رئيس التحرير
عصام كامل

قانون القوة خطر يهدد المجتمع!


واقعة الاعتداء على لواء التجمع الخامس التي شغلت الرأي العام وملأت فضاء التواصل الاجتماعي –وما زالت– هي قيد التحقيقات أمام الجهات المسئولة، ومن ثم يكون من الخطأ إصدار أي أحكام إدانة أو براءة لأي من طرفي الواقعة حتى ترى فيها جهات التحقيق رأيا قاطعا بإحالتها للقضاء الذي يحكم بما يراه طبقا للقانون الذي نريد له السيادة في هذا الوطن.


ولأن الواقعة تناولتها شبكات التواصل الاجتماعي فقد تحولت إلى قضية رأي عام لأسباب عدة منها أن المجني عليه لواء سابق بالقوات المسلحة وكان من أبطال حرب أكتوبر المجيدة وله سجل مشرف في العمليات العسكرية، ومنها أيضا أن أسرته تعرضت للضرب والسحل أمام عينيه وأمام حراس العقارات المجاورة.. بالإضافة إلى تحطيم محتويات فيلته، ومنها أن الجاني مقاول كبير ورجل أعمال من بعض رجال هذه الأيام، ومنها أن الجاني اعتدى على اللواء وأسرته بمجموعة من (البودي جارد) موضة هذه الأيام، ومنها أن الاعتداء صاحبه سيل من طلقات الرصاص للتخويف وإثارة الفزع والهلع.. موضة هذه الأيام، والأهم أن شرارة الواقعة وبطلة القصة كانت سيدة منتقبة تقود سيارتها بسرعة جنونية كادت تصدم أحفاد اللواء هي زوجة رجل الأعمال الذي قرر أن يربي اللواء ويجعله يندم أشد الندم لأنه عنف باللفظ زوجة رجل الأعمال!

لهذه الأسباب السابقة وغيرها من الأسباب تحولت الواقعة إلى قضية رأي عام، ولهذه الأسباب أيضا كان من الضروري أن نتوقف قليلا لنلتقط الأنفاس المقطوعة التي قد تخرج إلى غير رجعة ونطرح بعض الأسئلة.

* إذا كان هذا قد حدث للواء متقاعد من أبطال أكتوبر وفي حي من أحياء القاهرة الراقية فكيف يكون حال الغلابة في الأحياء الفقيرة عندما يسحقهم صاحب مال وجاه ونفوذ؟

* إذا غاب القانون في عز النهار في أماكن راقية فكيف يكون في غيرها في أماكن غير راقية وفي عز الليل؟

* هل تتابع الداخلية ظاهرة البودي جارد التي انتشرت في هذه الأماكن وغيرها مع من يملكون المال أو من يبحثون عن الوجاهة الاجتماعية على حساب أي شيء؟

* هل تراجع الداخلية كل من يحملون السلاح ويعملون لدى أفراد حراس أمن ويمكنهم استخدام السلاح للقتل أو التخويف؟

* هل يمكن لكل من لديه مال أن يستأجر بودي جارد يأتمرون بأمره ويطلقون النار على الناس ويضربونهم ويكسرون عظامهم ويخربون بيوتهم ويهشمون أثاثهم؟

* هل يمكن أن تتحرك الأجهزة المسئولة لإنقاذ مواطن بسيط تعرض لبلطجة رجل أعمال كما تحركت وبسرعة لنجدة اللواء - وهذا حقه – بصرف النظر عن حيثية المجني عليه في المجتمع؟

* هل ما زال في هذا الوطن من يقول لغيره.. أنت عارف أنا مين؟ أنا هخليك تندم وتركع على رجليك؟

أسئلة كثيرة طرحتها واقعة لواء التجمع الخامس والمقاول رجل الإعمال رغم أنها تحدث كل يوم بعيدا عن الأضواء وعن السوشيال ميديا في أماكن كثيرة وبصور مختلفة في الشارع وفي دواوين الحكومة وفي مواقف السيارات ووسائل النقل العام.. أسئلة لها إجابة واحدة رغم تنوعها واختلافها هي سيطرة قانون القوة الذي وصل به الفجر (بضم الفاء) أن يعلن عن نفسه جهارا نهارا ويقول: أنا الحكومة.. أنا القانون.. أنا السيد!

الواقعة مرعبة وتلقي بظلال كثيفة داكنة حول مستقبل دولة القانون، وحول ما نتشدق به كل ساعة عن قوة القانون الذي يفرض نفسه على (التخين) في هذا البلد، الواقعة تثير مخاوف البسطاء في هذا البلد، وتخصم من رصيد طاقتهم الإيجابية التي تتشبث بقوة القانون وقدرته على حمايتهم من بلطجة قانون القوة واقتناء البودي جاردات والسلاح!

الفارق كبير وشاسع بين قوة القانون، وقانون القوة.. فقوة القانون تعني أن سيادة القانون سوف تحقق العدالة المطلوبة.. ومن ثم يقوي الانتماء الذي يدفع باتجاه بناء الدولة العصرية الحديثة ويحافظ على الطاقة الإيجابية لظهير الدولة من البسطاء.. بينما قانون القوة يسحق الضعفاء ويطمس العدالة ويخلق حالة من فقدان الثقة في الدولة ويهدد أمنها وسلامها الاجتماعي!

إذا أرادت الدولة أن تتجنب خطر تنامي قانون القوة فعليها أن تجد إجابات واضحة لهذه الأسئلة حتى لا نكون كمن يحرث في الماء.
الجريدة الرسمية