معركة مصر في إزالة الألغام!
قدر هذا البلد أن يكون دائمًا مطمعًا للاستعمار وأن تفرض عليه معاركه، فالحروب التي خاضتها مصر كانت لاستعادة أرضها أو طرد الأعداء أو لمكافحة الإرهاب المأجور أو لإزالة الألغام.. تلك المعركة التي تعتبر الأطول في التاريخ؛ لأن مصر تخوضها منذ 75 عامًا وحتى اليوم من أجل تحرير أكثر من 22% من أرضها في الساحل الشمالي الغربي وشمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر.
الألغام في الساحل الشمالي الغربي تحرم مصر من كنوز وثروات كفيلة بان تنهي مشاكلها الاقتصادية، حيث يوجد 3 ملايين فدان صالحة للزراعة والرعي، خمسة مليارات برميل بترول احتياطي، 13 تريليون قدم مكعب من الغاز، 650 مليون متر مكعب من المواد القابلة للتعدين، حتى في داخل منخفض القطارة نفسه يوجد احتياطيات كبيرة من الغاز والبترول والمعادن، بالإضافة إلى الإمكانيات السياحية الهائلة في هذه المنطقة سواء كانت سياحة علاجية أو «سفاري».. هذا الكلام حقيقي وموجود في تقرير رسمي أعده خبراء مصريون وأجانب ومعتمد من مجلس الوزراء في عام 2005.
الالغام أيضًا تسببت في إعاقة العديد من مشروعات التنمية السياحية بشواطئ البحر الأحمر وسيناء وإعاقة جهود التنمية الصناعية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، وكذلك التنمية الزراعية في سهل الطينة وبالوظة وشمال سيناء إضافة إلى تعطيل عمليات التنقيب عن البترول..
مشكلة الألغام يرجع تاريخها إلى الأحداث العسكرية التي وقعت في الصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية وخاصة معارك العلمين (الأولى والثانية) في عام 1942، ومنذ 75 عامًا ومازال المصريون يدفعون ثمن صراعات لم يكونوا طرفًا فيها ولا مسئولين عنها.. وزارة الاستثمار والتعاون الدولى تخوض معركة شرسة لإزالة الألغام، حيث قامت بتوفير ٣.٨ ملايين دولار أمريكى لشراء معدات لأزمة لأعمال الكشف وإزالة الألغام بالتنسيق مع القوات المسلحة، وتطوير 3 وديان لحصاد المياه بمطروح بقيمة ٤٨٥ ألف دولار، وتوزيع ٤٠ ماكينة خياطة للسيدات في مطروح، بالإضافة إلى توزيع منح دوارة على ٥٥ أسرة بقيمة إجمالية ٢٥٠ ألف جنيه، وأيضًا تركيب الأطراف الصناعية لـــ٢٥٠ حالة من ضحايا الألغام وإنشاء قاعدة بيانات شاملة للناجين من حوادث الألغام تشتمل على بيانات تفصيلية لــــ ٧٦٤ فردًا..
الوزارة قامت أيضًا بإنشاء مركز للأطراف الصناعية بمطروح بقيمة ٢٠٠ ألف دولار أمريكى، يهدف إلى توفير العلاج واستعادة القدرة البدنية الوظيفية للناجين من حوادث الألغام، بما في ذلك توفير الأجهزة التعويضية لهم، كما تقوم الوزارة بدورها في التوعية بمخاطر الألغام وحشد التأييد المحلي والإقليمي والدولي وأيضًا توفير فرص عمل لضحايا الألغام..
الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي بوزارة الاستثمار والتعاون الدولي تبذل جهودًا كبيرة لإزالة الألغام ودعم عناصر القوات المسلحة المعنية بتطهير الأرض، وتسهم ببرامج التدريب بالتنسيق مع مختلف دول العالم وأيضًا إعادة إدماج ضحايا الألغام -مع التركيز بشكل خاص على النساء- في المجتمع وتمكينهم من المساهمة في تطوير منطقة الساحل الشمالي الغربي، ملف إزالة الألغام لم يأخذ حقه في وسائل الإعلام رغم أهميته الكبيرة والجهود المبذولة فيه..
الساحل الشمالي الغربي هو مستقبل مصر في التنمية، فجانب جهود تطهيره من الألغام للاستفادة من إمكانياته الاقتصادية الضخمة يجرى حاليًا إنشاء مدينة العلمين الجديدة الذي شاركت فيه وزارة الاستثمار والتعاون الدولى بتطهير نحو ٣٦ ألف فدان، وكذلك محطة الضبعة النووية، والذي شاركت فيه بتطهير نحو ١١ ألف فدان من الألغام، وأيضًا إحياء مشروع منخفض القطارة الذي يعادل مشروع السد العالي..
الوزارة تسارع الزمن من أجل تطهير مصر من الألغام وهي معركة لم تكن سهلة، فالغرب بعد أن ارتكب جريمته البشعة في حقنا تنصل من مسئوليته، بل قام بإخفاء خرائط الألغام حتى يحرمنا من تنمية جزء كبير ومهم من أرضنا.. فكل الشكر والتحية للذين يعملون في صمت وبعيدًا عن عيون الإعلام من أجل خدمة هذا البلد العظيم.
egypt1967@yahoo.com