رئيس التحرير
عصام كامل

بالمستندات.. أجهزة مستشفيات القليوبية تحت سيطرة «مافيا التكهين»

فيتو

في الوقت الذي تسعى فيه حكومة المهندس شريف إسماعيل، إلى تطبيق سياسة الترشيد و”شد الحزام” لتقليل نفقاتها، والعمل على إعادة التوازن إلى موازنتها العامة، على الجانب الآخر، لا تزال هناك بعض الكيانات، يمكن القول إنها تسير عكس الاتجاه، ليس هذا فحسب، لكنها تعمل في غير صالح ما ترغب الحكومة في تحقيقه.


الصحة.. واحدة من القطاعات المهمة في الدولة، ويعتبر القطاع الصحي، المؤشر الأقوى لقياس مدى صلاحية القرارات الحكومية على المواطنين، لأنها تغطي جزءا ضروريا من احتياجاتهم.

التهاون والاستهتار بصحة المواطنين أصبح عادة في محافظة القليوبية، فالعديد من المستشفيات التي صدر لها قرار بالإزالة لتدخل المخطط الاستثماري، هذا القرار لا يخرج عن نطاق كونه «حبرا على ورق»، لصالح فئات أخرى على حساب المرضى.

ظهرت مشكلة أخرى وهي “بيزنس” الأجهزة الطبية، بمعنى أن يترك مسئولو المستشفيات الأجهزة الطبية يأكلها الصدأ والإهمال أو يريدون التخلص منها، ليريحوا أنفسهم من هم سؤال المرضى عنها ويكون مصيرها “التكهين” والدولة في أمس الحاجة لها، ليكون الجهاز الذي كلف الدولة الملايين يباع بملاليم وتتدخل الواسطة والمحسوبية وتجارة الأجهزة عبر سماسرة لصالح المستشفيات والمراكز الخاصة.

وتظهر تلك الأزمة بشكل كبير في جميع المستشفيات على مستوى القليوبية، فكل مستشفى به أكثر من غرفة مليئة بمليارات الجنيهات، تترك للفئران تعبث بها وفئران البشر تتلاعب بها، أكثر ما ظهر حاليا لتلك “السبوبة”، هي المستشفيات التي تتعرض لتطوير شامل ونقل للأجهزة الموجودة بها وتتفرق بين المستشفيات ولا تعرف طريق الوصول إليها ليدخل إليها ضعاف النفوس.

ففي مستشفى كفر شكر المركزي، الذي يتعرض لتطوير ونقل الأجهزة الخاصة به إلى 3 مستشفيات مجاورة، ظهرت أزمة كبيرة بعد صدور قرار بتكهين شبكة الغازات المغذية للمستشفى والموجود بها التي لم يمر على استعمالها سوى عام واحد، بتكلفة مبدئية نصف مليون جنيه، على الرغم من أنها مصنوعة من مواسير من النحاس وجهاز إنذار ومنظمات ومواد تجعلها تعيش أعواما طويلة، بدلا من تكهينها كان من الممكن استبدال القطع المعطلة وتوفير ملايين الجنيهات على الدولة.

وتأتي عملية التكهين على الرغم من وجود خطاب مقدم من مدير المستشفى الدكتور أمير أمين بنقل شبكة الغازات الخاصة بالمستشفى حفاظًا على المال العام ودعم الخدمة الطبية المقدمة للمرضى، ونتيجة ما استجد من نقل الحضانات والعناية المركزة من مستشفى كفر شكر المركزي إلى مستشفى ناهد الخاص، لدعم الحضانات والعناية المركزة وجزء آخر من شبكة الغازات تم نقله لمستشفى طحانوب بشبين القناطر، ووافقت عليها الجهات المختصة، وهذا يعني أن حالتها جيدة، ليفاجأ الجميع بتكهين الشبكة لسبب غير معروف.

كما تقدم أهالي كفر شكر بشكوى رسمية إلى محافظ القليوبية، للمطالبة بمحاسبة المسئولين عن إدارة المستشفى بسبب عدم تشغيل الأجهزة الموجودة به من حضانات وعناية مركزة على الرغم من حالتها الجيدة، مشيرين إلى أنه تم بيع بعض الأجهزة خلال عملية النقل حتى الشبابيك “الألوميتال”، والرخام بمعرفة بعض المسئولين، تم التسلسل في الإجراءات المتبعة الخاصة بالشكوى، لكن توقفت تلك الإجراءات فجأة.

كما تقدم الدكتور هاني أحمد، مدير إدارة الطوارئ بمديرية الصحة، ببلاغ رسمي لهيئة الرقابة الإدارية بخصوص الحضانات الموجودة بمستشفى كفر شكر وبالفعل تم تشميعه بالشمع الأحمر وبعدها تم التحفظ على تلك الحضانات وتسليمها لمستشفى حميات بنها والاستفادة منها، بينما خرج من منصبه قبل استكمال التحقيق في باقي الأجهزة بالمستشفى والإجراءات التي تم اتخاذها فيها.

ويشير الدكتور أمير أمين، مدير مستشفى قليوب السابق، إلى أنه صدر خطاب بخصوص تكهين جهاز أشعة بمستشفى قليوب، لتوقفه عن العمل على الرغم من وجود جهاز طباعة ورقية ملحق به يعمل بكفاءة عالية، فالمذكرة لم تذكر وضع جهاز الطباعة وتم بيعه بعد ذلك على الرغم من أن تكلفته 200 ألف جنيه، المستشفى كان في حاجة ملحة له ولا توجد ميزانيات.

ويشير أمين إلى أنه تم تكهين بعض الحضانات بالمؤسسة العلاجية بقليوب، في الوقت الذي كانت فيه حالة الغطاء الشفاف الزجاجي بحالة جيدة وحضانات المستشفى التي تعمل جيدا ومتوقفة كانت تحتاج للغطاء لكي تستطيع تقديم الخدمة لكن لم يوافق المسئولون على طلبه وتم تكهينها.

يشير الدكتور عصام حسين، مدير مستشفى طوخ السابق، إلى أن تكهين الأجهزة الطبية بالقليوبية يتم بناءً على تقرير صادر عن الشركة المعنية والتابعة لوزارة الصحة وهي المركز الإقليمي بالمنوفية، موضحًا أن المستشفيات معظمها مليئة بآلاف الأجهزة التي لا تعمل ويتم تركها في غرف مغلقة وبعدها بفترة يتم تكهينها، مؤكدا أنه توجد وحدة مناظير بالكامل داخل مستشفى طوخ بتكلفة 5 ملايين جنيه متروكة في مخزن منذ 8 سنوات وكان سيتم تكهينها، ووجد أنها تعمل وحرر بها مذكرة رسمية، وتم توزيع الأجهزة بها على مستشفيات حميات بنها وناصر العام، بالإضافة إلى وجود أجهزة تنفس صناعي الجهاز الواحد بــ32 ألف جنيه، ووجد أنها تعمل وتم إعادة العمل بها مرة أخرى.

كما كشفت التصريحات الأخيرة لمسئولي الصحة بالقليوبية، إجراء صيانة لأجهزة الأشعة بالمستشفى التعليمي ومستشفى طوخ المركزي، لكن يتم وضع لافتة على جهاز الأشعة أنه لا يعمل ويترك المواطن لاستغلال المراكز الخاصة التي تجري الأشعة التي تتكلف 20 جنيها بـ100 جنيه، وبعد فترة يتم عمل مذكرة بأن الأشعة لا تعمل ويتم وضعها بالمخزن ومنه إلى التكهين وندور في حلقة مفرغة.

من جانبه أشار الدكتور حمدي الطباخ، وكيل وزارة الصحة، إلى أن الأجهزة الموجودة بالمستشفيات تعمل حاليًا بجودة فائقة، وأنه منذ توليه منصبه وهو يراقب بشكل جيد الأجهزة وأوضاع المستشفيات.
الجريدة الرسمية