الأزهر والإعلام والنهج الخاطئ
لا شك أن إجلال الأزهر وشيخه أمر لا يمكن الاختلاف عليه، فالأزهر منارة العالم الإسلامي بأسره، ومكانته في أنحاء العالم ليست محل جدل، فالقاصي والداني يعرفها، كما أن شيخه هو رمز جليل له مهابته، وتقديره يكاد يكون ضمن الفروض الواجبة على كل مسلم؛ لأن الجالس على كرسي "المشيخة" هو "الإمام الأكبر" أهم رمز إسلامي على وجه الأرض.
غير أن الأزهر -ممثلا في بعض معاوني الشيخ العلامة الدكتور أحمد الطيب وعدد من العاملين في إدارة الإعلام بالمشيخة- يبدو أنهم قد ضاقوا ذرعا بالإعلام على وقع الهجوم الذي تعرضوا له في الفترات الأخيرة، ويبدو أنه لم يعد لديهم في القلب منزع لتحمل الانتقادات والرؤى المخالفة أو حتى المعلومات المنشورة التي تخالف ما يريدون إعلانه ونشره، وربما بات بعضهم يكره الإعلام كراهية تقترب من درجة التحريم.
أكتب هذه السطور، وأنا الذي أحمل في قلبي وعقلي ووجداني، احتراما يملأ الأفق على اتساعه للدكتور الطيب كما أحمل إجلالا لدور الأزهر الكبير عبر التاريخ، وثقة في قدرته على التصدى لقضايا الأمة وهمومها في المستقبل أيضا، لكن ليسمح لى السادة معاونو الشيخ وقادة المشيخة أن نقول لهم إن نهجهم مع الإعلام الآن هو نهج خاطئ، فلا يمكن تقبل التشكيك في كل ما تكتبه الصحافة أو تجاهله أو إعطاء تعليمات وتوجيهات بعدم التعامل مع هذه الصحيفة أو تلك؛ لأن أقصر الطرق وأفضلها لقطع الطريق على أي معلومات خاطئة يمكن أن تنشر هنا أو هناك هو التعاطي بانفتاح وإيجابية مع جميع وسائل الإعلام، والرد على كل ما يثار باهتمام.
وأتصور أن الدكتور أحمد الطيب لا يمكن أن يكون راضيًا على تعامل إدارة الإعلام في مؤسسة الأزهر بهذا الشكل من التشكيك أو التجاهل مهما كان حجم ما يلاقيه شخصه الكريم أو كيان الأزهر من نقد وانتقاد أو حتى تجريح، فالشيخ الذي جمع بين الفلسفة والتصوف وبين التعليم الأزهري والدراسة في "السوربون" أعرق جامعات العالم لا يمكن أن يقبل هذا النهج في التعاطي مع وسائل إعلام تقوم بأداء واجبها في نقل الحقائق للقارئ، ولا يمكن أيضا أن يقبل أن يكون الرد على بعض الأخطاء للإعلام بأخطاء مماثلة تحجب كل معلومة تخص الأزهر عن القارئ.