وافية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود".
أضاف: "أي رجل أدرك من العظمة الإنسانية مثلما أدركه محمد؟! وأي إنسان بلغ؟ لقد هدم المعتقدات الباطلة التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق وإذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة. فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بمحمد في عبقريته؟،هؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات فلم يجنوا إلا أمجادًا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم.. لكن هذا الرجل "محمدا" لم يقدم الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينذاك، ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة... لقد صبر محمد وتجلد حتى نال النصر وكان طموحه موجهًا إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك، حتى صلاته الدائمة ومناجاته لربه ووفاته وانتصاره حتى بعد موته كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق".
أما آرنولد توينبي "المؤرخ البريطاني الكبير" فقال: "الذين يريدون أن يدرسوا السيرة النبوية سيجدون أمامهم من الأسفار ما لا يتوافر مثله للباحثين في حياة أي نبي من أنبياء الله الكرام.. إنني أدعو العالم إلى الأخذ بمبدأ الإخاء والمساواة الإسلامي، فعقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام هي أروع الأمثلة على فكرة توحيد العالم، وأن في بقاء الإسلام أملًا للعالم كله".
وقال "جوتة" شاعر ألمانيا الشهير معجبًا بالقرآن والنبي "محمد" صلى الله عليه وسلم: "كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي، فهو كتاب الكتب وإني أعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم فلم يعتر القرآن أي تبديل أو تحريف، وعندما تستمع إلى آياته تأخذك رجفة الإعجاب والحب، وبعد أن تتوغل في دراسة روح التشريع فيه لا يسعك إلا أن تعظم هذا الكتاب العلوي وتقدسه، وظني أن التشريع في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الإسلامية، وإننا أهل أوروبا بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد، وسوف لا يتقدم عليه أحد، وقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان فوجدته في النبي العربي محمد".
ونكمل في المقال لاحق..
كل عام وجميع المسلمين بخير في مشارق الأرض ومغاربها، رزقنا الله جميعا حج بيته المعظم، وحفظ الله مصر، ورئيسها، وجيشها ورجال أمنها، وجعل جميع المصريين في سعادة دائما وأمن وعزة.