رئيس التحرير
عصام كامل

سلمى آدم تكتب: التعصب للجميع!

فيتو

حقق فريق ريـال مدريد الإسباني لقب السوبر على حساب فريق برشلونة بعد فوزة بنتيجة 5\1 بمجموع المباراتين في مباراة تفوق فيها النادي الملكي أداءً ونتيجة.


مباراة شهدت احتفاءً واهتماما كبيرا من جانب الإعلام المصري الذي ربما تفوق في اهتمامه ومتابعته للمباراة على نظيره الإسباني من الأساس، بعد عرض المباراة على إحدى القنوات المصرية التي كرست كل جهودها خلال أسبوع كامل وخصصت كل فقراتها وبرامجها في اتجاه واحد هو اتجاه الكلاسيكو الإسباني حتى انتهى هذا المهرجان الكروي وعادت الأمور لطبيعتها في النهاية.

ربما لفت نظرك وأثار أعجابك السخونة في الأحداث سواء داخل الملعب أو خارجه أو الإمتاع والكرة الجميلة التي ربما ترى أننا نفتقدها في ملاعبنا أو حتى اتجهت عيناك إلى التصوير الواضح والإضاءة المضبوطة والإخراج المحترف الذي لا نعلم عنه سوى كيفية تسليط الكاميرا على وجه اللاعبين بعد إحرازهم هدف الفوز أو التوجه لجميلات المدرجات وقت وجود هجمة خطيرة داخل الملعب!

ربما كان يستحق هذا التعجب ولفت الأنظار إليه ولكن عيناي ذهبتا في اتجاه آخر، فما لفت نظري هو ما حدث خلال المباراة من أحداث شغب ومناوشات بين اللاعبين والتي احتوت المباراة على قدر لا بأس به منهم، هتافات عدائية من جمهور ريـال مدريد تجاه اللاعب جيرارد بيكيه، طرد اللاعب كريسيانو رونالدو وإيقافه لخمس مباريات بعد دفع الحكم، مناوشات سيرجيو راموس مدافع الريـال مع لويس سواريز مهاجم برشلونة بعد ركلة الجزاء ومناوشاته مع ليونيل ميسي أيضا خلال المباراة.

أحداث عادية تحدث في أي مباراة في العالم لا تدعو للاستغراب والدهشة فتلك هي كرة القدم حماس ومناوشات وأحداث ساخنة وليست فقط أهدافا ومهارات ولكن ما يدعو للدهشة فعلا ويثير التساؤلات هو موقف الإعلام المصري من تلك الأحداث "الطبيعية"!

يحدث الشغب والتعصب في أي مباراة كرة قدم هذا منطقي وليس فيه جدال ولكن في وجهة نظرهم أن هذا لا يحدث إلا هنا، دائما في أي موقف يحدث في أي مباراة رياضية يتم تذكيرنا أن هذا لا يحدث مطلقا في الدول المتحضرة التي لا ننتمي إليها بالطبع في وجهه نظرهم، نحن فقط من نحذو هذا الحذو إنما في الخارج فهم يعيشون في المدينة الرياضية الفاضلة لا يسبون بعضهم لا تحدث احتكاكات في ملاعبهم لا وجود للشغب ولا للتعصب، هناك فقط روح رياضية جميلة وحب وتسامح وجو جميل يبدأ بالورود وينتهي بالأحضان الأخوية بين الفريقين وكأنهم يلعبون مباراة في كوكب زمردة وليس على الأرض مثلنا.

الحقيقة لا أعلم من أين أتى كل من ينتمي للإعلام الرياضي في مصر بكل هذا التزييف وكأن المباريات الأوروبية ممنوعة من العرض ولا يستطيع أحد رؤية ما يحدث فيها وكشف خداعهم أمام الجميع؟ ربما حاولوا استغلال فكرة أن المباريات تذاع على قنوات مشفرة ولا يراها إلا جزء صغير من الجمهور رغم أن المباريات توجد على الإنترنت ويمكن لأي شخص مشاهدتها بسهولة إلا ربما جاء عرض المباراة على قناة مصرية وإتاحة مشاهدتها للملايين ضد مصلحتهم وليس معها.

فمباراة الديربي أو الكلاسيكو في أي دولة في العالم أو حتى المباريات الكبرى غالبا ما تكون الأجواء مشحونة ومتوترة سواء داخل الملعب أو خارجه، تحدث مشادات بين اللاعبين، سباب من الجمهور واستفزازات منهم لنجوم الفريق أو حتى اشتباكات قد تتطور إلى إصابات سواء بين الجمهور أو اللاعبين "يمكنك متابعة ديربي الأرجنتين بين بوكا جونيور وريفر بليت لتتضح الصورة أكثر لك"، بعد المباراة يحزن الخاسر ويفرح الفائز كل منهما على طريقته ولا يقلل الأول فرحته حتى لا يجرح الفريق الآخر ولا يذهب الخاسر ليهنئ الأول بعد فوزه وكأننا في مباراة تنس وليس كرة قدم غالبا ما يذهب طرف منهما للآخر بعد المباراة ولكن للعراك وليس لإظهار المحبة والروح الرياضية "شاهد مشادة مورينيو وفيلانوفا بعد الكلاسيكو الإسباني الذي كاد الأول أن يفقأ عين الأخير بعد خسارته".

أما الجمهور فعندما ينتقل لاعب من فريقه إلى منافسه فلا يتمنى الجمهور له التوفيق والنجاح وإنما يتفنن في مضايقته وإظهار كرهه له "أحرق جمهور دورتموند تيشيرت جوتزة بعد رحيله لبايرن ميونخ أما جمهور مانشستر يونايتد فألقى بتيشرتات كارلوس تيفيز في صندوق قمامة عملاق بعد رحيله للمنافس التقليدي مانشستر سيتي".

وعندما يلعب فريق في بطولة ما لا يتمنى جمهور منافسه له النجاح بحجة أنه يلعب باسم بلده، فالبطولة التي سيحصل عليها ستضاف لسجله وليس لسجل البلد! وعندما يخسر هذا الفريق لا يظهرون مواساتهم وتعاطفهم معه إنما يمطرونه بوابل من الشماتة مصحوبة بـ"الكوميكس والهايلايتس" لأبرز اللقطات خصوصا إذا انتهت المباراة بفضيحة كروية مدعمة بعدد كبير من الأهداف تكون حينها المتعة أكبر.

الحقيقة إن ما يدعونه هو شواذ القاعدة وليست القاعدة نفسها، فكرة القدم عرفت بالحماس واشتعال المنافسة والتعصب أما ما يدعونه هم لا صلة له بكرة القدم من قريب ولا من بعيد، فكل مشجعي العالم يحذون نفس الحذو يحبون فريقهم ويكرهون منافسهم، يقدسون لاعبيهم ويطيحون بهم أرضا عندما يتركونهم، يفرحون ويشمتون ويعيشون أياما سعيدة وسيئة على حد سواء، وهذا ما يميز كرة القدم ويضفي عليها لمسة من التميز والسحر الخاص، فبدون التعصب، لست أقصد به التعصب الذي قد يضر صاحبه أو يؤذيه بشكل أو بآخر، إنما التعصب الكروي الذي نعرفه والذي بدونه وبدون المنافسة المشتعلة تفقد كرة القدم أهم ميزاتها وتتحول إلى لعبة تقليدية مملة لا تثير ولا تعجب أحدا.
الجريدة الرسمية