رئيس التحرير
عصام كامل

انهيار «أهل القمة»


ترك "زعتر" النشل واتجه للعمل في التهريب مكونًا ثروة جعلته من الأغنياء، وهو ملخص قصة (أهل القمة) لنجيب محفوظ التي تحولت لفيلم من إخراج علي بدرخان، لكن رغم براعتهما إلا أن الوقت لم يسمح لهما بتعقب مصير "زعتر" الذي كانت الظروف مهيأة لصعوده مع أمثاله ممن وجدوا أن عليهم تأكيد مكانتهم الجديدة من خلال الابتعاد عن أماكن تواجد أصدقائهم القدامى من النشالين مع مشاركة أهل القمة القدامى في نواديهم ومناطق سكنهم ومصاهرتهم إذا أمكن.


مرت السنوات وتبدلت الأحداث ونشأت أجيال تشبه طلاء جديدا فوق مبنى متهدم بلا ثقافة قادرة على إعطائه شكل مميز أو علم يُكسبه أساسا سليما لذا اكتفى "زعتر" بتبديل اسمه والحصول على مظاهر المجتمع الجديد دون التفهم الكافي لثقافته.

أفقدته السيارة الفارهة اللياقة التي كان يتمتع بها نتيجة هروبه المستمر من مطاردات البوليس، أما منزله فقد قرر أن يختاره داخل "كمبوند" مغلق أسوة بآخرين احتموا داخل الأسوار من سلبيات مجتمع شارك بعضهم في إفساده أما الضابط الذي طالما طارد "زعتر" وزملاءه المجرمين فقد أسعده الآن أن يتقاعد ليعمل في وظيفته الجديدة كمدير أمن "الكمبوند"، حيث أصبح يتقاضى راتبه من "زعتر" بك شخصيًا.

كانت ثروة "زعتر" هي البوصلة التي أعطته الإحساس الزائف بالقدرة على التدمير دون عواقب، ومع اختلاطه بشرفاء أهل القمة ممن جمعوا ثرواتهم بالجد والعمل، لم يعد مستغربًا أن نسمع الآن عن جرائم في الحي الهادئ داخل الأسوار المحرمة بعد أن أصبحت تضم بداخلها بعض الأشخاص الأشد خطورة من المتواجدين داخل السجون.

منذ أيام حملت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية أنباء هجوم بلطجية بزعامة "زعتر" آخر على فيلا جيرانهم في "كمبوند" راقي بعد أن تحولت مشادة بسيطة بين الجيران إلى اعتداء بالضرب وإطلاق الأعيرة النارية.. وبينما اعتقد البعض بالخطأ أن بناء الأسوار كافِ للحماية من الطبقات الأقل اجتماعيًا فإن المؤكد أن العدالة وتطبيق القانون هي الأنسب للجميع حتى لا تنهار الأسوار ونبدأ جميعًا في إطلاق الأعيرة النارية.
الجريدة الرسمية