«طبال العرب» سعيد أرتيست: مصر اخترعت الطبلة وصدرتها للعالم.. ولا علاقة لـ«الطبال» بالعوالم
- أخجل من المجتمع لأنه حول كلمة "النفاق" إلى "تطبيل"
- أول أجر لي كان 125 قرشا
وفي حوار جمعنا بـ "أرتيست"، استعرضنا نقاطا في مسيرته.. دار على النحو التالي:
•بداية.. كيف بدأ ارتباطك بآلة الطبلة؟
- أنا من عائلة موسيقية في الإسكندرية، كان والدي مؤلفا موسيقيا وكاتب مونولوج، وكان منزلنا أشبه بمعهد صغير للموسيقى العربية، يجتمع عندنا الموسيقيون باختلاف آلاتهم بشكل يومي، وكنت أواظب على حضور تلك الجلسات، وبدأ حبي لآلة الطبلة منذ كان عمري 4 سنوات، وبدأت في العمل فعليًا في عمر5 سنوات، في أعراس وحفلات الإسكندرية، وعندما بلغت 8 سنوات ذاع صيتى وتردد اسمي بالمدينة وصرت أُطلب بالاسم.
• كم كان أجرك آنذاك؟
- أذكر أنني كنت الأعلى أجرًا في الفرقة، نظرًا لصغر سني واحترافي، وكان أول أجر لي 125 قرشا.
• عملت مع أكبر الفرق الموسيقية، ومررت بجيل الكبار من المطربين، فكيف كانت تجربتك معهم؟
-لم أترك فرقة موسيقية على مستوى مصر أو الوطن العربى، إلا وعملت معها، وأعطانى ذلك الكثير من الخبرة، فعزفت وراء كبار المطربين مثل "سعاد محمد، وردة الجزائرية، فايزة أحمد، عفاف راضي"، وقابلت عددا من الملحنين أمثال كمال الطويل وبليغ حمدي وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وصباح، ونجاة الصغيرة، وأظن أنني كنت محظوظًا بالعمل مع جيل من العمالقة.
• عملت مع كبار مطربي الخليج والمغرب العربي، رغم اختلاف إيقاعهم الموسيقي، فكيف استطعت إثبات جدارتك؟
- أهم ما يميزني هو الإحساس والاجتهاد، فعلى الرغم من صعوبة واختلاف الإيقاع الخليجي عن المصري، فإنني وضعت بصمتي بينهم، من خلال إحداث لون إيقاعي جديد يمزج بين الإيقاعات الشرقية المتعارف عليها والخليجية، وهو ما جعلني مطلوبًا لدى أكبر مطربي الخليج مثل محمد عبده وطلال مداح، واكتسبت من خلالهما لقب "طبال العرب"، أما المغرب العربي فكنت أسافر لجلب إيقاعاتهم ودراستها والتمرس عليها.
• كيف انتقلت شهرتك وعملك من الإسكندرية للقاهرة؟
- في شبابي، كنت أعمل بأحد أشهر الفنادق في الإسكندرية، أحيي هناك حفلات موسيقية، وكان أكبر مطربي وعازفي مصر يقيمون في الفندق في أوقات أجازاتهم، وبالتالي يحضرون حفلاتي، فنصحني الكثيرون بضرورة الانتقال بموهبتي إلى القاهرة، إلا أنني استصعبت الأمر، ولكن بعد فترة اقتنعت، وسافرت للقاهرة ورفضت الاتصال بأصدقائي لمساعدتي، وجلست على قهوة الموسيقيين في انتظار فرصة عمل، وكان أول عمل لي بالقاهرة مع الراقصة عزة الشريف، ولكن سرعان ما تركتها بسبب مضايقات العازفين لي وغيرتهم من صغر سني، ثم عملت كموظف في "نايت كلوب" شيراتون القاهرة، وكان يعمل معي فيه مجموعة من أكبر مايستروهات مصر حاليًا مثل أمير عبدالمجيد وصلاح غباشي وعمر فرحات، وفي إحدى الليالي قابلت أحد الأصدقاء الفنانين، فأخذني وانتقلت للعمل مع الفنانين في حفلاتهم، وكانت أولى الحفلات الكبيرة التي اشتركت فيها للفنانة فايزة أحمد، ثم صباح، ونجاة الصغيرة.
• هل نستطيع تسمية تلك الفترة بأنها النقلة النوعية الأكبر في حياتك؟ ولماذا كان يكنّ لك زملاؤك الغيرة ؟
- تلك الغيرة نتجت عن "التكنيك الإيقاعي" الجديد الذي أستخدمه في العزف، والذي ادهش المستمعين، والنقلة النوعية في حياتي، كانت بعملي بالإعلانات مع طارق نور، حيث خرج عزفي من المسارح الضيقة لأعمال يستمع إليها الجمهور، ثم بدأت بتكوين فرقتي التي بدأت بـ7 عازفي إيقاع، ووصلت إلى 50 عازفا.
• ما زال ينظر للطبلة في مصر على أنها آلة ترتبط بالرقص.. فهل تجد صعوبة في التعامل مع الأمر؟
- بالتأكيد، الأمر يحزنني للغاية، خاصة عندما أسافر لإحياء حفلات في الدول الغربية، أجدهم يحترمون الطبلة وعازفيها، أما في مصر فيربطون الطبلة دائمًا بعالم الراقصات و"العوالم".
• هل تصدر مصر الطبلة للخارج ؟
-بالتأكيد، مصر البلد الوحيد الذي يصدر جميع أنواع "الطبلة" لدول العالم، فكانت تصنع من جلد سمك "اللقمان" والفخار، وهذا النوع من السمك موجود في نهر النيل فقط، والطبال الذي لم يتعلم على طبلة السمك، لا يملك إحساسا، لأن صوتها يمتلك "دوزان" خاصا، ولكن كانت لها عدة مشكلات، فأحيانا ينقطع الجلد أو ينكسر الفخار، إضافة إلى اختلاف درجات حرارة الأماكن التي نعزف فيها، والتي تؤثر على حرارة وبرودة الجلد.
• كيف استطعتم التغلب على تلك المشكلات في تطوير الطبلة؟
- تطوير الطبلة كان أحد الأمور التي أرهقتني خلال فترة شبابي بالإسكندرية، فبعد جلسات طويلة، طورنا المواد المصنوعة منها، واستبدلنا الفخار بالألومنيوم، والجلد بالمادة المصنوع منها أغلفة الأشعة الطبية.
•هل تشعر بالخجل لكونك "طبال" ؟
- بالعكس، أفتخر بمهنتي، وأعشق الطبلة، لأنها إيقاع ونغم فهى أهم آلة موسيقية، ولكن أخجل من استخدام كلمة "تطبيل" للتدليل على «النفاق»، فأحيانًا أجلس مع أسرتي، وأجد مثقفين كبارا على شاشات التلفاز يؤكدون أنهم "مش مطبلاتية"، وأتعجب من جدوى استخدام آلة الطبلة في وصف المنافق، ولكن جمهورى من مختلف الجنسيات يخرجنى من الخجل، أشعر آنذاك أني أستطيع تغيير الفكرة القابعة في ذهن المصريين والعرب.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"