رئيس التحرير
عصام كامل

محفوظ عبد الرحمن.. وداعا «جبرتي» الدراما العربية!


المبدع فرز استثنائي في محيطه وبين الناس.. في حياة الأمم وفي لحظات معينة فيها يكون الفرز متدفقا والإبداع يستوعب حالة التقدم العامة التي عليها الوطن والشعب.. وفي حالات أخرى نبحث بملقاط عن مبدع هنا أو آخر هناك أو نترك للصدفة أن تقدم ما تمن به على المجتمع.. ويبقى أبدعهم على الإطلاق هم من تمتد جذورهم لتربة أخرى غير التي يعيشون فيها، وساروا بإبداعهم عكس التيار.. لكنهم نجحوا وبشكل باهر!


هذه السطور السابقة تنطبق تماما على محفوظ عبد الرحمن.. ابن التجربة الناصرية المنتمي لها الذي ولد قبلها وشب في عصر غيرها، ثم شاب في عصر آخر ولم ينتمِ لكليهما.. وسار ضدهما.. وكتب مستلهما التاريخ ليتحدث عن الواقع بالدروس والعبر.. بالتلميح مرة وبالتصريح مرات ومرات!

وعندما يكتب كاتب منفردا عن "الزير سالم " وعن "سليمان الحلبي" و"عنترة" و"ليلة سقوط غرناطة" و"بوابة الحلواني" و"ناصر 56" و"القادسية" و"كوكب الشرق" و"حليم" و"بلقيس" و"السندباد البحري" فيمكن وصفه وبحق "جبرتي" الدراما العربية بلا منازع، كما استقر اسم عبد الرحمن الجبرتي صاحب "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" كأشهر مؤرخ عرفته مصر والمصريون والمنطقة!

قيمة الكاتب ليس فقط في وعيه وثقافته إنما قدرته على الإضافة أيضا.. هذه القدرة على الإضافة هي الإبداع بعينه.. وبلا ضجيج وبلا إسفاف حتى على سبيل الاستثناء أو الخطأ.. وكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.. إلا أنه حتى بهذه الفلسفة لم يفعل.. وقدم مسيرة نظيفة من العطاء تضعه وعن جدارة في منزلة عليا بين أصحاب الإسهامات المهمة في الكتابة الدرامية العربية بكافة أشكالها من المقال للمسرح ومن التليفزيون للسينما ومن الكتاب إلى الإذاعة في مسيرة عطاء متميزة سجلت لنفسها وبنفسها تاريخا مجيدا وبحروف من نور!
رحم الله محفوظ عبد الرحمن..
الجريدة الرسمية